الإنسان والمجهول في عالمه (1)

الإنسان والمجهول في عالمه (1)
الإنسان والمجهول في عالمه

الإنسان والمجهول في عالمه.. لا يوجد شيء اسمه “الجنس البشري” في تصنيف كائنات وموجودات الطبيعة. فالمخلوقات إما حيوان أو نبات أو جماد. على الرغم من ذلك، نرى الإنسان مختلفًا عن سائر فصيلة الحيوانات في أمورٍ عديدة أهمها اختلاف لغاته وسماته وطقوس حياته وولاءاته ومعتقداته وانتماءاته وأشياء أخرى. ومن ثم، يمكن القول إن الجنس البشري فكرة أفلاطونية ترسخت في أذهاننا وباتت شائعة في في كتبنا. لكن ذلك كله يتألف ويقوم على استنتاجات واستخلاصات عكف على دراستها علماء الأحياء، وعلماء النفس وعلماء الاجتماع، وسمات تطرق إليها علماء كونيون.

الإنسان والمجهول في عالمه
الإنسان والمجهول في عالمه لا حد له

المناهج التجريبية والعوالم التي نعيش فيها

في ذات الوقت، تحدد المناهج التجريبية الناظرة في الحقائق الحسية والملموسة مدى التطور والتقدم الحاصل في القوالب والأشكال، والأفكار والعلوم الكونية. إنها مناهج تسهم بشكلٍ متواصل في إثراء هذه الأطروحات الفكرية، لأن دراسة قطاعات وأطياف شتى من الأفراد تطور وتقدم علومًا أكثر وأكثر تكاملًا وشمولًا عن الكائن البشري. فالأفكار تتحرك وتتمدد، لا تبقى جامدةً قانعةً بجمال ما توصلت إليه، حسب رأي أفلاطون، بمجرد أن تغوص عقولنا في مياه الحقيقة التجريبية المتدفقة دائمًا دون توقف.

إننا نعيش في عالمين مختلفين. ما هما؟ إنهما عالم الحقائق وعالم الرموز المتعلقة بها. فإذا كنا نريد معرفة أحوال نفوسنا، فإن علينا أن نستعين بكلٍ من الملاحظة وخلاصة الاجتهادات والنظريات العلمية. لكن، قد تجافي النتيجة المستخلصة الصواب إذا ما قيست على الواقع الملموس. عندها، يتم التعامل مع الحقائق كرموزٍ ويكون الفرد أشبه ما يكون بالذات البشرية. ومن هنا تأتي أغلب الأخطاء التي يقع فيها المعلمون، والأطباء وعلماء النفس من اللبس القائم في هذه الأمور. ومن ثم، تقع المسئولية عن هذا هذا اللبس على العلماء الذين تعلقوا بأستار الميكانيكا، والكيمياء، والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء؛ دون درايةٍ بالفلسفة، والثقافة الفكرية، لأنهم بفعلهم هذا أسهموا في خلط مفاهيم القواعد والمفاهيم المختلفة ولم يميزوا بشكلٍ واضحٍ بين العام والخاص.

فهم حقيقة الإنسان

إذا أردنا فهم حقيقة الإنسان، فإن من الأهمية أن نقدم تعريفًا دقيقًا للكائن البشري وتكوين الفرد. وعندها، يجب أن ننأى بأنفسنا عن أخطاء السابقين الذين قصروا تركيز علوم التربية، والطب و الاجتماع على الفرد. لماذا؟ لأن هذا يعني تحميل رواد هذه العلوم جرم ارتكاب خطأٍ كارثي عند تعاطيهم مع الإنسان كرمزٍ فقط، أو ككائنٍ بشري. وفي الحقيقة، يمكن نفي الفردية باعتبارها سمةً أساسية من سمات الإنسان، لكنها ليست مجرد عاملًا مميزًا للكائن الحي؛ حتى وإن سرت في كياننا كله.

وبالبناء على ما تقدم، يمكننا القول إن كيان الإنسان وسماته الجمعية أهم ما يجعله حدثًا فريدًا في تاريخ هذا العالم. لذلك، يجب أن نفكر ونبني الحكم بعد تفكيرً ونظرٍ في العام وليس الخاص. يعني ذلك أن ندقق ونفكر في الجوانب والسمات العضوية والنفسية والعقلية للفرد، بدلًا من حصر الفرد في تفرده ووحدانيته. وختامًا، يجب أن نقر ونعترف إن الإنسان حيوانٌ مميز من فصيلة الحيوانات، وكلمة الجنس البشري لا تعني تصنيفًا وإنما تعظيمًا لهذا الكيان الذي كرمه الله وفضله على كثيرٍ مما خلق تفضيلا.