في ذكرى وفاته .. كيف أًُغُتيل بطرس غالي؟
هو بطرس غالي ولد في بلدة الميمون بمحافظة بني سويف من مواليد 11 مايو 1846، وكان والده نيروز بك غالي يعمل ناظر تفتيش عند الأمير مصطفى فاضل أخو الخديوي إسماعيل، التحق بطرس غالي رئيس وزراء مصر الأسبق في صغره بأحد الكتاتيب كغيره من المصريين حيث تعلم مبادئ القراءة والكتابة.
ثم التحق بعد ذلك بالمدرسة القبطية بالقاهرة ، و انتقل إلي مدرسة البرنس مصطفى فاضل وهي مدرسة الأمراء وأبناء العائلة المالكة والأسر المصرية الكبيرة، درس أيضا في مدرسة اللغات (الألسن) لتعليم اللغات فأتقن اللغة الإنجليزية، والتركية، والفرنسية، والفارسية، وتعلم أيضا اللغة القبطية.
سافر بعد ذلك في بعثة إلي أوروبا ليكمل تعليمه العالي هناك، وعندما عاد من أوروبا عمل في الترجمة بالإسكندرية في مجلس التجار وفي سنة 1873أنتقل إلي نظارة الحقانية وصعد نجمه بها إلي أن انتدبته الحكومة المصرية سكرتير للجنة الدولية التي سنت قانون التصفية المالية لمصرعام1876،ثم أصبح بعد ذلك وكيلا للحقانية، ثم سكرتير لمجلس النظار في عام1881.
كان من أعضاء الوفد الذي أرسله أحمد عرابي للتفاوض مع الخديوي لأنه كان من أنصار الثورة ا لعرابيه .
ماهي المناصب الهامة التي تولاها؟
عين ناظرا للمالية في وزارة رياض باشا يناير 1893التي استمرت حوالي العام.
تم تعينه ناظرا للخارجية في نظارة نوبا ر باشا الثالثة في 15 إبريل 1894.
تولى نفس المنصب في نظارة مصطفى فهمي الثالثة من 12 نوفمبر1895 إلي 1908.
تقلد بطرس غالي رئيس وزراء مصر الأسبق منصب رئيس النظار عام 1908الي 20فبراير سنة 1910 حيث تم اغتياله علي يد إبراهيم الورداني.
ماهي التهم التي وجهت لبطرس غالي؟
أتهم بمحاباة الإنجليز، حين وقع كوزير عدل مؤقت على أحكام محكمة د نشواي، بإعدام 6 فلاحين ولكن طبقا لما جرى الإفراج عنه من الوثائق الإنجليزية فقد تبين أن بطرس غالي قد فاوض الإنجليز على تخفيف الأحكام على فلاحي د نشواي، إلا أنهم رفضوا رفضا قاطعا بعد كثير من التفاوض والمراوغة، كما أن تصدره للمشهد السياسي جعله في واجهة الحياة السياسية وقد تعاون معه كثيرون وشهدوا له بالكفاءة في إدارة النظارات التي أسندت له.
وكذلك بالكفاءة كرجل دولة تولى رئاسة الوزراء ولم يلق اختياره أي اعتراض بوصفه قبطيا بل لقي كل ترحيب من المصريين.
كان بطرس غالي رجل سلم وعمل، لكن شابت علاقته بالحركة الوطنية خاصة الحزب الوطني شوائب أثرت على صورته بالسلب منها اضطراره توقيع اتفاقية السودان في يناير 1899 التي تسمح بالحكم الثنائي الإنجليزي المصري للسودان.
موافقته على تمديد امتياز شركة قناة السويس 40 عاما في نظير 4 مليون جنية تدفع على أقساط.
في 25 مارس سنة 1909 أصدر مجلس النظار قرار برجوع العمل بقانون المطبوعات والهدف منه كان مصادرة الصحف الوطنية التي كانت تهاجم الخديوي عباس حلمي بعدما عقد اتفاقية مع الإنجليز، فتضايق الخديوي وكلف بطرس باشا غالي بإرجاع قانون المطبوعات الذي صدر وقت ثورة عرابي 1881.
كيف تم اغتيال بطرس غالي؟
إبراهيم الورداني وهو أحد الشباب المتحمسين لمبادئ الحزب الوطني المعادية للخديوي عباس حلمي الثاني، وظيفته صيدلي وكان عائد حديثا من تعليمه بإنجلترا وقد أنضم للحزب الوطني وكان يكتب مقالات بأسمة في جريدة اللواء، وكان معروف عنه أنه متعصب لأفكاره.
وقد قام باغتيال بطرس غالي رئيس وزراء مصر الأسبق بعد ظهر يوم الاثنين الموافق 20 من فبراير1910، وكان بطرس غالي في ديوان الخارجية وبينما هو يهم بمغادرة المبنى ويتجه إلي سيارته اقترب منه الفتى وأطلق عليه رصاصتين ثم إنهال عليه بثلاث أخريات في عنقه وكتفه وسقط مغشيا عليه ،وحاول الأطباء إسعافه وإخراج الرصاصات وذلك بعد نقله إلي المستشفى وبعد إخراج الرصاصات من العنق والكتف كان الأمر غاية في الصعوبة ولم يتحمل الجسد وفاضت روحه في صباح يوم 21 فبراير 1910.
يذكر الدكتور محمود متولى في كتابه «مصر وقضايا الاغتيالات السياسية»: «لم يكد الورداني يفرغ الرصاص من مسدسه في جسم ناظر الخارجية، حتى أراد السعاة الذين التفوا حوله أن يضربوه ويفتكوا به، ولكن فتحي باشا زغلول أسرع فمنعهم، كما أنه هو نفسه لم يتردد في ركل حاجب صفعه على وجهه، وقد قيدوه بحبل من ذراعيه ويديه وأدخلوه في إحدى غرف النظارة، وفتشت جيوبه فوجد فيها أربع وعشرين رصاصة، وخمسة وأربعين قرشا وساعة فضية»، ولما سئل عن سبب قتل الرئيس أجاب: «لأنه خائن للوطن»، واعترف أنه كاتم أسرار لجنة الحزب الوطني بالعباسية، وذكرت «الأهرام» يوم 22 فبراير 1910، أن رئيس النيابة الذى كان يحقق معه قال له: «يا مسكين لو أنك عرفت أنه أكبر وطني وأصدق وطني في خدمة البلد لما فعلت فعلتك».
ثم عقد مجلس النظار اجتماعه في سراي عابدين، وقرر تعطيل نظارات الحكومة وجميع مصالحها و المدارس الأميرية، وكذلك تنكيس الأعلام على الثكنات العسكرية ودور الحكومة حدادا على فقيد البلاد بطرس غالي باشا .
وبعد القبض عليه برر قتله لبطرس غالي رئيس وزراء مصر الأسبق بأنه وقع اتفاقية السودان باعتباره وزير خارجية، وأنه كان ضمن هيئة محكمة د نشواي، وأنه أعاد قانون المطبوعات القديم ، وفي المحكمة أقر بأنه كان يريد قتل بطرس غالي منذ زمن، وحكم عليه بالإعدام وتم تنفيذ الحكم في 28 يونية1910.
بعض الحقائق الغائبة
كانت رئاسة بطرس غالي لمحكمة د نشواي من الأمور التي أخذت عليه وكانت ذريعة لمهاجمته ولكن بنظرة أخرى متمعنه في الحادث يتضح لنا أن دور بطرس غالي رئيس وزراء مصر الأسبق كان شكليا حيث انه نظرا لغياب ناظر الحقانية أنداك إبراهيم فؤاد باشا، الموكل أساسا برئاسة المحكمة فالقدر وضعه في رئاسة المحكمة وكان يمكن أن يكون أي ناظر أخر مكانه .
أن الحكم الصادر كان حكم سياسي أملته السلطة الإنجليزية، ولم يكن دور الدفاع سوى أنها تقلل من حدة التهم الموجهة للمتهمين من القتل العمد إلى ضر ب أدى إلى الوفاة.
وقال مستر بوند وكيل محكمة الاستئناف إن الهيئة كانت مصممه على إعدام الجميع لولا أصرار بطرس غالي الذي لم يوافق على إعدام أي منهم.
كان لمقتل بطرس غالي رئيس وزراء مصر الأسبق أثره في تاريخ الحزب الوطني فقد خفت حدة أقلام البعض ممن يكتبون في الصحافة، وذلك لهول الحادثة وخوفا من من لصق تهمة تدبير الحادث لأعضاء الحزب، إلا أننا نجد أن بعض الصحف القبطية والأجنبية اعتبرت أن الحادث كان بدايته تحريض من صحف الحزب الوطني وقد ساهمت في ارتكاب جريمة القتل.
وبسبب ذلك زادت مطاردة الحكومة لنشطاء الحزب، وقالت صحيفة Egyptians في عددها الموافق 8 يناير 1911، “أن الورداني وهو يقتل بطرس غالي رئيس وزراء مصر الأسبق كان يقتل في نفس الوقت الوطنية المصرية في مصر”.