حكاية زينة رمضان والفوانيس في 1400 عام
ما هو أصل زينة رمضان؟ وكيف بدأت الفكرة؟ ولماذا الزينة في رمضان فقط؟
تلك كانت أسئلة ابني الصغير التي وقفت أمامها حائرًا عاجزًا عن الرد حتى رجعت لكتب التاريخ، وبحثت عبر مواقع الأنترنت عن إجابات لتلك الأسئلة لأتمكن من الرد السليم عليها.
مع اقتراب شهر رمضان المبارك وهبوب روائحه العطرة في الأجواء يكاد لا يخلو شارع أو حي أو بيت من زينة وفانوس رمضان.
منذ قديم الزمان وحتى الأن، ونحن نتوارث جيل خلف الآخر هذة العادة الجميلة وغيرها من عادات شهر رمضان التي تذيل الهموم من القلوب، وفي السطور التالية كل الإجابات على أسئلة ابني المُفاجئة بالتفصيل.
ما هو أصل زينة رمضان؟
في البداية، الزينة هي كلمة تعني التزين والتحلي.
تشير بعض الروايات إلى أن أصل زينة رمضان يعود إلى عصر الصحابة، وبالأخص الصحابي الجليل تميم بن أوس الداري.
حيث يعتقد الكثيرون إنه أول من رسخ فكرة زينة رمضان، عندما أنار تميم بن أوس المساجد بقناديل كل ليلة جمعة وذلك باعتباره يومًا مقدسًا عند المسلمين، وقد جاء ذلك في كتاب “دليل الأوائل” للكاتب إبراهيم مرزوق.
عمر بن الخطاب يُزين المساجد في رمضان
ولكن فكرة تعليق الزينة للاحتفال بحلول رمضان الكريم على وجة الخصوص، أشارت الكثير من الروايات التاريخية إلى أن الخليفة عمر بن الخطاب هو أول من زين المساجد وأنارها بالقناديل مع قدوم شهر رمضان.
وقد أمر عمر بن الخطاب بذلك حتى يتمكن المسلمون حينها من إحياء الشعائر الدينية أثناء ليالي رمضان.
وأشارت روايات تاريخية عديدة أيضًا إلى أن فكرة تزيين الشوارع والميادين للاحتفال بشهر رمضان بدأت مع فترة عهد الدولة الطولونية.
وأثناء الدولة الطولونية، أمر الخلفاء بتزيين الشوارع والميادين بالقناديل بجانب تزيين المساجد وتهيئتها لشهر رمضان، حسبما جاء هذا الأمر في كتاب “أبو بكر الجصاص.. الاجماع دراسة فى فكرته”.
الفانونس وزينة رمضان في الدولة الفاطمية
وفي العصر الفاطمي (عصر الاحتفالات) الذي يعود إليه فكرة فانوس رمضان كان الناس يستغلون الحبال التي يُعلق عليها الفانوس في الشوارع لوضع الزينة المصنوعة من القماش أو الورق الملون.
ومن النوادر، كان يقوم الناس برفع القناديل والفوانيس فوق مآذن المساجد ساعة الإفطار ويتم إنزالها يوميًا عند ساعة الإمساك عن الطعام قبل الفجر، وكان يطلق عليها في حينها “ليالي الوقود”.
كان الفاطميون يتفننون في احتفالاتهم الدينية، وفي شهر رمضان كانوا يفتحون أبواب الأزقة والشوارع والمدينة كلها حتى الصباح وطلوع الشمس.
وكانوا يزينون الشوارع بلافتات كبيرة تحمل شعار الدولة الفاطمية واسم الحاكم مع إنارة المساجد بالمصابيح الملونة.
مصر تستورد زينة رمضان والفوانيس من تونس
وقبل رمضان بشهور، كان الخليفة المعز لدين الله الفاطمي يسافر بنفسه إلى تونس ليورد لمصر فوانيس وأعلام وزينة رمضان تقديرًا منه للشهر الفضيل ولكي يفرح الناس بحلول الشهر المبارك.
المعز لدين الله الفاطمي يعلق زينة رمضان في الشوارع
وبعد توريد الفوانيس وزينة رمضان من تونس لمصر، يتم التخزين في القصر حتى قبل شهر رمضان بأيام ويتم إخراجهم وتعليقهم في الشوارع وسط فرحة الشعب بالشهر الكريم.
منذ العصر الفاطمي، وأصبح الاحتفال بشهر رمضان عادة سنوية متوارثة، وأصبحت زينة رمضان وفانوس رمضان أشياء أساسية لاغنى عنها في رمضان، ومظاهر أساسية من مظاهر الشهر الجميل.
زينة رمضان من القماش والورق
لقرون عديدة استمر تعليق الزينة في شهر رمضان المبارك من القماش والورق.
ومع تطور الزمن والتطور ودخول الكهرباء في المدن والحواري ظهرت وظيفة “المشاعلي”.
الذي كان يقوم بالكبس على مفاتيح النور لإنارة فروع زينة رمضان المضيئة، وكان الناس تندرًا، يطلقون عليه اسم “عفريت الليل”.
ومع انتشار الكهرباء العمومية، بدء يقل الاعتماد على القناديل الزيتية واقتصرت فقط في أضيق الحدود على الأحياء القديمة.
زينة رمضان والفوانيس في الثمانينات والتسعينات
في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي كانت زينة رمضان تُصنع من الورق المقوى والشرائط الملونة أو الخيامية.
وكانت تصنع أيضًا من أوراق الكتب القديمة ومعجون الدقيق.
لمة زينة رمضان
وكان الجيران في جميع المناطق من أطفال وكبار يجتمعون في فرحة جميلة لصناعة الزينة وتقطيعها بأشكال معينة، ومن ثم تعليقها بالحبال والخيوط القوية في الشوارع.
بعد ذلك ظهرت زينة الجلاد الملون الفضفاض والتي اتخذت أشكال هندسية منتظمة يرأسها الفانوس في المنتصف وكانت تتلألأ مع ضوء الشمس نهارًا، وتزهو وترفرف مع نسائم الليل وضوء الفانوس في ليالي رمضان.
وبمرور الأزمان، تطورت تصميمات زينة رمضان، وتطورت تصميماتها على هيئة مثلثات ومربعات ملونة وقصاصات ورقية وأصبحت زينة رمضان مطبوع عليها شخصيات مفضلة عند الكثير منا.
زينة عمو فؤاد
وتنوعت زينة رمضان على شكل أشخاص سواء فنانين كان لهم أعمال درامية شهيرة فى رمضان مرتبطة بأجمل ذكريات الطفولة عند المصريين مثل عمو فؤاد (فؤاد المهندس) ونيللى، وشريهان، وبكار.
زينة بوجي وطمطم وبكار
واستمر التطور حتى ظهرت الزينة بأشكال كرتونية وعرائس مختلفة مثل بوجي، وطمطم، وبكار.
محمد صلاح وزينة رمضان
وكذلك يتم حاليًا عمل زينة رمضان على شكل شخصيات محبوبة تعمل فى مجالات أخرى مثل نجم كرة القدم المصري العالمي محمد صلاح.
زينة رمضان فرحة للقلوب
زينة رمضان وفانوس رمضان دائمًا ما يكونوا فرحة للكبير قبل الصغير، وفرحة للقلوب والصدور، وفي النهاية ندعوا الله أن يبلغنا رمضان سالمين مُعافين، وأن يرفع الله عنا الغلاء والوباء ويجعله شهر خير وبركة على جميع الناس في كل مكان في العالم، رمضان كريم.