نشرت مجلة التايمز في أكتوبر 1992 على غلافها في المساحة الخاصة بالمشاهير والسياسيين، صوره لوجه رجل مجهول الاسم توفي منذ ما يقرب من 5000 سنة ولا يعرف عنه شيء. عرف آنذاك بـ أوتزي أو “رجل الثلج” وقد أحدث ضجة كبيرة في الصحافة، وسرعان ما تناولت عشرات الصحف والمجلات والعديد من الكتب موضوع رجل الثلج، بما في ذلك تلك التي نظرت إلى الأمر على أنه خدعه، ولكن معظم العلماء قالوا بأن الأمر حقيقي.
اكتشفت جثة أوتزي أو “رجل الثلج” في سبتمبر 1991 في منطقة تيرولين الألب بين إيطاليا والنمسا، حيث كان الجو صيفاً والشمس ساطعة، وأدى ارتفاع درجة الحرارة إلى ذوبان الثلج والرواسب الموجودة عليه، وهنا ظهرت جثة رجل الثلج Iceman الذي كان مدفون في الثلج لآلاف السنين. وفي تلك الأثناء كانت هناك مجموعة من السياح الألمان يمارسون رياضة التزحلق على الجليد واكتشفوا وجود الجثة، ولو أنهم لم يعثروا عليها في تلك الفترة لكانت الثلوج قد سقطت على الجثة وغطتها واختفت من جديد.
لماذا أحدث اكتشاف رجل الثلج كل هذه الضجة على الرغم من أنه كان بسيطاً في شكله وممتلكاته ومن عصر مجهول للشخص العادي؟! لعل هذا يرجع إلى الكثير من الادعاءات التي ظهرت حول رجل الثلج بأنه أقدم البشر الذي تم حفظهم بشكل كامل، ولكن هذا غير صحيح فالمومياوات المصرية هي الأقدم. وبالنسبة لبعض الأوربيين كان رجل الثلج بالتأكيد أوروبي، وبذلك كان حلقة الوصل بينهم وبين ماضيهم. ومما زاد الأمر اثارة أنه كان رجل عادياً على عكس فراعنة مصر وأباطرة الصين. ربما كان راعياً لا يختلف كثيراً عن رعاة منطقة تيرول اليوم، فهو لم يكن يحمل معه إلا معداته التي يحتاجها في حياته اليومية. وتبين من خلال الملابس والمعدات والأسلحة التي وجدت معه أنه رجل عادي.
كان أوتزي يضع على رأسه قبعة من فراء الدب، ويرتدي سروالا وسترة من جلود الأغنام والأبقار وفراء الوعل مبطناً بالعشب ورداء محاكا من العشب وحذاء من جلد الدب، كما وجد على مقربة من جثته؛ قوس وسهام وفأس نحاسية النصل، وعثر أيضا على سكين من الصوان البيضاء بمقبض رماد، وفأس من النحاس وكان المقبض مصنوع من الطقسوس، وجعبة بها 14 سهم مع الويبرنوم، واثنين من السهام التي تحطمت.
وقد عثر بين مقتنيات أوتزي على التوت، وسلتين من لحاء البتولا، وسلاسل والجلود، ونوعين من الفطر؛ فطر البتولا المضاد للجراثيم، ويرجح انه كان يستخدم للأغراض الطبية، والآخر كان نوع من فطريات صوفان.