محطات في حياة الشيخ محمد الشعراوي
الشيخ محمد الشعراوي إسم كثيرًا ما تردد على أسماع وأذهان الشعب المصري مسلميه ومسيحييه وعلى كافة أرجاءالوطن الإسلامي
والشيخ محمد الشعراوي بالنسبة للشعب المصري والعربي ليس مجرد شيخ مُجدد ومُفسر للقرآن الكريم ولكنه جزأ لا ينفصل من نسيجه.
فهو ذكرى لا تُنسى لكل بيت وصوته المميز وأحاديثه له نصيب ليس باليسير من ذكريات جيل بأكمله ربط تردد حلقات الشيخ محمد الشعراوي بِرُوتين يوم الجمعة المُقدس ورمضان المُعظم عند كل المصريين.
سنحاول خلال مقالنا هذا تسليط الضوء على الشيخ الجليل وعلى أجزاء من حياته لا يعرفها الكثيرون.
الشيخ محمد الشعراوي
ولد الشيخ محمد الشعراوي في قرية تُسمى دقادوس في عام ١٩١١ وهي قرية صغيرة من إحدى قرى ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وأتم حفظ القرآن الكريم في سن ١١ عام ثم التحق بالتعليم الأزهري.
نشأته البسيطة جعلته قريب من الناس فجعلك تشعر كأنه فرد من أفراد أسرتك وذلك للطف حواره وبساطته وقربه من جميع الثقافات.
كان محبوب من زملائه حتى أنهم انتخبوه رئيس لاتحاد الطلاب، أصر والده على أن يُكمل دراسته الثانوية في القاهرة وكان هو يرغب في العمل في الأرض مع إخوته.
وفي حركة لطيفة لشيخنا الجليل للهروب طلب من والده عدد كبير من أمهات الكتب حتى يشعر الوالد بالعجز ويقلع عن فكرة إكمال ولده الدراسة في القاهرة.
ولكنه فهم ما يرمي إليه واشترى له ما أراد وأخبره بأنه كان على علم بما كان ينويه.
إالتحق الشيخ محمد الشعراوي بكلية اللغة العربية، والتي لم يكن فيها مجرد طالب نجيب وقاريء جيد لكتب الشريعة.
وإنما كان شاعر لا يُشق له الغبار وكثيرًا ما تنافس مع زملائه في ارتجال أبيات الشعر، واشتهر بينهم بخفة ظله وقبوله عند كل من يعرفه.
مناصب الشيخ الشعراوي
بدأ الشيخ محمد الشعراوي سلم الحياة الوظيفية مثل الغالب من الناس من بدايته، فقد بدأ حياته مدرس بمعهد طنطا ثم اسكندرية ثم الزقازيق.
عمل بعدها وكيل لمعهد طنطا، ثم تولى منصب مفتش للعلوم العربية في الأزهر الشريف.
والجدير بالذكر أن الشيخ الجليل كانت أحواله المادية بسيطة جدًا كل هذه المدة، حتى أرسلته الدولة المصرية في بعثه كمدرس للشريعة في جامعة الملك عبد العزيز.
وعلى الرغم من دراسته لعلوم اللغة إلا أنه قام بمهمته في تدريس الشريعة على أكمل وجه.
وبسبب الخلاف الذي حدث بين الرئيس عبد الناصر وملك السعودية في هذا الوقت، فقد أمر بعودته إلى مصر ليتقلد منصب مدير مكتب شيخ الأزهر في هذا التوقيت وكان الشيخ حسن مأمون.
ثم بعد ذلك يختاره الملك عبد العزيز كرئيس لقسم الشريعة في جامعة الملك عبدالعزيز.
ثم نصل إلى آخر محطات مناصب الشيخ محمد الشعراوي وهو أن تم اختياره وزير للأوقاف في عهد الرئيس السادات.
ولكنه مالبث أن قدم استقالته بشكل سريع وسط عجب الجميع وقتها فهو من أقصر من جلس على مقعد الوزارة وكأنه له قلبًا يرفض زُخرف المناصب وزينتها.
مواقف خالدة للشيخ
كان لا يخشى في الله لومة لائم ولا يرضى إلا بقول الحق، فعندما كان أستاذ الشريعة في السعودية كان الملك اتخذ قرار بنقل حجر إبراهيم وذلك لتوسعة الحرم.
وكان يعلم أن هذا الأمر مُحرم فأرسل برقية للملك يشرح وجهة نظره فما كان منه إلا أن أخذ بها.
كان صاحب آراء متنورة ومُناصر للفن الهادف البناء، فقيل عن لسانه أنه قال أن الفن مثل السكين قد تقطع بها الفاكهة والخضار وقد تقتل بها.
وفي موقف للفنانة شادية أن ذهبت له تسأله عن مالها فأخبرها أنه حلال فتأخذ ما يكفيها للعيش الحلال وتتصدق بالباقي.
وفاة الشيخ
توفى الشيخ محمد الشعراوي في يونيو عام ١٩٩٨ وتم دفنه في بلدته دقادوس بعد أن عانى لفترة من أمراض الحساسية والربو.
حتى أن أقل تلوث كان يتعرض له كان يجعله يشعر بالمرض لمدة لا تقل عن عشر أيام.
وكانت آخر رحلاته قبل وفاته بثلاث أشهر رحلته لتسلم جائزة من حاكم الإمارات وعلى الرغم من مرضه الشديد، فقد أصر على الذهاب بنفسه لتسلم الجائزة وذلك تقديرًا لمانحيه إياها.
فشعر هناك بالتعب الشديد ويطلب من المسئولين هناك بالعودة إلى مصر، على الرغم من تجهيزهم طائرة لنقله إلى لندن أو أمريكا للعلاج.
إلا أنه قابل ذلك بالرفض الشديد وطلب العودة إلى وطنه لتغرب شمسه على أرضه وقد شيعه جميع أبناء الشعب حيث أقيمت له جنازات رمزية في جميع بقاع مصر حبًا وتقديرًا له.
الشيخ محمد الشعراوي ليس مجرد عالم إنما هو حاله وجزء من وجدان كل منا، فتوقيره وتبجيله حتى عند الاختلاف معه واجب على كل مصري.