العائلة التي سقطت في بئر الخيانة والجاسوسية.. ما حقيقتها؟
الجاسوسية شيء يحدث عادة في الحروب وفيها يلجأ العدو لتجنيد أبناء البلد الذي يحاربه للتجسس على بلدهم وقواتهم العسكرية.
وقصة اليوم هي قصة العائلة التي تعد من قضايا التجسس من أهم القضايا التي شغلت الأنظمة والشعوب على العموم لما تحتويه من مخاطر ومغامرات أشبه بأفلام الأكشن الهوليودية، واليوم سنسرد لكم قضية تجسس شغلت الرأي العام المصري مدة من الزمن في وقت كانت مصر تمر خلاله بمرحة حساسة و هي مرحلة ما بين الحربين، خصوصا وأن القضية لم تشمل شخص واحد بل العائلة بأكملها تجندت لخدمة الجانب الإسرائيلي . وقد تم تناول هذه القضية عبر الشاشة الفضائية من خلال المسلسل المصري “السقوط في بئر السبع” انتاج عام ١٩٩٤ م .. فتعالوا نتعرف على القصة الحقيقية.
ولد إبراهيم سعيد شاهين سنة ١٩٢٩م وعاش حياته كشخص بسيط، وفي حفل زفاف أحد الأصدقاء تعرف على فتاة تدعى إنشراح موسى وأعجب بها.. و سرعان ما تطورت العلاقة إلى زواج ..
إبراهيم شاهين وزوجته إنشراح
كان إبراهيم يعمل كاتب حسابات بمديرية العريش، ولم يكن راضيا على راتبه الشهري الضئيل أو حياته الفقيرة التي كان يقبع فيها، فقرر خوض غمار الإرتشاء لتحسين مستوى أسرته المعيشي، لكنه سرعان ما سقط في يد الرقابة فزج به في السجن لمدة ثلاثة أشهر مع طرد من الوظيفة و سمعة سئية جدا أمام كل من كان يعرفه و يحترمه.
خرج إبراهيم من السجن وهو يعاني من البطالة في ظروف الحرب التي كانت مصر تمر بها، وكانت العائلة الصغيرة تعاني من الفقر والحاجة .. أثناء ذلك كانت إسرائيل قد اجتاحت سيناء سنة ١٩٦٧م، وكانت بحاجة ملحة لجواسيس مصريين مقابل مبالغ مالية مهمة.
إستطاعت المخابرات الإسرائيلية تجنيد مجموعة من المصريين من بينهم إبراهيم شاهين الذي وكلت إليه في بادئ الأمر مهمة سهلة وهي التنقل إلى بئر السبع وجمع معلومات عن المقاومة المصرية وإرسالها إلى ضباطه الإسرائيليين ونشر الأخبار الكاذبة والنكات الساخرة عن القيادة المصرية .. وقد تلقى عن عمله هذا مبلغ ٢٠٠٠ دولار.
كانت اسرائيل مهتمة بالحصول على أسرار التسليح المصري
تحسنت ظروف معيشة ابراهيم وأسرته كثيرا، فأثار ذلك حيرة زوجته التي طلبت منه الكشف لها عن سر المال، وبالفعل صارحها بسر عمله مع المخابرات الإسرائيلية الموساد، فأعجبت بعمله ولم تستنكره، لا بل طلبت منه أن يضمها إلى خليته التجسسية.
بعد مدة وافقت القيادة في الموساد على ضم إنشراح إلى عملها التجسسي فتم نقل الأسرة إلى القاهرة من أجل جمع معلومات أكثر عن المنشآت الحكومية و العسكرية المصرية.
مما جعل العائلة توطد علاقاتها الإجتماعية مع أسر أصحاب القرار في البلاد.. وخلالها قامت الأسرة بتغطيه نشاطها التجسسي و ثراءها عبر نشاط تجاري أقامته يشمل بيع الملابس و الأدوات الكهربائية للتستر خلفه.
استمر الزوجان في عملهما الإستخباراتي بكل نشاط، وإستطاعا خلال مدة من نسج علاقات قوية مع أسر أصحاب القرار في البلاد، وتمكنوا من خلالهم أن يجمعوا معلومات مهمة عن المقاومة و أسمائهم في سيناء ومدى جهوزية الجيش المصري والأسلحة التي يملكها و معلومات حساسة جدا.
تحسنت أمور الزوجان كثيرا ماديا في سنة ١٩٦٨ م طلب الموساد من الزوجان إبراهيم وإنشراح السفر إلى لبنان، و من هناك إلى روما، حيث ثم تسليمهما وثيقتي سفر إسرائيليتين بإسم موسى عمر و دينا عمر.
بغرض التوجه لإسرائيل للحصول على دورات تدريبية مكثفة تشمل تحديد أنواع الطائرات العسكرية والأسلحة والتصوير الفوتوغرافي وجمع المعلومات العسكرية.
وخلال تلك الرحلة فوجئ كل من إبراهيم بحصوله على رتبة عقيد في الجيش الإسرائيلي وزوجته على رتبة ملازم أول.
وبعد عودة الزوجان من إسرائيل قاما بتوسيع نشاطهما التجاري وإنتقلا إلى مصر الجديدة حيث عملا على ربط علاقات مع ضباط عسكريين و طيارين في الجيش.
وقام الزوجان بتجنيد أبنائهم أيضا لصالح الموساد وطلبوا منهم إنشاء علاقات مع أبناء الضباط و الطيارين و جمع المعلومات و الأسرار العسكرية.
سقوط الأسرة في قبضة المخابرات المصرية
قبل بدء حرب أكتوبر سافر الزوجان إلى إسرائيل عبر أثينا .. خلالها تدربا على إستخدام أحدث جهاز إرسال لاسلكي وتمت مطالبتهم بمعرفة موقف السلطات المصرية من تصعيد موقف الحرب وموعدها ..
عاد الزوجان إلى مصر بعدما وإستطاعت إسرائيل تأمين دخول الجهاز إلى مصر بطريقتها الخاصة حيث باشر الزوج إرسال المعلومات عبره، وإستمر الأمر بشكل إعتيادي إلى أن تعطل أحد مفاتيح الجهاز مم إضطر الزوجة للسفر إلى إسرائيل من أجل الحصول على مفتاح جديد.
وفي تلك الفترة كانت مصر قد إقتنت جهاز متطور عرف بصائد الموجات، وبالصدفة إلتقط الجهاز ترددات موجات الجهاز اللاسلكي المتوفر عند إبراهيم، وأشار الجهاز إلى أن هذه الذبذبات غير العادية تصدر من مصر الجديدة.
فقامت المخابرات المصرية بتعقب تلك الذبذبات حتى عثرت على المصدر. وهو منزل أسرة إبراهيم الذي كان منهمك في إرسال المعلومات السرية اثناء إعتقاله، و كان ذلك سنة ١٩٧٤م.
مصير العائلة
وظلت المخابرات متكتمة على خبر إعتقاله إلى أن وصلت إنشراح من إسرائيل و معها المفتاح الجديد فتم إعتقالها أيضا ..
في نفس السنة حكم على الزوجان بالإعدام و حكم على الإبنان البالغان بالسجن لخمس سنوات بينما زج بالإبنان الآخران في سجن الأحداث.
أعدم رجل العائلة إبراهيم شاهين سنة ١٩٧٧ م وترددت أخبار غير مؤكدة عن إعدام إنشراح، لكن سنة ١٩٨٩ م حصلت إنشراح موسى على عفو رئاسي وبعدها رحلت مع أبناءها إلى إسرائيل التي وفرت لهم الأمان ومنحتهم الجنسية الإسرائيلية كما غيروا ديانتهم من الإسلام إلى اليهوديه .