مزارعو الوردة الشامية في سوريا يْجنُون الموسم
مزارعو الوردة الشامية في سوريا يجْنُون الموسم لعام 2024 بدءاً من15مايو”أيار” وانتهاءاً بــ 10يونيو”حزيران”، وعندما تستمع الى المطرب محمد عبد الوهاب وهو يغني” علشان الشوك اللي في الورد أحب الورد” تكاد تتخيل ان هذه الوردة تهمس لأكمامها قائلةً: من أجل كنوزك الدفينة فاننا نتحمل أشواكك.
لماذا؟
ماهي أسرار وكنوز وردة دمشق؟ولماذا تتحمل قاطفات الورد كل تلك الأشواك القوية؟
أولاً- الوردة الشامية مليئة بالأشواك، لكن الأيدي الخبيرة بالقطاف تستطيع تفاديها
وثانيًا- لأنهن على يقين انه كلما كنا ماهرات وسريعات في القطاف فإن ثروة تنتظرهن ،و كي يتم الحصول على كيلو غرام من زيت الوردالشامي فإنه بحاجة إلى أكثر من 12 طنًا من الورد الشامية
فهل تتخيل تلال الورد الواجب قطافها للحصول على هذه الكمية؟
المزارعون يجْنُون موسم الوردة الشامية
تنتشر زراعتها في قرية المراح بريف دمشق وفي منطقة النيرب بريف حلب بنسبة 75%لدمشق و25%لريف حلب. وبدأت تزرع بمدينة اللاذقية عبر مشاريع صغيرة. لخلق فرص العيش، كما تزرع في كثير من الأرياف السورية لكن لاتشكل مشروعًا استثماريًا.
يطلق عليهااسم ” لاروزا داماسينا”والتي عرفت باسم وردة دمشق لأن موطنها الأصلي دمشق، إذ انتقلت عبر الحروب الصليبة إلى أوربا إلاْأنها احتفظت باسم موطنها الأصلي
متى يبدأ مهرجان قطافها؟
في تاريخ 15 مايو”أيار” من كل عام ستجد مهرجانًا يمشي على طرق ترابية وصولاً إلى أجمل الحقول، بطلات هذا المهرجان من النساء الماهرات، يستقبلن الخيوط الأولى من الفجر “الخامسة صباحًا” وهنَ في حقول الوردة الشامية التي لايمكنك اْن تتخيل العبق المنتشر فيها
رحلة الى حقل الوردة الشامية
لقد زرت احد الحقول برفقة قريبة لي تعمل في موسم القطاف في الخامسة صباحًا وهو وقت لم اْعتد الصحو فيه إلا أنه الوقت الذي لن تندم على هدره واْنت تستيقظ باكرًا وأقول لك: إن لم تقتنص هذا الوقت فإنك لن تحظى بتلك الفرصة،أما اذا شاركتهم تجربة القطاف فإن لهذا طعم أكثر عشقًا للوردة وستجدد ولاء حبك لها كل عام.
فن قطاف الوردة الشامية
أما بالنسبة لفنون قطاف الوردة الشامية ذات اللون الزهري الخلاب فإنه يتم على الشكل التالي:
يتم قطاف أزرار الورد قبل ان يتفتح وهو كما يقال” مازال نديًا أي تجتمع رطوبة الليل مع ندى الفجر قبل انبثاق أشعة الشمس ليتم جمعه ويعتبر هذا النوع الأكثر قدرة على إنتاج الزيوت الطبيعية باهظة الثمن أما اذا كبرت الورة وأعلنت عن تفتحها فلها استخدامات اخرى.
تجربة قطاف الوردة الشامية
في قطافها تفضل الوردة أن تجمعها أيدي النساء! ولاتستثني أحدًا منهن وتشارك كافة الأعمار في ذلك فالصغيرة تتعلم والكبيرة ’تعَلم والشابات الجامعيات تعملن في هذا الوقت لتوفر فرصة عمل تمتد لأكثر من شهر وعندما يعملن فإن السيدة كبيرة السن تضحك مازحة على الصغيرات لأنهن يتأثرن بالأشواك التي تخزهن ويقلن لهن أنتن من الجيل الناعم اْما نحن فلم نعد نشعر بالشوك وإحداهن تغني “علشان الشوك اللي في الورد” ويضحكن ضمن هذا المهرجان الربيعي الأخاذ، منهن من تحمل كيسًا ومنهن من تربط قماشًا حول خصرها وتشكله كالكيس الواسع وتملأه وردًا.
في نهاية القطاف
الى أن ينتهي موسم قطاف الوردة الشامية في 10يناير”حزيران” تكون النساء قد انتهين من قطاف آخر وردة شامية اْما الرجال؟ فالحقيقة لا أعرف لماذا لايتشارك الرجال هذه المهمة هل يعتبرونها مهمة خفيفة للنساء وليست بحاجة الى بذل مجهود عضلي؟ أم اْنهم يستلمون المحصول جاهزًا ليقوموا بتسويقه وهي المهمة التي يرونها أكثر صعوبة؟ أم لأنهم يتحملون عملية نقلها؟ربما كانت كل تلك الأسباب موجودة لكن في الحقيقة الكل راض بمهامه!
لماذا يعتبر موسم قطاف الوردة الشامية مشروعًا ذو فوائد ؟
1-الأرباح المالية والقيمة المضافة التي يدرها مشروع هذه الزراعة خاصة أنه يزرع في أراض فقيرة
وتستثمر زراعته في أراض مستصلحة ،لكنها مع ذلك بحاجة ككل النباتات إلى الإهتمام والعناية ومراقبتها من الآفات اْوالأمراض لكن قياسًا مع بقية الزراعات فهي غير مكلفة
2- يستخلص من بتلاتها زيوتًا يتم بواسطتها تركيب بعض أنواع العطور والمستحضرات الطبية حيث يذكر العارفون بسوق الورد اْن كيلو غرام واحد من زيت الوردة الشامية يقدر ب40 ألف دولار
3- وقد أكد أخصائيو التغذية أنه يمكن استخدام البتلات بعد غليها في علاج ارتفاع التوتر الشرياني وهو منعش لعضلة القلب والكبد وبعض الالتهابات كما تمتلئ البتلات ببعض الفيتامينات الطبيعية المفيدة التي يمكن وصفها من قبل المختص
5- أما مايسمى بماء الورد فإن النساء تستخدمه كغسول للوجه، ويمنح البشرة انتعاشًا
6-يستخدم للمضمضة ليكون مطهراً للفم ويمنحه رائحة طيبة، اضافة الى احتوائه على مضادات اْكسدة مثل الفلافونويدات التي تحد من العناصر الحرة.
اليونسكو أدرجت الورة الشامية في قائمة التراث
أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، “الوردة الشامية”وما يحيط بها من صناعات حرفية في قرية “المراح” السورية ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي.