ابتلاءات الإنسان المسلم.. نوائب جديدة أم تكفير للذنوب
كثيرًا ما تراودنا الظنون حول الأمور المسلم بها، والتي تحدث بقدرة الله عز وجل، فمنها ما هو مؤلم، وتتبعه
حتمًا التساؤلات هل هذا بسبب ذنوب؟ هل حقًا إن الله لا يحبني؟ هل أستحق كل ما يحدث لي من أمور
سيئة؟ هل هي ذنوب أم ابتلاءات يرفعنا الله بها درجات في الجنة؟
ذلك ما سنتعرف علي الإجابة عليه من خلال التقرير التالي:
يجب معرفة أن ابتلاءات المسلم لا تعني وجود الشئ السئ فقط، وإنما بوجود الاثنين معًا النِعم والمصائب،
فيبتلي الفرد بوجود نعم في حياته، فيُبتلى الإنسان في هذه الحياة الدنيا تارة بالخير، وتارة بالشر، وذلك
لقوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) حسب ما صرح به الشيخ
أحمد حسين، من علماء الأزهر الشريف.
مصيبة
ويمكن التعرف إذا ما كانت المصائب إبتلاءات للإنسان المسلم أم تكفير ذنوب، وذلك من حال الشخص ذاته، الذي مصاب بمصيبة
حيث قال بعض الصالحين: علامة الابتلاء على وجه العقوبة، عدم الصبر عند وجود البلاء، والجزع والشكوى إلى
الخلق .
الصبر
وعلامة الابتلاء تكفيرًا وتمحيصًا للخطيئات، وجود الصبر الجميل من غير شكوى، ولا جزع ولا ضجر، ولا ثقل في
أداء الأوامر والطاعات.
الطاعات
كذلك أيضًا يقاس علي حاله الشخص المبتلي قبل وقوع المصيبة، حيث إن كان الابتلاء أصاب الإنسان الصالح
بعد الطاعات، التي يؤديها فهذا ابتلاء بالخير، لكي يرفع الله من درجاته ومنزلة في الجنة.
إثم المعصية
أما الابتلاء بالشر، فيصيب الإنسان بعد الذنب، الذي يرتكبه، وقد يكون بسبب تكفير هذه المعصية حتى يتوب
فاعلها إلى الله تعالى، ويستغفر فيمحو الخالق عز وجل إثم المعصية التي ارتكبها.
المعاصي
وأن تعلم، عزيزي القارئ، أنك في وجود الابتلاء أو وجود تكفير المعاصي، أن الله عز وجل يحبك، فهو
بجانبك دائمًا، فعليك أن تكثر من الدعاء، فما شقي عبد قط، وهو يدعو.
قال سيدنا زكريا عليه السلام: (ولم أكن بدعائك رب شقيا).
علي الإنسان أن يتحلي بالصبر والرضا، فمن رضي له الرضا، ومن سخط فله السخط، وقدر الإمكان استعن
بصلاتك، كما قال الله عز وجل: (واستعينوا بالصبر والصلاة).
ويعلم أن الله عز وجل ينزل كل شئ بحكمة منه، ثم يستغفر كثيرًا، ويصلي علي النبي كثيرًا، ويحسن الظن بالله، وأن يكن يقينك بالله أعلي شئ متمسك به.
يقول الحسن البصري رحمه الله: لا تكرهوا البلايا الواقعة، والنقمات الحادثة، فَلَرُبَّ أمرٍ تكرهه فيه نجاتك، ولَرُبَّ أمرٍ تؤثره فيه عطبك – أي: هلاكك.
كما يجب أن تعرف عزيزي القارئ، أن عظم أجر البلاء بشري من الله، كما قال تعالي: (وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ).
وتتذكّر دومًا وأبدًا زوال الدنيا وسرعة الفناء، وأن ليس لمخلوق فيها بقاء، يقول عز وجل: (وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).
يوضح الله تعالي في الآية السابقة، حقارة الدنيا في آياته، وزوالها وانقضائها، وأنها لا دوام لها، وغاية ما فيها لهو ولعب.