محمود علي البنا.. رحلة أصغر قارئ في الإذاعة المصرية

محمود علي البنا.. رحلة أصغر قارئ في الإذاعة المصرية

تحل علينا اليوم ذكرى رحيل القارئ الكبير محمود علي البنا، حيث رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم الموافق 20 يوليو 1985، بعد رحلة حافلة بالعطاء وصوت صدح بالقرآن فانطلق ليسمع العالم أجمع، ويجمع على حبه الصغير والكبير، وصوت رقت به القلوب وخشعت، فكان صوته نديًا وعذبًا يجذب الآذان والقلوب، وترك إرثًا عظيمًا من تسجيلات الإذاعة والمصحف المرتل والتلاوات النادرة التي لا تزال تتلى حتى وقتنا هذا، فهيا بنا عزيزى القارئ في السطور القادمة نتعرف إلى رحلة هذا الشيخ العظيم وتلك القامة بين مقرئي القرآن الكريم.

ميلاد محمود علي البنا ونشأته

ولد الشيخ البنا في يوم 17 ديسمبر عام 1926، لأسرة بسيطة بقرية شبرا باص مركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية.

وهو أول إخوته الذكور والثاني في الترتيب، كان أبوه قد فقد أطفالًا ذكور من قبله، فعندما رزق به نذره للقرءان تيمنًا بأن يكون خادمًا للقرآن وأهله.

وألحقه بسن مبكره بكتاب القرية وذلك قبل أن يتم الخامسة من عمره.

رحلة البنا من كتاب القرية إلى الإذاعة المصرية

حفظ البنا القرآن الكريم في كتاب القرية على الشيخ موسى المنطاش وأتم حفظه في السنة الحادية عشرة من عمره.

ثم انتقل إلى طنطا لدراسة العلوم الشرعية بالجامع الأحمدي، وتعلم علوم القراءات على يد الإمام إبراهيم بن سلام المالكي.

فحفظ الشاطبية للأمام الشاطبي وتفسيرها ثم قرأ عليه القراءات العشر واستمر عامين على هذا النحو يتلقى علوم القرآن.

نصحه شيوخه بالتوجه إلى القاهرة فانتقل إليها عام 1945، ودرس فيها علوم التجويد والمقامات الصوتية على يد الشيخ درويش الحريري.

وسرعان ما اشتهر وذاع صيته في وسط المقرئين والمشايخ، وأختير قارئًا لجمعية الشبان المسلمين عام 1947، وافتتح كل الاحتفالات التي أقامتها الجمعية.

واستمع إليه عدد من كبار الحاضرين في احتفالات الجمعية مثل علي باشا ماهر وكان رئيس الوزراء في ذلك الوقت، والأمير عبد الكريم الخطابي، ومحمد بك قاسم مدير الإذاعة المصرية آنذاك وطلبوا منه الالتحاق بالإذاعة المصرية.

والتحق محمود علي البنا بالإذاعة المصرية عام 1948، وكانت أول قراءة له من سورة هود في ديسمبر من العام نفسه.

واعتمد مقرئًا بالإذاعة المصرية وعمره لم يتجاوز العشرين عامًا أو يزيد بعام واحد فكان أصغر قارئ يُعتمد بالإذاعة.

وبحسن قراءته وتلاوته العذبة صار أحد أهم القراء في مصر والوطن العربي خلال سنوات قليلة.

رحلته مع القرآن

يعد محمود علي البنا من أفضل قراء القرآن الكريم، وله قاعدة جماهيرية واسعة.

فقد لقب بسفير القراء، واطلق عليه لقب قارئ المساجد الكبرى فقد قرأ القرآن في مسجد الملك بحدائق القبة يوم الجمعة من كل أسبوع لمدة خمس سنوات.

اختير قارئًا لمسجد عين الحياة في ختام الأربعينيات، ثم لمسجد الإمام الرفاعي بالقلعة في الخمسينيات.

وانتقل للقراءة بالجامع الأحمدي في طنطا عام 1959، وظل به حتى عام 1980، ثم تولى القراءة بمسجد الإمام الحسين حتى وفاته.

ترك للإذاعة ثروة هائلة من التسجيلات، إلى جانب المصحف المرتل الذي سجله عام 1967، والمصحف المجود في الإذاعة المصرية، والمصاحف المرتلة التي سجلها لإذاعات السعودية والإمارات.

زار الشيخ محمود علي البنا العديد من دول العالم، وقرأ القرآن في الحرمين الشريفين والمسجد الأموي، ومعظم الدول العربية.

وزار العديد من دول أوروبا ومن ضمنها ألمانيا عام 1978، ولم يترك مكانًا ذهب إليه إلا وتلا فيه القرآن.

كما أرسلته وزارة الأوقاف كمحكم في العديد من المسابقات العالمية للقرآن الكريم.

وناضل الشيخ محمود علي البنا كثيرًا من أجل إنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم، فكان إنشاء أول نقابة للقراء عام 1984.

وكان أول نقيب لها الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، واختير البنا نائبًا له في نفس العام.

التكريم والجوائز التي حصل عليها

حصل الشيخ محمود علي البنا على العديد من شهادات التقدير والأوسمة من مختلف الدول التي زارها.

وحصل على ميدالية تذكارية من القوات الجوية في عيدها الخمسين عام 1982.

وحصل على درع الإذاعة في الاحتفال بعيدها الذهبي عام 1984.

وكرمه الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، ومنحه وسام العلوم والفنون عام 1990.

رحيل محمود علي البنا

توفي الشيخ البنا في 20 يوليو عام 1985م، والموافق 3 من ذي القعدة عام 1405 هجريًا عن عمر ناهز 59 عامًا.

ودفن في ضريحه الملحق بمسجده بقرية شبرا باص بالمنوفية مسقط رأسه.