قناة السويس.. أسرار وحكايات

قناة السويس.. أسرار وحكايات

كتب- محمد حجازي

أبدع المصري القديم في تقديم حضارة سبقت كل حضارات العالم، انها الحضارة التي مازلت تدهشنا حتى اليوم بفكرها وعلمها، ومن ثم حق لتاريخ مصر أن يطلق عليه تاريخ الحضارة الإنسانية. ودعونا نتعرف في هذه السطور على مجرى من أهم المجاري البحرية في العالم، انها قناة السويس التي تربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر مرورًا ببرزخ السويس.

قناة السويس
قناة السويس

 

الجذور التاريخية لفكرة انشاء قناة السويس

ذكر التاريخ أن مصر هي من شقت أول قناة صناعية على وجه الأرض، وذلك عندما حفر القدماء المصريين قناة تربط بين النيل والبحر الأحمر، وجرت هذه القناة حينًا وتوقفت آخر.

وتعود فكرة حفر قناة تربط بين البحرين؛ الأبيض والأحمر إلى العصور القديمة، فقد أُنشئت أول قناة على يد سنوسرت الثالث أحد ملوك الأسرة الثانية عشرة عام 1874 ق.م.، ولكنها أهملت بعد ذلك واعيد افتتاحها مرات عديدة تحت أسماء مختلفة. وقد عمل عمرو بن العاص عند فتح مصر على تجديد هذه القناة بأوامر من الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنهما.

رسم تاريخي لقناة السويس
رسم تاريخي لقناة السويس

 

الحملة الفرنسية وقناة السويس

جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1798، وقد عمل نابليون على ترسيخ أقدامه في مصر، فعكف على دراسة تاريخ مصر وفهم الشخصية المصرية، وطبيعة البيئة والأرض المصرية، فوجد هذه الفكرة القديمة بإنشاء قناة تربط بين البحرين، التي اعتمد عليها في برنامجه الاستعماري بشكل أساسي. عمد نابليون إلى بعثة علمية لوضع الدراسات اللازمة حول احياء الفكرة بشكل أكثر تطورا، وبعد قيام البعثة بثلاث رحلات إلى منطقة البرزخ، جاء تقرير لوبير بارتفاع مستوى البحر الأبيض عن البحر الأحمر بمقدار ثلاثين قدمًا وست بوصات، وهو الخطأ العلمي الهندسي الذي وقع فيه، وهنا زعم البعض بأن هذا كان السبب في عدم قيام القدماء بشق قناة مستقيمة بين البحرين المتوسط والأحمر، ولكن رجل كان له رأي أخر.

نابليون بونابرت
نابليون بونابرت

 

 

ديليسبس وقناة السويس

بعد خروج الحملة الفرنسية من مصر وامتلاك محمد علي لزمام الأمور، فكر في حفر قناة تصل بين القاهرة والسويس إلا أنه تراجع عن ذلك، وكان المسيو فرديناند ديليسبس هو الرجل صاحب الرأي الأخر الذي كان يراقب كل هذا ويمني نفسه بأنه قادر على شق قناة بين البحرين وخاصة بعد اطلاعه على تقرير لوبير وادراكه للخطأ الذي وقع فيه.

حاول ديلسيبس اقناع عباس الأول (١٨٤٨ – ١٨٥٤)، بإنشاء القناة، إلا أنه عارض بشدة الأمر وصب اهتمامه في تسهيل المواصلات عن طريق البر بين الإسكندرية والسويس، وأدرك ديليسبس أنه لن يتمكن من اقناع عباس الأول بتنفيذ الفكرة، ولكنه رأى أن ينتظر وألا يتخلى عن فكرته، فربما تتغير الأحوال.

استبشر ديليسبس بتولي سعيد باشا حكم مصر، وتمكن من إقناعه بالفكرة، وبالفعل بدأ في تنفيذ المشروع، وحفر القناة إلى أن جرت فيها مياه البحر الأبيض حتى بحيرة التمساح في ١٨ نوفمبر ١٨٦٢، وقد أكمل ديليسبس إتمام حفر القناة في عصر الخديوي إسماعيل، حيث كان سعيد قد توفي في 18 يناير 1963.

فرديناند دي لسبس
فرديناند دي لسبس

 

افتتاح قناة السويس

افتتحت قناة السويس في ١٨٦٩، وكانت الحكومة المصرية تمتلك آنذاك ٤٤% من أسهمها، وهنا تغيرت الأهمية الاستراتيجية لمصر، فقد رأى الإنجليز أن هذا هو الطريق الأسهل والأقصر إلى مستعمراتهم الكبرى في الهند.

الحفل الاسطوري لافتتاح قناة السويس
الحفل الاسطوري لافتتاح قناة السويس

 

تأميم القناة

باع الخديوي إسماعيل حصة مصر من القناة عندما تراكمت الديون عليه في عام ١٨٧٥، وظلت القناة قيد العمل كامتياز خاص حتى اعلان عبد الناصر تأميمها في ٢٦ يوليو ١٩٥٦ كشركة مساهمة مصرية، لكي يتمكن من تمويل مشروع السد العالي بعد امتناع الولايات المتحدة والبنك الدولي عن تمويل بناء السد.

وقد تعرضت القناة إلى الاغلاق مرتين؛ كانت الأولى بعد العدوان الثلاثي على مصر، والثانية بعد حرب ١٩٦٧ بين مصر وإسرائيل، وأعاد الرئيس أنور السادات افتتاحها للملاحة الدولية في ٥ يونية ١٩٧٥ بعد تطهيرها من آثار العدوان الإسرائيلي.

مبنى هيئة قناة السويس
مبنى هيئة قناة السويس