
القلوب تودع نجمًا لن يتكر، غيّب الموت المصارع الأسطوري هالك هوجان عن عمر ناهز 71 عامًا، بعد إصابته بأزمة قلبية حادة داخل منزله في ولاية فلوريدا الأمريكية، الرجل الذي صنع مجده فوق الحلبة، وأنقذ اتحاد المصارعة من الانهيار في فترات عصيبة، لم يستطع أن يُنقذ صورته من الانهيار فى المرحلة الأخيرة، هوجان، الذي تحوّل إلى رمز عالمي لجيل كامل من عشاق المصارعة، لم تكن نهايته متوقعة بهذه الطريقة الصادمة، فقد جمع بين الشهرة المدوية، والنجاح الأسطوري، والثراء الطائل، ثم انقلب كل ذلك إلى مواقف مُحرجة علنية، ومواقف أخلاقية أسقطته من قلوب جمهوره.
تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة هوجان
بحسب ما أكدته مصادر صحفية أمريكية، فإن فرق الإسعاف تلقت بلاغًا صباح يوم الخميس عن حالة طبية حرجة داخل منزل المصارع الشهير في مدينة “كليرواتر”، وفور وصولهم، تبين تعرضه لأزمة قلبية أنهت حياته في الحال، وكان قد تم نقله إلى المستشفى قبل أسابيع قليلة بسبب وعكة صحية، ما دفع البعض للتكهن بتدهور حالته منذ تلك اللحظة.
من تيري جين بوليا إلى هالك هوجان.. بداية الأسطورة
وُلد هالك هوجان في أغسطس 1953 تحت اسم “تيري جين بوليا”، ولم يكن يتخيل أحد أن هذا الشاب الطويل القامة والضخم البنية سيتحول لاحقًا إلى نجم المصارعة الأول عالميًا، دخل عالم المصارعة عام 1978، ولم تمضِ سوى سنوات قليلة حتى انضم لاتحاد “WWE”، ليبدأ بعدها في كتابة سطور مجده الخاص، اعتمد هوجان على مظهره اللافت وجسده القوي، ونجح في خلق علاقة استثنائية مع الجمهور، حتى أصبح واحدًا من أكثر الرياضيين شهرة على كوكب الأرض، وصلت شعبيته إلى حد أن الجماهير شكلت روابط تشجيعية باسمه، وأطلقوا على أنفسهم لقب “Hulkamaniacs”، تعبيرًا عن عشقهم اللامحدود له.
لحظة صنعت التاريخ.. رفع أندريه العملاق
في عام 1983، صعد نجم هالك هوجان إلى مستوى جديد تمامًا عندما تمكن من هزيمة المصارع العملاق “أندريه”، الذي كان يزن ما يقرب من 250 كجم، وتمكن من رفعه في الهواء ثم إلقائه أرضًا وسط ذهول الملايين، في لحظة لا تزال تُعد من أيقونات المصارعة الاستعراضية حتى اليوم.
بطل داخل الحلبة ونجم على شاشة السينما
لم يكتفِ هالك هوجان بنجوميته الرياضية، بل قرر اقتحام عالم السينما، ونجح في التمثيل بعدة أفلام سينمائية نال بعضها نجاحًا جماهيريًا، مما ساعد في مضاعفة ثروته التي قُدرت بنحو 30 مليون دولار، ليصبح من أغنى نجوم المصارعة في جيله.
بداية السقوط.. غرور الشهرة وخطايا الماضي
ورغم النجاح المدوي، إلا أن الغرور بدأ يتسلل إلى شخصية هالك هوجان، حتى صرّح علنًا بأنه “لا يخاف من شيء، حتى الوحوش”، لم تمر سنوات قليلة حتى بدأت الصحف تفتح ملفات قديمة حول تورطه في قضايا تتعلق بتعاطي المنشطات، رغم أن نزالات المصارعة الحرة متفق عليها مسبقًا، وبمرور الوقت، تبيّن أن هالك هوجان لم يكن فقط يتعاطى المواد المنشطة، بل كان يبيعها لمصارعين آخرين، وهو ما كشفه أحدهم في شهادة رسمية.
محاولة للعودة.. لكن الجمهور لم ينسَ
رغم ما سبق، قرر اتحاد “WCW” في التسعينيات منحه فرصة جديدة للعودة إلى الحلبة واستعادة الأضواء، واستغل هوجان هذه الفرصة بالفعل، لكنه لم ينجح في محو آثار مواقفه من ذاكرة الجمهور
أزمات شخصية تُثير الجدل في حياة هوجان
ازدادت الأضواء حول حياة هالك هوجان الخاصة، بعدما واجه أزمات عائلية حادة أدت إلى انفصاله عن زوجته، وسط تقارير تحدثت عن توتر في علاقتهما نتيجة سلوكيات شخصية أثارت الكثير من الجدل في الأوساط الإعلامية.
اللحظة الفاصلة: تسريب خاص يقلب صورة هوجان لدى الجمهور
لم تمر سنوات طويلة حتى ظهرت أزمة جديدة غيرت مسار حياته تمامًا، حين تم تسريب مقطع مصور وصفته وسائل الإعلام بأنه “شخصي وحساس”، وانتشر بشكل واسع على الإنترنت، ما تسبب في موجة غضب من جمهوره واعتبره كثيرون تجاوزًا غير مقبول، دفع الكثيرين إلى الابتعاد عنه.
القضاء يمنحه تعويضًا ضخمًا.. ولكن!
سعى هوجان لتصحيح الوضع عبر المحكمة، ورفع دعوى ضد الموقع الذي نشر الفيديو، وحصل بالفعل على حكم بتعويض مالي تجاوز 100 مليون دولار، ثم تم تقليله إلى 30 مليونًا بسبب عدم قدرة الموقع على الدفع، ورغم فوزه قضائيًا، فإن هذه المعركة كلفته أكثر مما عوضته؛ فشركات الإعلانات والرعاية بدأت في فسخ عقودها معه، والجمهور ظل رافضًا لفكرة قبوله مجددًا كرمز أو قدوة.
هل يغفر التاريخ لهوجان؟
سيرة هوجان لم تكن عادية، بل سيرة نجم صنع مجده بيده ثم هدمه بنفسه. فقد حظي بمكانة استثنائية في قلوب الملايين، لكنه فقدها نتيجة أفعال اختارها بمحض إرادته، وبين من يرى فيه أسطورة رياضية، ومن يعتبره مجرد وجه استعراضي غلبه الطمع والشهرة.
يبقى السؤال: هل يغفر له التاريخ، أم يكتفي بتسجيل اسمه على الهامش بعد أن كان في الصدارة؟