محمد طه رجل الدين والعلم والمقاومة

محمد طه رجل الدين والعلم والمقاومة

 

تقرير: تسنيم محمود

مربي للأجيال، مصلح بين الناس، مأذون شرعي، خطيب مفوه، ومقاوماً للإحتلال الإسرائيلي ، هكذا كان الشيخ محمد طه ،والمعروف بـ “أبو أيمن”، أحد المؤسسين الأوائل لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وأحد أعظم قادتها.

 

ولد محمد طه عام 1937 في قرية “يبنا” الفلسطينية، وبها تلقي تعليمه الإبتدائي، قبل أن يضطر هو وعائلته إلى تركها والرحيل عنها نتيجة لتهجير القوات الإسرائلية لهم، حتى استقر بهم المقام في مخيم البريج وسط قطاع غزة.

ومن هناك استمر في تعليمه في المدارس التابعة لوكالة الغوث، وبعدها صار معلماً في مدارسها، وقد ظل يعمل في مهنة التدريس لمدة تصل إلى اثنين وثلاثين عاماً.

نشأته الدينية والبيئة التى تربي فيها فى مخيم البريج؛ ساقته فى سن مبكر إلى الإنضمام لجماعة الإخوان المسلمين، فأصبح من رعيلها الأول في فلسطين، يصحبه في ذلك الشيخ “أحمد ياسين” مؤسس حركة حماس، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي.

 

ولحرصه الشديد على التعلم وحبه الكبير للعلم، أصر على إكمال تعليمه رغم حصوله على الشهادة الأساسية التي كان يعمل مدرساً بها، فالتحق بالجامعة الإسلامية في غزة ليتخرج منها وهو حاصلاً على بكالريوس الشريعة الإسلامية، ليصبح بعدها خطيباً لمسجد التقوى في مخيم البريج، بالإضافة إلى كونه مأذوناً شريعاً فى المخيم.

 

لم يتوقف دور أبو أيمن هنا، ولم يكتفي بكونه مدرساً وخطيباً ومأذوناً شريعاً، بل امتد نشاطه إلى كونه أحد القادة الستة الذين أسسوا حركة حماس، في ديسمبر من عام 1987، وهو الأمر الذي عرضه للإعتقال مرات عديدة في سجون الاحتلال، كما لم يكن بعيداً أيضاً عن أيدي السلطة الفلسطينية، فتم اعتقاله من قبلها الكثير والكثير من المرات ذاق خلالها أنواع كثيرة من التعذيب والتنكيل.

ولم يكن “أبو أيمن” ليحارب الصهاينة وحده، بل انضم إليه أولاده الثلاثة، فكانوا في مقدمة المقاومين التابعين لكتائب القسام، ولم يسلموا هم أيضاً من بطش الاحتلال إذ تعرضوا لهدم منزلهم عام 2003، وتعرضوا أيضاً للاعتقال لدى قوات الاحتلال بصحبة والدهم، وكما قامت قوات الاحتلال بتنفيذ عملية اغتيال لابنه “ياسر”، والذي كان من أبرز مهندسي العبوات بكتائب القسام، إذ قامت باستهداف سيارته بصواريخ الأباتشي، وكان برفقته حينها طفلته الصغيرة وزوجته الحامل، ليلقوا جميعاً حتفهم في 12 ديسمبر 2003.

وفى مطلع عام 2005 أجرت السلطة الفلسطينية انتخابات البلدية ليفوز فيها الشيخ محمد طه برئاسة بلدية البريج، ولكنه لم يتسلم رئاسة البلدية فعلياً إلا فى عام 2007.

وقد كان أبو أيمن صاحب فكر ورؤية، فكتب العديد من المؤلفات حول تجربته في الحياة، ورؤيته تجاه المقاومة وعمل الحركات الإسلامية، بالإضافة إلى نظم العديد من أبيات الشعر.

وبعد هذه الرحلة الطويلة، أصابه المرض وتمكن منه، فتقدم باستقالته من رئاسة بلدية البريج، وسافر في رحلة علاجية إلى الخارج، تمكن خلالها من زيارة العديد من البلدان العربية مثل مصر وسوريا ولبنان، ثم عاد إلى البريج مرة أخري.

وبعد فترة تعرض لوعكة صحية مفاجأة، اضطرت المرافقين له لنقله إلى مستشفي “شهداء الأقصي”، ليرحل عن الدنيا هناك، وكان ذلك في يوم الثلاثاء الموافق 11 نوفمبر 2014.