حظر تيك توك في الولايات المتحدة الأمريكية أصبح قضية جدلية تشغل الرأي العام، فخلال أقل من عقد، انتقل التطبيق من كونه منصة ناشئة في الصين إلى ظاهرة عالمية غيرت مشهد التواصل الاجتماعي، مستقطبًا ملايين المستخدمين بمحتواه المبتكر، لكن مع هذا النجاح، برزت تحديات أمنية وقانونية دفعت الولايات المتحدة إلى النظر في حظر تيك توك، باعتباره تهديدًا محتملاً للأمن القومي، وبين قرارات الحظر والمساعي لإنقاذ التطبيق، لا يزال تيك توك في صلب النقاشات العالمية.
نبذة عن تطبيق تيك توك
بدأت القصة في عام 2012 عندما أسس “وانغ يي مينغ” شركة “بايت دانس” في الصين، والتي أطلقت أول تطبيق لها “Douyin” لإنشاء ومشاركة مقاطع الفيديو القصيرة داخل السوق الصيني، ومع نجاح التطبيق قررت الشركة في عام 2017 التوسع عالميًا لبدء مغامرة جديدة، وفي 2018 استحوذت “بايت دانس” على تطبيق “Musical.ly”، الشهير بين المراهقين في الولايات المتحدة الأمريكية، ودمجته مع “Douyin” تحت اسم تيك توك، مستهدفة فئة الشباب، مع توفير أداة سهلة لإنشاء مقاطع فيديو قصيرة، حقق تيك توك نجاحًا سريعًا، إذ بلغ عدد مستخدميه 500 مليون بنهاية 2018، وأصبح الأكثر تحميلًا على متجر “App Store”.
تحديات تيك توك في الولايات المتحدة
واجه تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة تحديات قانونية وأمنية مستمرة منذ إطلاقه، تضمنت قضايا تتعلق بانتهاك خصوصية الأطفال، وجمع البيانات دون موافقة المستخدمين، والمخاوف بشأن نقل المعلومات للحكومة الصينية، ورغم شعبيته الهائلة، تعرض التطبيق لغرامات وتحقيقات متكررة من لجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل، بجانب محاولات حكومية بحظر تيك توك في الولايات المتحدة أو إجبار الشركة الأم، “بايت دانس”، على بيعه، تصاعدت الخلافات إلى المحكمة العليا، حيث دارت النقاشات حول الأمن القومي وحرية التعبير، مما وضع مستقبل التطبيق في الولايات المتحدة أمام خيارين: البيع الإجباري أو الإغلاق الكامل.
قرار المحكمة العليا بشأن حظر تيك توك في الولايات المتحدة
في 17 يناير، أقرت المحكمة العليا الأمريكية قانونًا يحظر تيك توك لأسباب تتعلق بالأمن القومي، مما عجّل بخطر إغلاق التطبيق خلال 48 ساعة، وترك مصيره معلقًا بقرار الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي وعد بالتدخل بعد توليه المنصب رسميًا، القانون، الذي نال دعمًا واسعًا من الحزبين ووقّعه الرئيس بايدن، واجه اعتراضات لاحقة من مشرعين رغبوا في استمرار عمل التطبيق. وقدمت تيك توك وشركتها الأم “بايت دانس”، إلى جانب عدد من المستخدمين، طعنًا على القرار، لكن المحكمة رفضته. وعلق ترامب على منصة “تروث سوشيال” قائلًا إن القرار كان متوقعًا، وإنه سيُعيد النظر في الأمر قريبًا.
وقف تيك توك في الولايات المتحدة وعودته للعمل
توقف تطبيق تيك توك مؤقتًا عن العمل في الولايات المتحدة مساء السبت، بعد سحبه من متجري “أبل” و”جوجل” وتعطيل خدمته عبر الإنترنت، نتيجة غياب ضمانات من إدارة الرئيس جو بايدن بشأن مستقبل التطبيق، وظهرت رسالة للمستخدمين توضح أن حظر تيك توك في الولايات المتحدة بات وشيكًا، مع تلميح إلى تعاون محتمل مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب لإيجاد حل، وفي اليوم التالي، أعلن تيك توك عودة الخدمة بعد تأكيد ترامب عزمه السماح باستمرار التطبيق عقب تنصيبه، مشيرًا إلى التوصل إلى اتفاق مع مزودي الخدمات، وشكر في بيانه ترامب على دعمه، موضحًا أن استمرار الخدمة يخدم 170 مليون مستخدم ويدعم أكثر من 7 ملايين شركة صغيرة في الولايات المتحدة.
محاولات انقاذ حظر تيك توك في الولايات المتحدة
وسط تصاعد الأزمة بحظر تيك توك ظهرت عدة محاولات لإنقاذ التطبيق من الإغلاق، حيث يمنع القانون عرضه في متاجر التطبيقات، مع فرض غرامات قد تصل إلى 5000 دولار لكل مستخدم يستمر في الوصول إليه، ورغم أن القانون لا يُجبر شركة ByteDance على إغلاق المنصة، فإن توقف الدعم التقني قد يكون السبب في تعليق الخدمة، في ظل غياب توضيح رسمي من الشركة حول خطواتها القادمة، وفي محاولة لحل الأزمة، تقدمت شركة Perplexity AI بمقترح لدمج أعمالها مع فرع تيك توك في الولايات المتحدة دون الاستحواذ على خوارزميته، فيما أبدى عدد من المستثمرين اهتمامهم بشراء التطبيق، من بينهم كيفن أوليري والملياردير فرانك ماكورت الذين قدموا عرضًا بقيمة 20 مليار دولار، إلى جانب جهود وزير الخزانة السابق ستيفن منوشين لتشكيل تحالف استثماري مماثل.
