الغموض في حقيقة فرعون موسى بين الواقع والخيال !

الغموض في حقيقة فرعون موسى بين الواقع والخيال !

 

مقال بقلم : د. مختار القاضي

مراجعة : جيهان الجارحي

 

 

 

انتشرت الكثير من الآراء حول حقيقة فرعون نبي الله موسى – عليه السلام – فكان للكثير من العلماء آراء مختلفة حول حقيقة هذا الفرعون ، الذي حير العديد ممن يسعون لمعرفة حقيقته ، والربط بينها وبين ما ذكر عنه إما في القرآن الكريم أو في التوراة . فالحضارة الشهرى في العالم لا تزال تخفي الكثير من الألغاز التي لا يعرفها أحد حتى الآن ، ومنها : من هو الفرعون الذي عاصر سيدنا موسى ؟! .
أتى القرآن الكريم باسمه وهو فرعون ، والبعض يقول إنها صفته ، أي أن فرعون هو حاكم مصر .

 

 

 

وتعددت الآراء حول هذا الفرعون ، فالعالم والفيلسوف اليهودي الشهير “سيجموند فرويد” الذي أكد أن فرعون موسى هو الملك توت عنخ آمون ، وأن النبي موسى – عليه السلام – ليس من بني إسرائيل ، وأنه مصري ، والأغرب من ذلك قوله ، إن النبي موسى كان أميرا مقربا من الفرعون إخناتون ، وإنه عندما لم يتسلم مقاليد الحكم في مصر – كما كان يخطط – تزعم بني إسرائيل مستغلا الضعف الذي أصابهم بعد وفاة إخناتون . تسلم توت عنخ آمون الحكم ، وتزعم المصريين وهرب ببني إسرائيل إلى سيناء ، في خروج وصفه بالسلمي بعد أن تم خداع الفرعون .

 

 

 

 

وهذا الرأي تجاهل الكثير من الحقائق ، ألا وهي أن النبي موسى من بني إسرائيل وليس مصريا ، وإن كان قد تربى في قصر الفرعون . والحقيقة الثانية أن الفرعون إخناتون عرف بطبيعته المسالمة ، بما لا يتفق مع واقع التعذيب الذي تعرض له بنو إسرائيل ، أما الحقيقة الثالثة من فرضية أن الخروج كان سلميا ، وهو يتعارض مع حقيقة دينية ، وهي أن موسى وبني إسرائيل تمت ملاحقتهم من جانب فرعون وجنوده ، والذي كان مصيره الغرق ، في حين أن مومياء توت عنخ آمون تثبت أنه مات مقتولا بضربة على الرأس وليس غرقا . أما الاسم الثاني الذي تم طرحه ، فهو الفرعون رمسيس الثاني ، حيث لاقت هذه النظرية تأييد الكثيرين ، على أعتبار أن نبي الله موسى – عليه السلام – عاش في الدولة الحديثة ، أي بعد انتهاء حكم الهكسوس وموقع عيش اليهود آنذاك ، أي في أرض جاثان عاصمة حكم الملك رمسيس الثاني الجديدة في الشمال ، والتي تتيح التقاط نبي الله موسى من النهر .

 

 

 

هذا ، وقد أكدت نتائج دراسات أجريت على مومياء رمسيس الثاني دليلا على صحة هذه النظرية ، التي أثبتت أن الملك رمسيس الثاني قد مات بأسفكسيا الغرق ، أي الاختناق الناتج عن الغرق ، كما تم العثور على بقايا بعض الأعشاب البحرية بداخله ، بما اعتبره البعض دليلا على موته غرقا في البحر كما أشار الله تعالى إلى ذلك . وقد اعترض البعض على هذه القصة ؛ استنادا إلى ما جاء في سفر الخروج من أن رمسيس الثاني مات ، وتولى ابنه مرنبتاح الثاني الحكم من بعده ، وقد حدث ذلك قبل وصول نبي الله موسى عليه السلام إلى مصر ، كما استند البعض إلى قول الله تعالى في القرآن الكريم : بسم الله الرحمن الرحيم “ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون” . صدق الله العظيم .

 

 

 

وفي الوقت الذي خلف فيه الملك رمسيس الثاني – الذي وصفه البعض بالملك البناء أو البناء العظيم – كما هائلا من الآثار المنتشرة في ربوع مصر ، الأمر الذي أدى إلى اعتقاد البعض بأن الملك مرنبتاح الثاني (الابن الأكبر للملك رمسيس الثاني وقائد جيشه ) هو فرعون الخروج الذي تولى حكم مصر عقب وفاة أبيه لمدة ثماني سنوات . عزز هذه النظرية مومياء مرنبتاح الموجودة بالمتحف المصري ، فهي الوحيدة الشاحبة اللون ، بينما جميع المومياوات سوداء اللون من آثر استخدام مواد التحنيط على الجلد . وقد فسر بعض العلماء ذلك الشحوب بتشبع الجثة عقب غرقها بكمية كبيرة من ملح البحر الذي غرق فيه فرعون .

 

 

 

هذا إلى جانب لوحة مرنبتاح ، وهي تعتبر الأثر الوحيد الذي آشار إلى قصة الخروج من مصر ، فالنص المسجل عليها يشير إلى كل الممالك التي أدبها ملك مصر وأخضعها لحكمه ، وعندما جاء حكم بني إسرائيل لم تذكر كبلد ، ولكن كشعب وقال النص : “أبيدت بذرة بني إسرائيل أو يذرين” .
ومن الأسباب التي تشير إلى أن مرنبتاح هو فرعون الخروج ، هو إهمال الحضارة الفرعونية واقعة غرقه ، وعدم ذكرها على الإطلاق على جدران المقابر أو المعابد .

 

 

والواقع ، إن هذا الموضوع سيبقى لغزا ، حتى يتم العثور على الكثير من الوثائق التاريخية والأدلة ، التي تؤكد من هو فرعون نبي الله موسى .