عباس حلمي الأول.. من هو وكيف قتل؟

عباس حلمي الأول.. من هو وكيف قتل؟

رحل عن عالمنا الخديوي عباس حلمي الأول في يوم 16 يوليو في قصره ببنها حيث عثر عليه مقتولا في قصره، وتتضارب الروايات حول مقتله ومن قتله إلى يومنا هذا، ويأتي عباس حلمي الاول بين الأجيال الأولى للأسرة العلوية، فهو ثالث حكام مصر من أسرة محمد علي، حيث تولى عباس حلمي الأول الولاية خلفا لعمه إبراهيم باشا في عهد جده محمد علي ولكنه كان مختلفا بالكلية عن جده محمد علي، فقد كان لايتمتع بأي ميزة أو مهارة تؤهله أن يكون ملكا عظيما مثل جده وعمه  فقد كان غريب الأطوار مضطرب الطباع.

من هو عباس حلمي الأول؟

هو عباس ابن أحمد ابن طوسون أحدأبناء محمد علي، ولد عام 1228هجريا و1813ميلاديا في جدة، كانت والدته الأميرة “بنبا قادن”زوجة طوسون باشا شخصية عطوفة وحنونة، حيث كان يعتبرها المصريون آنذاك السيدة الأولى في عهد حاكم رجعي ومنغلق ومتشدد وهو ابنها الخديوي عباس حلمي، حيث كان يغلق الكتاتيب التي كانت تعلم أولاد الشعب والتي فتحها جده محمد علي وتقوم هي بفتح كتاتيب جديدة من مالها الخاص.

كان له ولع شديد بركوب الخيل والهجن، ويقطع بها المسافات البعيدة في الصحراء، وكان يهتم اهتماما شديدا باقتناء الجياد الكريمة حيث كان يجلبها من مختلف البلاد ويعتني بتربيتها ويبني لها الإصطبلات الضخمة وينفق عليها بسخاء.

كان عباس حلمي متعاطفا مع الحركة الوهابية في الدرعية التي قضى عليها إبراهيم باشا، لما تقلد حكم مصر أظهر الإعراض عن فرنسا وجانب الميل لها عكس جده محمد علي لذا اتهموه بأن عصره كان يتسم بالتخلف والرجعية.وذلك لعدم انفتاحه على فرنسا، وصوروه أنه منعزل أو انطوائي أو شبه مجنون.

زوجات عباس حلمي وأبنائه

  • ماهوش قادين وقد رزق منه الأمير إلهامي باشا.
  • شارذل قادين الجركسية وقد رزق منها الأمير مصطفى والأميرة حواء
  • هواية قادين وقد أنجب منها الأمير محمد صديق والأميرة عائشة
  • همدم قادين
  • برلانته هانم

تعليم عباس حلمي الأول

لم ينل عباس حلمي الأول قسطا وفيرا من التعليم، ولم يتسنى له السفر إلى أوروبا والتعرف على الحضارات الغربية، مما نتج عنه عدم إمتلاكه لرؤية واضحة لنهضة بلاده ومحاولة الإرتقاء بها كما كان حال جده وعمه ومع هذا بذل جده محمد علي مجهودا كبيرا في تعليمه وتعويده على ولاية الحكم.

المهام التي قام بها عباس حلمي الأول قبل ولايةمصر

كان عباس حلمي الاول أكبر أبناء الأسرة العلوية سناوبالتالي كان أحقهم بولاية الحكم بعد عمه إبراهيم باشا، ولذا قام محمد علي بالعديد من الأمور لتعويد حفيده عباس حلمي على مهام الحكم من خلال إسناد العديد من المناصب الإدارية والحربية له، حيث تقلد من المناصب الإدارية منصب مدير الغربية، ثم منصب الكتخدائية التي كانت بمنزلة رئاسة الناظر.

أما عن مهامه الحربية فقد اشترك عباس حلمي الأول مع عمه إبراهيم باشا في الحرب بالشام وقاد أحد الفيالق آنذاك، ولكنه لم يظهر أي مهارة أو تميز في المعركة، ولم يكن يتمتع بأي كفاءة في إدارة الحرب بل كان كل ما يتمتع به من مميزات أنه كان حفيدا لرجل أسس ملكا عظيما فصار إليه هذا الملك.

كيف كانت فترة حكمه؟

تولى الخديوي عباس حلمي الأول حكم مصر عام 1948، وكان بلا قلب تميل شخصيته إلى القسوة كما ذكرنا، بل وصل به الحال إنه كان شخصية موسوسة وقلقة فقد كان يتهم كل من حوله بالتآمر عليه والتخطيط للتخلص منه، حيث كان كل فرد من أفراد أسرته واعوانه جاسوسا على الآخر.

تم اتهامه بأنه غريب الأطوار كثيرا في حياته، حيث كان يتخير لبناء قصوره الجهات المتوغلة في الصحراء، حيث بنى قصرا في صحراء الريدانية التي تحولت إلى العباسية فيما بعد أحد اشهر أحياء القاهرة حاليا التي سميت باسمه.

كما بنى لنفسه قصرا آخر نائيا في الدار البيضاء الواقعة بالجبل على طريق السويس ولا تزال آثاره باقية إلى الآن ، وايضا بنى قصرا في بنها على ضفاف النيل بعيدا عن المدينة وهو القصر الذي وجد مقتولا فيه.

وبلغ سوء ظنه  بأفراد عائلته أنه أساء معاملتهم وبطش بهم فخشي الكثير منهم على حياته فرحل بعضهم إلى الأستانة والبعض الآخر لأوروبا، وبلغت به الوسوسة أنه حاول قتل عمته الأميرة نازلي هانم.

وكان من يغضب عليه يقوم نفيه إلى السودان ويصادر أملاكه، كما حاول إبعاد عمه سعيد الذي كان بحكم سنه وليا للعهد، ليجعل ابنه إبراهيم إلهامي باشا خليفته بالحكم محاولا بذلك تغيير نظام وراثة العرش.

أحوال الدولة في عهده

ضعف الجيش في عهده ضعفا شديدا، وأيضا تراجعت النهضة الصناعية والعلمية في عهده وكذلك زاد تغلغل النفوذ الانجليزي على حساب النفوذ الفرنسي ، وقيل أن السبب في ذلك أنه كان يستعين بالقنصل البريطاني في السعي لدى الحكومة العثمانية بواسطة السفير الإنجليزي لتغيير نظام وراثة العرش كي يؤول إلى ابنه الهامي.وأيضا ليمنع تدخل الأستانة في شئوون مصر التي كانت تبغي تطبيق القانون الأساسي المعروف” بالتنظيمات” في مصر.

ولكن لابد أن نأخذ بعين الاعتبار تحامل المؤرخين الفرنسيين على عباس حلمي الأول لأنه على الرغم من أن إنجازاته لا تتطلب الكثير من الإطراء إلا أن أحكام الفرنسيين عليه لا تخلو من التحامل لأن الفرنسيين لما وصفوا به من الوطنية يكرهون كل ملك أو أمير يقترن عهده بتضاؤل النفوذ الفرنسي في عهده.

إنجازات عباس حلمي الأول

  • تم على يده إصلاح طريق السويس، ثم شرع في مد السكة الحديدية من الإسكندرية إلى القاهرة سنة 1852، واستخدم عباس حلمي في تعبيد الطريق وتركيب القضبان الجنود والبحارة المصريين، وأنشأ من سكة الحديد في عهده الخط الموصل بين الإسكندرية وكفر الزيات سنة (1854)
  • اعتنى عباس بالأمن اعتناء كبيرا حيث ضرب على أيدي قطاع الطرق والأشقياء وعاملهم بقسوة، فخشوا بأسه واسستب الأمن في عهده وهذا يعتبر من أفضل أعماله.
  • أرسل إلى أوروبا 19 طالبا من تلاميذ المدارس المصرية لغتمام دروسهم بالمدارس الأوروبية، كما أجرى عباس بعض الاصلاحات الحربية كتجديد الاستحكامات وانشاء الطرق الحربية.
  • ويجب ان نذكر انه على الرغم من أن عهده كان خاليا من النهضة والتقدم إلا أننا لابد أن نذكر أن عباس حلمي الاول لم يفتح على مصر أبواب التدخل الأجنبي، فلم يمكن الأجانب في البلاد ولم يفتح أبواب الاستدانة منهم، بل ترك خزانة الدولة حرة من الديون الأجنبية وكان يجتهد دائما لسد عجز الميزانية دون أن يلجأ إلى القروض ولم يمنح للأجانب امتيازات استثمار مرافق بلاده.

الروايات المختلفة لوفاة عباس حلمي الأول

اتفقت الروايات علىأن عباس حلمي الاول مات مقتولا ولكن اختلفت هذه الروايات حول ماهية القتل والمحرض عليه ففي أحد الروايات التي تروى على لسان إسماعيل باشا سرهنك في كتابه (حقائق الأخبار عن دول البحار ج2 ص265)

أن عباس حلمي كان له حاشية من المماليك المقربين حيث كان يغدق عليهم الرتب العسكرية العالية بغير كفاءة يستحقونها .

وكان كبير هؤلاء الغلمان شخص يدعى “خليل درويش بك”وكان يعامل هؤلاء الغلمان والمماليك بشكل سئ لأنهم أساؤا إليه بالغمز واللمز وذلك لأنه كان صغير السن فسخط عليهم وشكاهم إلى مولاه عباس حلمي  الذي أمر بجلدهم وتجريدهم من ثيابهم العسكرية وألبسهم الخيش وأرسلهم إلى إصطبلات الخيل.

أشفق عليهم مصطفى باشا أمين الخزانة آنذاك وتوسط لهم عند الوالي عباس بأن يسامحهم وبالفعل قام بذلك

وأعادهم إلى مناصبهم فعادوا إلى قصره في مدينة بنها لكنهم كانوا يضمرون له الشر ويريدون الانتقام منه على ما فعله بهم، فتآمروا عليه مع غلاميين من خدم القصر أحدهما يدعى عمر وصفي والآخر شاكر حسين واتفق الجميع على قتله حيث كان من عادته أن يضع على بابه حارسان عند نومه ، وفي هذه الليلة كان يحرسه هذان الغلامان ، فانقضوا عليه وقتلوه وهونائم ثم قتلوه.

أما عن الرواية الثانية فهي أن عمة عباس حلمي الأول الأميرة نازلي هانم التي كانت مقيمة في الأستانة أرسلت مملوكين من أتباعها لقتله حيث كان عباس حلمي يحب أن يكون خدامه على درجة من الجمال وكان هذان المملوكين يتمتعا بقدر من الجمال

فاتفقت معهما عمته أن يعرضا أنفسهما في سوق العبيد في القاهرة فرآهما مدوب الوالي وأعجب بهما فقام بشرائهما وأدخلهما سراي مولاه في بنها، فأعجب بهما الوالي وعهد إليهما بحراسته ليلا فعندما استغرق للنوم انقضا عليه وقاموا بقتله وهربا إلى القاهرة ثم إلى الأستانة للحصول على المكافأة السخية التي وعدتهم بها عمته نازلي

وأما الرواية الثالثة فتقول أن عباس حلمي الأول مات بالصرع ولكنها من أضعف الروايات تاريخيا، تم التكتم على خبر موته لأيام ثم نقلت جثته من بنها إلى قصره بالعباسية ثم تم دفنه بمقابر الأسرة العلوية في الإمام الشافعي بالقاهرة.