أين ذهب الفن النظيف؟!

أين ذهب الفن النظيف؟!

بعد مشاهدة أي عمل فني أو درامي، دائما ما يراودني سؤال واحد فقط، ألا وهو.. أين ذهب الفن النظيف؟!

بداية وقبل البدء في الحديث يجب الإشارة إلى أن الفن النظيف هو الفن الذي لا يحتوي على أية ألفاظ أو مشاهد خادشة للحياء.

ليس هذا فقط بل هو الفن الذي لا يحمل في طياته أي نوع من أنواع العنف أو “البلطجة”.

إضافة لأنه الفن الذي يحمل في مضمونه قضية واقعية يعيشها أفراد المجتمع.

الدراما الحالية..

المتأمل للدراما المصرية حاليا سيجد أن غالبية ما يعرض على شاشة التليفزيون ليس سوى..

أولا، أعمال ترسم صورة مغايرة لواقع شعب كامل..

وإذا تأملنا بعض تلك الأعمال سنجد أنها تناقش مشاكل طبقة غير موجودة في المجتمع سوى بشكل بسيط جدا.

لكن ليست المشكلة في ذلك، بل فيما تقدمه من مضمون، حيث تصور تلك الطبقة كاملة دون أخلاق أو قيم تذكر.

بالفعل يوجد في المجتمع صور لمثل هؤلاء، لكنهم يمثلون نسبة ضئيلة جدا.

ثانيا.. أعمال تناقش مشاكل الطبقة المنعدمة..

ومشكلة هذه الأعمال أنها تنشر العنصرية بين الرجل والمرأة، بشكل غير مباشر، فتلك الأعمال تعطي للرجل الحق في فرض رأيه والتحكم في المرأة لمجرد كونه رجل.

إضافة لتصويرها الرجل في الطبقة الفقيرة دائما “بلطجي”، وأن المرأة دائما ضعيفة، ومغلوبة على أمرها من الرجل.

وأن هذه الطبقة ـ الفقيرة ـ لا يوجد لديها أي نوع من أنواع التحضر أو الرقي.

محاولة إنصاف للدراما..

قد يرى البعض أن ذلك المحتوى ليس حديث على الدراما، بل أنه موجود منذ الأبيض والأسود.

وأن العنف و”الفتونه” موجودين منذ وقت أفلام فريد شوقي ورشدي أباظه، وغيرهم من هؤلاء الفنانين.

ليس هذا فقط، بل أن أيضا دور المرأة المغلوبة على أمرها موجود وظهر جليا في الدراما القديمة، وأن أبرز دليل على ذلك هو شخصية “سي السيد”.

هل هم على حق؟

بالفعل كل من يرى ذلك فهو على حق تماما في أن الدراما والفن القدامى كانوا أيضا يحملون مضمون عنيف.

ما الجديد؟

لكن إذا لاحظنا الفرق بين الواقعين والحياة في الزمنين سنجد أن..

الأفلام القديمة فعلا كانت تجسد الواقع الحقيقي، لأن بالفعل حينها كان موجود على أرض الواقع مبدأ سي السيد بين الأزواج، وأيضا كان موجود “الفتوة”.

والمتأمل لروايات نجيب محفوظ، والتي كانت كلها ترسم صورة لواقع الحارة المصرية، سواء تم تحويلها لعمل فني أم لا..

سيجد أن شخصية الفتوة وشخصية سي السيد دائما موجودين.

ورغم ذلك فتلك الأعمال كانت تقدم دائما صورة للصراع بين الخير والشر، والذي ينتصر فيها الخير في النهاية.

لكن الآن فغالبية الأعمال ترسم صورة الصراع بين الشر والشر المطلق.

لذلك، فوجود مثل ذلك المحتوى ما هو إلا تضليل للعقول، لأن ذلك ليس الواقع.

فالواقع المعاش حاليا فيه تحرر فكري كبير للمرأة، سواء محجبة أو غير محجبة، وليس كل البشر تجار مخدرات أو سلاح، كما تجسد الدراما.

أما العنف والبلطجة فهي موروثة من الأعمال الحديثة.

لأن قديما كان هناك نوع من الرقابة سواء على الأطفال من قبل ذويهم، أو على الأعمال نفسها، لكن الآن الكل مشغول.

ختاما..

قد يجد البعض أن كل ذلك ليس مبرر، وأن كل الأعمال سواء قديمة أو جديدة تحمل في طياتها نفس مضمون العنف وضعف المرأة.

لكني لازلت أرى أنه حتى إن تشابهت في مضمونها أحيانا كما يزعم البعض، إلا ستظل الأعمال القديمة بريئة من نشر الألفاظ الخادشة للحياء.

هبة معوض تكتب.. من المسؤول؟!