أحمد علي صالح يكتب (الفلاح المصري الفقير)

أحمد علي صالح يكتب (الفلاح المصري الفقير)
أحمد علي صالح يكتب (الفلاح المصري الفقير)

كلنا نعرف قصة الفلاح المصري البسيط الفقير الذي عمل حطابًا وسرق حِماره فذهب يبكي ويطوف بالبلاد حتي علم بأمره القطر المصري كله، فهل الفلاح المصري اليوم مثله؟!!

فلاح اليوم لا يبكي علي سرقة حِماره، وإنما علي ضيـاع حـقـوقــه، وإهدار قيمته في المجتمع باعتباره من شريحة ليس لها أهميتها في المجتمع المصري،

فهو مازال فقيرًا لعدم وجود من يمثله في المجالس النيابية ويحمي حقوقه ومصالحه.

الزراعة

ومن يريد أن يعرف ذلك عليه أن يراجع القانون الخاص بمجلس الشعب رقم (38) لسنة 1973م، والذي اعتبر الفلاح هو من كانت الزراعة عمله الوحيد ومصدر رزقه،

وألا يحوز هو وزوجته وأولاده القصر أكثر من عشرة أفدنة ملكًا أوإيجارًا.

المجالس النيابية

فأي شخص هذا الذي يملك عشرة أفدنة ويرشح نفسه لعضوية المجالس النيابية فإنه لو قام ببيعهم ما استطاعت أن تنهي إجراءات الترشيح بخلاف الدعاية والإعلانات.

ولكن ما نراهم تحت قبة البرلمان أغلبهم يتحايلون علي هذه المادة فيكونوا واحد من ثلاثة:

  • شخص يملك خمسمائة فدان، ولا يعرف عن الزراعة شئ فيتنازل لأبنائه الكبار عن ملكيته عدا عشرة أفدنة ويصبح فلاحًا.
  • وشخص يرشح نفسه ولا يجد في دائرته من الفلاحين من يقوي علي منافسته فيرشح نفسه علي أنه فلاحًا وهو في الأصل فئات.
  • والثالث أُميًا فيستُر مصيبته بنص هذه المادة.

فكيف يصرخ هؤلاء بحقوق الفلاح المصري الفقير وهم لا يعرفونه !!!

متاعب التعليم

وفلاح اليوم فقير جدًا يتمني أن يكون أبناؤه أحسن حالًا منه، فيعلمهم ويعيش متاعب التعليم، حتي يتخرجوا طمعًا منه أن يلتحقوا بأحدي الوظائف،

ولكن ابنه إذا تقدم لوظيفة ما فيسمع أن هذه الوظائف لأبناء العاملين في الجهة المعلنة (الإقطاع الوظيفي).

فمثلًا شركات القطاع العام أصبحت وظائفها كلها لأبناء العاملين إلا نـسـبـة قـلـيـلـة حتي ولو كان ابن العامل معه الشهادة الابتدائية وبها سيصبح رئيس مجلس إدارة.

وكأننا في حاجة إلي ثورة أخرى لتطهير العقول من هذه الرواسب الفكرية البالية،

ثورة تقضي علي الإقطاع الوظيفي الذي انتشر بصورة فجة في وظائف الدولة.

عنت وإرهاق

وحال الفلاح يبكي فقرًا ويردد قول الشاعر:

ويلي علي (فلاح مصر) أما كفي …….   ما ذاق من عنت ومن إرهاق

يغني ألوف المُترفين بماله ………. ويعيش في فقر وفي إملاق

وهكذا حال فلاح اليوم الفقر مثل جده، وإن كان هناك فرق بينهما،

فالفلاح المصري القديم طاف وبكي في القطر المصري كله.

أما اليوم فإنه لا يستطيع أن يبكي إلا بكلمة (آه) حزينة خوفًا من أن يكون بُكاؤه مُجَرمًا.

كاتب المقال/ باحث دراسات اجتماعية