
في تحول تاريخي يفتح أبوابًا جديدة أمام الاستثمار الأجنبي داخل المملكة، أصدر مجلس الوزراء السعودي قرارًا طال انتظاره، يقضي بالسماح بتملك غير السعوديين للعقار في السعودية، بما يشمل حتى بعض المناطق التي كانت محظورة سابقًا مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة، وذلك وفق شروط وضوابط دقيقة، ويأتي القرار ضمن خطوات متسارعة تتخذها الحكومة لتعزيز النمو الاقتصادي وتنشيط السوق العقاري، في إطار مستهدفات رؤية السعودية 2030، مع التأكيد على حماية التوازن العقاري وعدم الإضرار بمصالح المواطنين، ويشمل القرار تفاصيل تنظيمية دقيقة تُحدد الشروط المطلوبة لتملك غير السعوديين للعقار، ونوعية العقارات المسموح بتملكها.
نقلة نوعية في سوق العقارات
قرار تملك غير السعوديين للعقار الذي صدر رسميًا خلال جلسة الحكومة يوم الثلاثاء، أثار اهتمامًا واسعًا داخل المملكة وخارجها، خاصة أنه يُعدّ فتحًا جديدًا في ملف الاستثمار العقاري للأجانب في المملكة، ويعكس ثقة الحكومة في قوة السوق المحلي وقدرته على استيعاب تدفقات استثمارية أجنبية دون الإضرار بالمواطن أو بالمنظومة العقارية الوطنية.
ما أهداف القرار؟ ولماذا الآن؟
بحسب وزارة الاستثمار السعودية، فإن الهدف من هذه الخطوة هو رفع كفاءة الأنظمة والإجراءات المتعلقة تملك غير السعوديين للعقار، وجذب رؤوس الأموال العالمية للمساهمة في تطوير المناطق الاقتصادية المستهدفة، بما يشمل مكة المكرمة والمدينة المنورة، وجاء القرار استنادًا إلى استطلاع للرأي أجرته الجهات المختصة في أبريل الماضي، ما يعكس شفافية الحكومة وتفاعلها مع المجتمع المحلي والدولي.
تصريح رسمي: التوازن هو الأساس
وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، ماجد الحقيل، أكد عبر منشور له على منصة “إكس”، أن الخطوة الجديدة ستُسهم في تعزيز جاذبية السوق العقاري ورفع جودة المعروض، مع الحفاظ على التوازن بين العرض والطلب، بما يتماشى مع مستهدفات الرؤية الوطنية.
النظام السابق.. ماذا كان يمنع؟
النظام القديم، الذي صدر عام 2000، كان يقيّد تملك الأجانب للعقارات في السعودية بشروط محددة، من أبرزها أن يكون المستثمر الأجنبي حاصلًا على ترخيص بمزاولة نشاط اقتصادي أو مهني داخل المملكة، كما كانت مكة المكرمة والمدينة المنورة مناطق محظورة تمامًا، باستثناء حالات خاصة مثل الوقف لصالح جهات سعودية وفق ضوابط شرعية صارمة.
من هو “غير السعودي” بحسب النظام؟
نصّت المادة الخامسة من النظام الجديد على تعريف “غير السعودي” على النحو التالي:
- الشخص الطبيعي الذي لا يحمل الجنسية السعودية.
- الشركات غير السعودية.
- الشركات السعودية التي يمتلك أو يساهم فيها شخص غير سعودي، باستثناء:
- البنوك وشركات التمويل العقاري المرخصة.
- الشركات المدرجة في السوق المالية.
- ما يُستثنى بقرارات خاصة من مجلس الوزراء.
شروط تملك غير السعوديين للعقار في السعودية
وفق التعديلات الجديدة، حددت الجهات المختصة شروط تملك العقار لغير السعوديين كما يلي:
- وجود ترخيص ساري المفعول يتيح ممارسة نشاط اقتصادي أو مهني داخل المملكة.
- التزام المستثمر بفترة استثمار لا تقل عن خمس سنوات من تاريخ التملك.
- يُسمح لكل مستثمر بتملك عقار واحد فقط داخل المملكة.
- إمكانية التملك في مكة والمدينة لمدة عامين، قابلة للتجديد مرتين فقط.
- ألا تقل قيمة العقار الاستثماري عن 30 مليون ريال سعودي.
- ضرورة سريان الإقامة القانونية للمستثمر في المملكة.
- موافقة وزارة الداخلية، وأحيانًا وزارة الخارجية حسب الجهة المالكة.
حماية السوق العقاري.. أولوية حكومية
القرار لم يكن مفتوحًا دون قيود، بل جاء مصحوبًا بمجموعة من الضوابط لتملك العقار من قبل غير السعوديين، تضمن استقرار السوق وتمنع ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر. وأكد وزير الإسكان أن مصالح المواطنين كانت حاضرة بقوة في صياغة القرار، لضمان التوازن والعدالة.
تأثير القرار على السوق العقاري
من المنتظر أن يُحدث القرار دفعة قوية في السوق العقاري السعودي، خاصة في ظل الطفرة العمرانية والمشروعات العملاقة مثل نيوم وذا لاين والقدية، وبدأت بالفعل شركات أجنبية في تقديم استفسارات رسمية عن آلية تملك العقارات في السعودية بعد القرار الجديد.
نظرة أخيرة على القرار وتداعياته
مع دخول قرار تملك غير السعوديين للعقارحيّز التنفيذ، تبدأ المملكة فصلًا جديدًا في ملف تملك غير السعوديين للعقار، وهو ما يمثل تحولًا استراتيجيًا مدروسًا يعزز من مكانة السعودية كوجهة استثمارية موثوقة، ومع فرض ضوابط واضحة، يبقى الباب مفتوحًا أمام فرص استثمار ضخمة دون الإضرار بحقوق المواطن السعودي أو السوق العقاري.