أنكر فضل الآخرين عليه فكان هذا جزاءه.. لن تتخيل ما حدث!

أنكر فضل الآخرين عليه فكان هذا جزاءه.. لن تتخيل ما حدث!

اننا نرتقي من خلال الاعتراف بالفضل فيما بيننا، حيث يزيد العطاء ويكثر البذل، وبالنكران نقعد وننحني ويسود الجفاء والكره. ومن هذا المنطلق نعرض عليكم قصتنا هذه المستمدة من التراث الشعبي الافريقي في محاولة للتركيز على بعض القيم المهمة في حياتنا، وخاصة الاعتراف بالفضل بما يمثله من مكانه شامخة ونفاسة القيمة وصفات لا يتحلى بها إلا أصحاب الطباع الهادئة والنفوس الكريمة.

كان هناك رجل يعمل في الصيد وبمرور الوقت بدأ يكبر في السن ويضعف بصره حتى فقده تمامًا، ولم يعد الرجل قادرا على مواصلة أعماله بسهوله وكان في حاجه إلى المساعدة حتى يتمكن من أداء أعماله، إلا انه لم يكن يعتر ف للاخرين بالفضل، وكان عليه أن يستمر في العمل حتى يستطيع الحصول على قوت يومه.
وعندما رآه اثنين من الصيادين على هذه الحال قررا الرفق به ومساعدته، فكانا الرجلان يصطحبانه كل يوم إلى الشاطئ ويساعدانه على الصعود إلى القارب، ويوجهانه إلى أماكن رمي الشبكة وموعد سحبها، وعندما ينتهون من الصيد ويعودن إلى الشاطئ يخبرانه بوصولهم إلى اليابسة ويطلبان منه النزول من القارب حتى لا يتعرض للسقوط والغرق.
ظل الرجلان يساعدانه لمدة عام بصبر وشفقة، إلا ان رد فعل الصياد الأعمى كان غريبًا، فكان يقابل مساعدتهم له بنكران وسوء أدب، فعندما يخبرانه بموعد رمي الشبكة، يرد عليهما بكل قسوة وفظاظة: “انني أعرف متى وأين أرمي الشبكة، وقد كنت على وشك فعل هذا” وعندما يخبره الرجلان بأنهم وصلوا إلى اليابسة، يرد عليهم بتأفف شديد “أعرف اننا وصلنا، وها أنا كنت أستعد للنزول قبل أن تخبروني بذلك”.
استمر الرجلان في تحمل الصياد، ولكنه أصبح بمرور الوقت أكثر فظاظة، ولم يعد الرجلان قادران على تحمله، فقررا الانتقام منه. فاتفقا على وضع خطة لتأدبيه، ولكنها كانت قاسية جدًا.
ففي أحد الأيام رافقا الرجلان الصياد كالمعتاد إلى الشاطئ وطلبا منه الصعود إلى القارب، ولما رد عليهما بغلظة مدعيا أنه يعرف مكان القارب وسيصعد اليه دون مساعده من أحد، وبعدما صعدوا الثلاثة إلى القارب وأخبراه برمي الشبكة، جاء رده كالمعتاد بالسخرية من كلامهما، وهنا قررا الرجلان تنفيذ ما اتفقا عليه.
في طريق العودة وبعد الحصول على الرزق الوفير، أخبر الرجلان الصياد الأعمى انهم وصلوا إلى اليابسة بعدما قطعوا مسافة كبيرة، فما كان من الصياد إلا ان رد على كلامهما بمزيد من السخرية، ونهض للنزول من القارب، فوجد نفسه يسقط في الماء، وتركاه الرجلان ليواجه مصيره، وانصرفا دون الالتفات لصراخه، كان الصياد قادرا على السباحة، إلا انه ضاع في ماء بلا شُطْآنٌ، فلم يكن قادرًا على معرفة وجهته.

هذه القصة رغم بساطتها، إلا انها تعكس لنا الكثير من الدروس، فإنك ان فعلت معروف، لا تنتظر الشكر من أحد، بل انتظر الجزاء من الله سبحانه وتعالى. كما انه يجب على الانسان ان يقابل صنيع الناس بالامتنان والشكر، ولا ينكر فضل الآخرين عليه، هذا بالإضافة إلى أهمية التعاون ومساعدة الاخرين، وأخيرا كان على هذين الرجلين الا ينتقما من الصياد الأعمى بهذه الطريقة المميتة، فكان أجدر بهما نصحه وارشاده أو التوقف عن مساعدته بدلا من ايذائه.