
يشغل مشروع قانون الإيجار القديم مساحة كبيرة من اهتمامات الملايين في مصر، سواء من الملاك أو المستأجرين، نظرًا لتأثيره المباشر على العلاقة التعاقدية بين الطرفين، يعود هذا القانون إلى عقود ماضية، حين تم تثبيت قيمة الإيجارات لحماية المستأجرين في ظل ظروف اقتصادية صعبة، إلا أن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية فرضت ضرورة تعديله لتحقيق التوازن بين حقوق الملاك واحتياجات المستأجرين، وفي السنوات الأخيرة، اتجهت الحكومة والبرلمان المصري إلى مراجعة هذا القانون، حيث تم إصدار تشريعات تخص الوحدات غير السكنية، فيما لا تزال المناقشات مستمرة حول الوحدات السكنية لضمان تحقيق العدالة لكافة الأطراف.
التعديلات الجديدة في قانون الإيجار القديم 2025
شهد مشروع قانون الإيجار القديم تعديلات جوهرية تهدف إلى إعادة تنظيم العلاقة بين الملاك والمستأجرين، ومن أبرزها:
تنص المادة (1) من مشروع القانون على سريان أحكامه على الأماكن المؤجرة للأغراض السكنية، وكذلك الأماكن المؤجرة للأفراد الطبيعيين لغير غرض السكن، وفقًا لأحكام القانونين رقم 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981، وبموجب المادة (2)، تصبح القيمة الإيجارية للأماكن المؤجرة للسكن (عشرين ضعف) القيمة القانونية السابقة، على ألا تقل عن:
- 1000 جنيه شهريًا في المدن والأحياء.
- 500 جنيه شهريًا في القرى المشمولة بأحكام القانونين رقم 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981، أما المادة (3)، فتحدد القيمة الإيجارية للأماكن المؤجرة لغير أغراض السكن بخمسة أمثال القيمة القانونية السارية، وفق المادة (4)، تزداد القيمة الإيجارية بنسبة 15% سنويًا، مما يضمن تعديل الإيجارات بشكل دوري لمواكبة التضخم والتغيرات الاقتصادية.
مدة انتهاء العقود وآلية الإخلاء
تنص المادة (5) على انتهاء عقود الإيجار بعد خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون، إلا إذا تم الاتفاق بين الطرفين على إنهائها قبل ذلك، وبموجب المادة (6)، يلتزم المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار بإخلاء الوحدة في نهاية المدة المحددة، إلا في حال الاتفاق على غير ذلك، وفي حالة الامتناع، يحق للمالك التقدم بطلب طرد أمام قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة، دون الإخلال بحق التعويض.
أولوية المستأجرين في الحصول على وحدات جديدة
وفق المادة (7)، يتم منح المستأجرين الذين انتهت عقودهم أولوية للحصول على وحدات سكنية أو غير سكنية بالإيجار أو التمليك من الوحدات المتاحة لدى الدولة، وفقًا لضوابط يحددها رئيس مجلس الوزراء، كما يتوجب على وزير الإسكان إصدار قرار بإنشاء بوابة إلكترونية لتلقي طلبات المستأجرين خلال ثلاثة أشهر من إنشائها، لتسهيل الإجراءات المتعلقة بالحصول على وحدات جديدة.
إلغاء القوانين السابقة وموعد التنفيذ
تنص المادة (8) على إلغاء القوانين المنظمة لعقود الإيجار القديمة، ومنها القانون رقم 49 لسنة 1977 والقانون رقم 136 لسنة 1981، وذلك اعتبارًا من مرور خمس سنوات على بدء تنفيذ القانون الجديد، ووفق المادة (9)، يتم نشر القانون في الجريدة الرسمية ويبدأ العمل به في اليوم التالي لتاريخ نشره.
تأثير التعديلات على السوق العقاري
من المتوقع أن تؤدي هذه التعديلات في قانون الإيجار القديم إلى تغييرات كبيرة في السوق العقاري المصري، حيث ستساهم في:
- تحرير العقارات المغلقة، تشير البيانات إلى أن أعلى نسب للوحدات الخاضعة لقانون الإيجار القديم تتركز في محافظتي القاهرة والإسكندرية، ومن شأن تطبيق القانون الجديد في حالة الموافقة عليه، أن يسهم في إعادة ضخ هذه الوحدات في السوق العقاري.
- تحقيق العدالة بين الملاك والمستأجرين حيث يسعى القانون إلى تحقيق توازن بين حقوق الطرفين، سيتمكن الملاك من الاستفادة من عقاراتهم، بينما سيحصل المستأجرون على فرص جديدة للسكن بأسعار عادلة.
- تحفيز الاستثمار العقاري لأن مع تحرير الإيجارات القديمة، سيزداد الإقبال على الاستثمار في العقارات، مما يعزز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة.
الجدل حول مشروع القانون وآراء الخبراء
تباينت آراء الخبراء حول التعديلات الجديدة، حيث يراها البعض خطوة إيجابية نحو تنظيم السوق العقاري، بينما يحذر آخرون من تداعياتها المحتملة على المستأجرين محدودي الدخل، أبرز التحديات تشمل:
- ضرورة توفير حلول بديلة للمستأجرين الذين قد يواجهون صعوبة في العثور على سكن جديد.
- أهمية وضع آليات واضحة لتنفيذ القانون وضمان عدم استغلاله من قبل بعض الأطراف.
- الحاجة إلى حملات توعية لضمان فهم المواطنين للتعديلات الجديدة وكيفية التعامل معها.
يمثل تعديل قانون الإيجار القديم نقطة تحول مهمة في السوق العقاري المصري، إذ يسعى لتحقيق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين، مع توفير حلول بديلة لمنع حدوث أي أزمات سكنية، ومع بدء تطبيق القانون، سيكون من الضروري متابعة تأثيراته والتأكد من تنفيذها بطريقة تضمن الفائدة للجميع.