كيف تتعامل مع طفلك الذى يكذب كثيرا” ؟؟

كيف تتعامل مع طفلك الذى يكذب كثيرا” ؟؟

يعدّ الكذب شعبةٌ من شعب النفاق، وأقصر طريقٍ للوصول إلى النار، وهو من آفات اللسان الخطيرة، بالإضافة إلى أنه علامةٌ على ذهاب الإيمان من قلب العبد وسببٌ لمحق البركة منه .والكذب عند الأطفال سلوك مُكتسَب من البيئة المحيطة كالأسرة؛ وقد يكذب الطفل لأسباب نفسية عارضة كإثبات الذات أو لفت الإنتباه، وهذه سريعاً ما تزول بتتابع مراحل النمو ومدى اكتمال النُّضج العقلي، بالإضافة إلى دور الأصدقاء والمدرسة إما بترسيخ وتهوين الكذب ومضاره، أو إنكاره والتّنفير منه ، وقد يكذب الطفل بالنّمذجة (عبر ملاحظته لكذب أو مبالغة أحد ولديه في رواية واقعةٍ ما) فيظنّ بأنه سلوك عادي، أو مبالغة الوالدين في حثّ أبنائهم على الصّدق ومراقبة جميع تصرّفاتهم ومحاسبتهم الشديدة لهم على كلّ صغيرةِ وكبيرة بأسلوب صارم؛ ممّا يعكس ذلك على نفسيّة الطفل، فينتُج عنه أحياناً ردّة فعل معاكسة.

كذب الطفل إلى الأطفال الذين يظهرون درجات متفاوتة من السلوك المخادع في موقف اجتماعي ،و الأطفال يكذبون منذ سن الثانية وتزداد مهاراتهم الخادعة بشكل حاد مع بلوغهم سن المراهقة.و السبب الرئيسي لكذب الطفل غالباً هو الخوف، وإذا أُهمل الطفل ولم يعالج الكذب سيصير ملازمًا له ؛ما يتسبب في ممارسة الطفل سلوكين سلبيين، وهما الغش والسرقة، وينبغي علينا التأكد من الطفل هل هو فعلا كذاب أم لا؟ ونفرق بين الكذب الطارئ والعابر ،وبين الكذب المرضي والمستمر،وذلك قبل البدأ بالعلاج أو اتهام الطفل بالكذب ، والكذب العابر لا يستحق أن نقف عنده إلا بتوجيه بسيط، أما الكذب الدائم والذي تحول فيه الطفل إلى صفة الكذاب من كثرة كذبه فهذا الذي ينبغي أن يعالج من خلال الحوار معه أولا، وتعريفه بالفرق بين الكاذب والصادق وإيجابيات وسلبيات كل سلوك منهما، وأهم خطوة علاجية ألا نمارس العنف مع أبنائنا ونحن نعالجهم أو نوجههم، كما لا ينبغي أن نضربهم أو نستهزئ بهم.

ما هي أنواع الكذب ؟

تختلف أنواع استعمال الطفل للكذب باختلاف المواقف والمسببات التي يتعرّض لها، وبالتالي تنقسم أنواعه إلى ما يلي:

الكذب الإدّعائي:

ويستعمل الطفل هذا النوع من الكذب للفت الانتباه، وتدنّي المفهوم الذّاتي،وسوء الأوضاع المعيشية، والشعور بالنقص أو الحرمان، وتدنيّ الثقة الطفل بنفسه، والشّعور بالنّقص أو التّنشئة الأُسريّة غير السليمة ؛مما يؤدي بالطفل إلى ادّعاءه بأنه يمتلك ألعاب كثيرة في غرفته، أو ذهابه في رحلات مختلفة؛ ليَظهر أمام أصدقائه بأنه الأفضل، ويمتلك الكثير من الأشياء.

الكذب الخيالي:

يظهر هذا النوع من الكذب عند الأطفال الذين يتمتعون بالخيال الخصب، وطلاقة اللسان، وسرعة في نموّ القدرات اللغوية، وبالتالي القدرة على التعبير واختراق القصص والأحداث الخيالية غير الممكنة وغير الواقعية، ويعكس ذلك ارتفاع في مستوى الذكاء، وقدرة الطفل على خلق عالمه الخيالي المتفرّد من صُنع أفكاره الخاصة.

الكذب الغرضي:

ويستعمل الطفل هذا الكذب لتحقيق ما يريد في حين معارضة السلطة لذلك، فيقوم بالكذب والاحتيال للحصول على غرضه؛ فقد يطلب مالاً لشراء ما يلزمه للمدرسة (في حين أنه يذهب لشراء الحلوى)، أو أنّه يذهب للمذاكرة مع أحد اصدقائه (وهو في الواقع يذهب لممارسة لعبة أو فعالية ما)، ويظهر هذا عند تشدُّد الأهل، وكثرة عقابهم لأبنائهم، وعدم تلبية حاجاتهم التي يرغبون بها.

الكذب الالتباسي:

يحدث عند الطفل بعض الالتباس بين الحقيقة والخيال؛ أي من الممكن أن يسمع الطفل قصة خرافيّة ويقوم بتصديقها، أو قصة واقعية أعجبته؛ فتملكته تفاصيلها ويقوم بمعايشتها بخياله، ويُعيد سردها مع تغيير الشخصيات وبعض الأحداث، أو أنه يرى أحلامه ويُصدّق بأنّها واقع؛ فيرويها لمن حوله، إذن فهذا النوع من الكذب مرتبط بالقدرات العقليّة للطفل، وعادة يزول بتقدّم الطفل في مراحله العمرية، وتطوُّر النُّضج العقلي.

الكذب الوقائي:

يلجأ الطفل إلى الكذب في حال خوفه من العقاب أو التوبيخ؛ خصوصاً إذا كانت شدة العقاب لا تتناسب مع ما يتطلبه الموقف، فيكذب الطفل للدفاع عن نفسه وحمايتها، ويظهر بشكل واضح عندما تكون السلطة قاسية، وتُوقِع العقاب دون تفهّم ظروفه ومسبّباته.

الكذب الانتقامي:

يظهر غالباً بسبب الغيرة والإحساس بالظلم، وينشأ كردَّة فعل انعكاسيّة لملاحظة الطفل للتمييز الواقع من أحد الوالدين أو أحد أفراد الأسرة بين الأبناء بشكل عام، أو بتمييز المعلمين الأطفال عن بعضهم في البيئة المدرسية؛ فيكون الكذب الانتقامي ملاذاً في مثل هذه الحالات؛ للإضرار بالمُميَّز من الأشقاء أو الأقران؛ حيثُ يُعتبر كنوعٍ من استرداد الحقّ، أو تحقيقاً للعدالةِ كما يراها الطفل، أو انتقاماً لعدم تكافؤ الفرص.

كذب التقليد:

يدرك الطفل مشروعية الكذب بتقليده لِمَن حوله من الكبار؛ حيثُ يظهر هذا النوع عند استخدام الأهل أساليب الكذب، فيقوم الطفل بتقليد تصرُّفات والديه، سواء أكانت جيّدة أم سيّئة، فمثلاً عندما يأتي أحدُهم لزيارة الأب، يطلب الأب من الأمّ إخبار الزائر بعدم وجود الأب في المنزل، فالطفل يشاهد ويراقب ويُدرك ما يحدث دون قصد الأهل إكسابه هذا السلوك، وبالتالي يكون الكذب هو أسلوب للتّخلُّص من المشكلات

الكذب المرضي:

يحدث عندما يكون الكذب عادة مزمنة عند الطفل؛ فيُصبح من سماته الشخصية، وهو نتاج للتّقصير في علاج الكذب كظاهرة سلوكية مؤقتة في حال حدوثها، واستخدام الأساليب التربويّة المناسبة التي تردع الطفل عنه؛ ليصبح بذلك ظاهرة مرضية تلازم صاحبها دون شعوره بذلك، وبشكل خارج عن إرادته.

طرق ووسائل علاج الكذب عند الأطفال :

يوجد الكثير من الطرق التربوية والعلاجية لتفادي مشكلة الكذب عند الأطفال، ومنها:

تعزيز ثقة الطفل بنفسه، واستثارة اتجاهاته الإيجابية تجاه ذاته، والابتعاد عن المثيرات والانفعالات التي تثير الخوف والفزع عند الطفل الاتزان في إيكال المهمّات ومراعاة القدرات العقلية والجسمية للطفل؛ كي لا يُضطرّ إلى طلب المساعدة من أحد وقيامه بالكذب بِنَسب الإنجاز لنفسه.

التمهُّل في اتّهام الطفل بالكذب قبل التأكُّد بشكل قاطع؛ حتى لا يستمرئ إطلاق الصفة وسماعها، بالإضافة إلى الحفاظ على مصداقيّة المُربّي.ويجب على الأسرة أن تكون مصدراً للتنشئة السويّة للطفل، فإحاطة الطفل ببيئة صالحة تُنشئ قدوة حسنة تُصدَّق في أقوالها ووعودها وأفعالها، بالإضافة إلى زرع الأمان النفسي والاستقرار، والابتعاد عن القلق؛ فالطفل المستقرّ نفسيّاً لا يشعر بضرورة الكذب، والطفل الخائف دائما ما يلجأ إليه.

ويجب أن يتعلم الطفل فضيلة الصدق، وتشجيعه عليها بذكر بيت من الشعر، أو قصّة تُظهر أجر الصادق وجزاء الكاذب، بالإضافة إلى استعمال التعزيز تجاهه في حال قوله الصدق وتجنبه استعمال الكذب.بالإضافة إلى إيقاع العقاب المتَّزن في حال عدم قول الطفل للحقيقة أو نفيه لها مع شرح أسباب وقوع العقاب عليه، وبالمقابل عدم معاقبته عند قوله الحقيقة ومسامحته؛ لزرع حبّ الصدق والأمان في ذاته ،تجنُّب التمييز في المعاملة بين الأبناء، والعدل والمساواة بينهم.

ومن الممكن أن نمنع الطفل من شراء الأشياء الغالية أو التي يرغب فيها، ونربط رفضنا الشراء له بسبب كذبه، أن نجعله كلما كذب يتصدق بصدقة على الفقراء أو المساكين ولو من الحصالة التي بغرفته، فنكون بهذه الوسيلة قد دربناه على عمل شيء إيجابي بحياته كلما عمل شيئا سلبيا أو أخطأ.وأيضاً يكون لدينا علبة فيها حلويات وكاكاو نزيدها كلما كان صادقا في حديثه، أو أن يتم تعليق لوحة بالغرفة فيها نجوم كثيرة وكلما كذب كذبة نقوم بطمس نجمة من اللوحة فيتحمس للمحافظة على النجوم