صديقان حررا العالم من العنصرية.. ولم يلتقيا سوى مرة

صديقان حررا العالم من العنصرية.. ولم يلتقيا سوى مرة

صديقان حررا العالم من العنصرية.. ولم يلتقيا سوى مرة

في الروايات دائما ما ننجذب للقصص التي تتحدث عن الصداقة والأصدقاء، وفي الواقع هناك أمثلة حية كثيرة عن ذلك.

يرى البعض أن الصداقة ما هي إلا مقابلات كثيرة واتفاق رؤى وأفكار بين الصديقين.

لكن، أليس من العجيب أن يكون هناك صديقان لم يتفقا في الرأي أبدا، ولم يلتقيا سوى مرة واحدة لبضع دقائق!

من هم؟!

مالكوم إكس و مارتن لوثر كينج..

رمزي النضال والمقاومة والفكر الحر، في فترة الخمسينيات والستينيات في الولايات المتحدة، وكذلك رمزي الصداقة التي ولدت دون لقاء.

رغم اتفاقهم في كثير من الصفات الظاهرية كاللون والعمر وحب الشعوب السوداء والاغتيال.. إلا أن فلسفتهم اختلفت تمامًا.

فلسفة مارتن لوثر كينج

كان لمرحلة الطفولة لدى كينج أثرا بالغ في تكوين فكره واتجاهاته، ليس من قبل أبويه فقط بل لما تعرض له من قبل أقرانه.

فقد ولد كينج في ١٥ يناير بجورجيا في أسرة متدينة، أما وعيه بالعنصرية فقد جاء عندما رفض والدا أحد رفاقه لعب ابنهما معه لأنه “ملوَّن أسود”.

ومن ثم فقد عرف معنى العبودية والتمييز بشكل حقيقي وواقعي، وبناء عليه فقد قال عبارته الشهيرة:

“يومها صممت على كراهية البيض أينما كانوا. لكن أبويّ علماني أن الدين يحرّم علينا الكراهية لأي سبب كان”.

وبعد ذلك فقد جاءت خطاباته تحث على أربعة أمور..

الأولى والثانية يتمثلان في الحرية والتغيير الفكري الاجتماعي، الذي سار فيهما على نهج المهاتما غاندي.

أما الثالثة والرابعة فهم عدم العنف والمسؤولية الفردية والجماعية، وسار فيهما على خطى مانديلا.

لديَّ حلم..

جاءت خطبته الأولى في مايو 1957، بعنوان لديّ حلم، ودامت 17 دقيقة، لتمثل أهم خطبة سياسية في تاريخ الولايات المتحدة.

من أبرز كلماته..

الكراهية مثل السرطان الغير مكتشف، تأكل شخصية من تصيبه.

في زمن الماديات أصبح الجلوس بمفردك أجمل من جلوسك مع أشخاص ينظرون إلى ماركة حذائك قبل عقلك.

بعض الأشخاص سينبذونك لأن نورك أشد سطوعاً مما يتحملون، هكذا هي الدنيا فلتواصل اشعاعك.

صديقه مالكوم إكس..

يرى الغالبية أن دخول إكس السجن هو ما كوّن بدايته النضالية، وذلك بعد انضمامه لجماعة أمة الاسلام.

وهو ما جعل فلسفة مالكوم إكس على النقيض من فلسفة صديقه مارتن لوثر، سواء في الفكر أو الأسلوب.

لذلك فقد سار تفكيره على منهج دعا فيه لاستقلال الأمريكي الأسود عن الأمريكي الأبيض بشكل كامل.

وأن التغيير لا يأتي سوى بالقوة، إضافة لبعض الأفكار التي تعتبر في حد ذاتها عنصرية مثل أن الرجل الأسود أفضل من الأبيض.

أما بعد انفصاله عن جماعة أمة الاسلام، وتحوله للاسلام السني وتأسيسه لمنظمته الخاصة، فقد رأى أن السلمية أمر ضروري.

لكن إذا وجد ما سيعيق ذلك النضال السلمي فيجب مقاومته ومنعه حتى ولو بالعنف.

وعن ذلك التغير قال: ذلك الصباح بدأت أعيد النظر للرجل الأبيض، وأننا نستعمل عبارة الرجل الأبيض للدلالة على المواقف الخاصة وليس اللون.

من كلماته..

“الحياة لا تصبح أسهل ،انت من تصبح أقوى”.

“المسافات التي نبقيها بيننا وبين بعض البشر لا تعني الغرور أبداً ، بقدر ما تعني الرغبة في استمرار الاحترام”.

اللقاء الأول والأخير..

خلال كل هذه السنوات، لم يلتق الصديقان سوى مرة واحدة فقط، كانت في ٢٦ مارس من عام ١٩٦٤، بواشنطن.

وذلك خلال مؤتمر مجلس الشيوخ الذي أقيم حول قانون الحقوق المدنية، للوصول إلى حل لإنهاء العنصرية ضد السود.

يرى البعض أن أفكار مالكوم هي من صنعت مارتن لوثر، فمع رفض الحكومة الأمريكية لأفكاره، كان لابد من الرضوخ لأفكار مارتن لوثر.

وبالفعل هاجم مالكوم صديقه كثيرا، لكن بعد دخوله الأسلام السني، أيده وأراد تقديم بديل يسهل على البيض قبول عروض مارتن.

نهاية مأساوية واحدة..

وعلى الرغم من كل ذلك الاختلاف الفكري بينهم، إلا أن النهاية، من الأشياء المشتركة بينهم تقريبًا.

فبعد أن تقلد مارتن لوثر كينج نوبل للسلام، تم اغتيال مالكوم إكس بعدها بعام، ثم اغتيل هو أيضا بعده بثلاث سنوات.

لتنتهي سنوات حياة الصديقان، وأيضا سنوات العنصرية.

الصديقان.. ورسالة أخيرة

يا صديقي إذا شعرت يوما بالوجع فلا تنسى نصيبي من الألم.. فليس عدلا أن نضحك سويا وتبكي بمفردك

                                       مالكوم إكس لصديقه مارتن لوثر كينج

تعد هذه آخر كلمات بين الاثنين، فقد كانت من مالكوم إكس لصديقه مارتن لوثر قبل وفاة الأول.

وتكون آخر بارة في حياة صديقان حررا العالم من العنصرية.. ولم يلتقيا سوى مرة

محمود أحمد إمام: أردت أن يكون لي أسلوبي الخاص.. الذي ظهر في المذكرات