أساطير الأولين.. قصص وحكايات من القرآن والتوراة

أساطير الأولين.. قصص وحكايات من القرآن والتوراة

 “وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا.. سورة الفرقان”.

في التوراة قصص وحكايات وفي القرآن أعظم القصص والحكايات.. وفي أساطير الأولين أكمل السواح ما لم ندركه نحن.. إنها أساطير الأولين تلك القصص القرآنية ومكملتها التوراتية.. حكايات إسرائيلية لم نقرأ عنها من قبل وحكايات دنيوية وخلقية ودينية قرأنها بشكل مختلف.

اليوم أتممت قراءة كتاب أساطير الأولين.. القصص القرآني ومتوازياته التوراتية، للكاتب والباحث الميثولوجي السوري فراس السواح.

وقد كانت هذه قراءتي الأولى له؛ ولا أعتقد أنها ستكون الأخيرة، بل ستكون البداية لي مع عظمة أبحاثه ومقارناته للأديان.

ففي كتاب أساطير الأولين..

يقول السواح في مقدمة كتابه: “ينشأ كل دين في بيئة ثقافية معينة تقدم له الخلفية الاعتقادية والميثولوجية، التي يشيد بنيته الجديدة انطلاقا من نقدها وتجاوزها”.

وبأسلوب هادئ وبسيط يبدأ السواح كتابه بسرد وقائع وحكايات مختصرة ومتقنة بشكل جيد عن تاريخ كل من التوراة العبرانية وتاريخ المصاحف الشريفة.

كما يستهل كتابه بعرض الحديث عن النصوص التوراتية وتاريخها، وتاريخ تدوين المصحف والآراء المتعددة حول تجميعه.

ذلك العرض الموضوعي الذي يعد إضافة ثرية لكل قارئ، فكم هو عظيم أن نعرف قصص تجميع الكتب السماوية.

من القرآن الكريم أو التوراة، وكذلك قصص جامعيه، وكيف تقارب كل منهم في حكاياته.

ورغم أن هذه ليست المرة الأولى لي مع كتب مقارنة تاريخ الأديان، لكن المرة الأولى مع ذلك الأسلوب الباهر والعرض الموضوعي لتلك الكتب.

فالكتاب يخلو من أي رأي شخصي، مما يجذبك للقراءة دون إرادة، ويضفي إليك كم هائل من العلم الديني.

أما عن محتواه..

فكما موضح من العنوان، يقدم لنا الكاتب من خلال جزأين مطولين دراسة مقارنة بين قصص القرآن الكريم.

وبين ما يقابله  من التوراة من قصص التراث اليهودي متمثلا في التوراة بأسفاره الرسمية وغير الرسمية.

تلك القصص التي تتجاوز قصة الطوفان العظيم وقصص الرسل والأنبياء، لتشمل مسائل لاهوتية أكثر عظمة وخطورة.

كالبعث والقيامة وقصة الخلق وسقوط كل من الإنسان وإبليس وأخبار الأنبياء.

ليس ذلك فحسب؛ بل يتجاوز ما سبق إلى الأسفار غير القانونية المهمة مثل سفر أخنوخ الأول وأخنوخ الثاني.

بالإضافة إلى عرض حيوات أخرى كحياة آدم وعزرا الرابع وغيرهم، من خلال دراسة مقارنة بين الرواية القرآنية والرواية التوراتية.

ومن ثم يفتح آفاقنا بالتدبر والتفكر حول نقاط عدة في قصص الأنبياء والعباد الصالحين كداوود ولوط وذي القرنين وغيرهم.

ما يؤخذ عليه..

لكن ما يؤخذ على السواح حقا هو استخدامه في العنوان “أساطير الأولين: القصص القرآني ومتوازياته التوراتية” كلمة متوازياته.

فالمتوازيات لا تتقابل ولا تلتقي، إذن كيف سيشترك أو تتقابل أو تتشابه القصص القرآنية والتوراتية.

لذلك كان من الأفضل أن يقول ومتقابلاته التوراتية، بدلا من متوازياته.

لكن الجميل جدا في ذلك الكتاب؛ هو أن السواح استطاع بأسلوب سلس أن يدمج التاريخ القديم بالحديث، بشكل موسوعي أكثر من رائع.

وإذا كانت القصص التوراتية عديدة ولا حصر لها وتشع بحكايات بديعة، فلا يوجد أعظم من القصص القرآني.

وكما جاء في قوله تعالى:

نَحن نَقُص عَلَيكَ أَحْسَن الْقَصصِ بِمَا أَوحَينَا إِلَيك هذَا الْقُرْآنَ وَإِن كنتَ مِن قبْلهِ لَمِنَ الْغافِلينَ.

لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأولي الْألْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْترَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفصِيلَ كُلِّ شَيء وَهُدى وَرَحمَة.