من ابتدع التنمية البشرية؟!
من ابتدع التنمية البشرية؟!
في الفترة الأخيرة ازداد عدد من يطلقون على أنفسهم لقب أساتذة التنمية البشرية، إلى حد كبير، وانجذب إليهم القراء.
متى ظهرت؟!
لكن إذا رجعنا إلى تاريخ تلك الكلمة، سنجد أنها بدأت في الظهور كفكرة، بعد الحرب العالمية الثانية.
ومع انتصار دول الحلفاء، (فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي)، وحصول الولايات المتحدة على النصيب الأكبر من الفوز.
من ابتدعها؟!
بدأ استخدام فكرة التنمية البشرية، من قبل هاري ترومان، لتحسين الجوانب الاقتصادية والسياسية، ومن ثم الاجتماعية، والجوانب الأخرى.
الكلمة إصطلاحا..
وتم اعتمادها اصطلاحا في الإعلان العالمي عن حق التنمية، بهدف مزج الدول النامية الحاصلة على استقلالها السياسي، بالاقتصاد العالمي.
الفكرة مما سبق..
إذا، ليس القصد هنا عرض تاريخ ومعاني التنمية البشرية، بل تعديل الفكر الخاطيء الذي يستخدم اليوم نحوها.
فالتنمية البشرية لم توجد لكي تقول لكل شخص. لا تيأس ولا تبالي، أو أنت لست فاشلا، تعلم من جديد.
بل وجدت لكي تنهض بوضع اقتصادي، في دول لديها اقتصاد عالي، تستطيع تطبيقها.
كيف تحول لهذا المفهوم؟!
السؤال هنا، هو كيف تحولت الفكرة بهذا الشكل؟ ليخرج إلينا هذا العدد الهائل من مدعين الزهد والتسامح.
مصر.. والعرب
بالنسبة لأي شخص عاقل، سيرى أن التنمية البشرية في مصر والدول العربية، ما هي إلا بدعة..
ابتدعها البعض للكسب من وراءها، فقط لا غير، فليس من المعقول أن يقع شخص في مشكلة، ليخرج بعدها يؤلف كتابا.
ينصح فيه الغير كيف يتعاملوا مع الحياة..
فلكل حياته الخاصة، والمختلفة، لذلك فما تقول ليس إلا كلمات وهمية.
قد يرى قراء ذلك النوع من الكتابة أنها تبعث الأمل والإيجابية، لكني أرفض ذلك بشكل قاطع.
لأنه كما سبق كل شخص له حياته، وحتى وإن تشابهت في بعض الأحيان فلن تتشابه في البيئة المحيطة.
فأنت لن تستطيع أن تطبق تجارب غيرك على نفسك، لأنه لا يعرف ما يحيط بك، ولا يعرف مستواك الاجتماعي والنفسي.
الأكثر سوءا في الموضوع، ظهور “كورسات” التنمية البشرية، وانقياد فئة الشباب وطبقة مرحلة التعليم الثانوي خاصة وراءها.
ظنا منهم أن ذلك هو الدعم لهم، وأن الكلمات التي تقال من هؤلاء الناس، هي ما ستجعلهم يذاكروا أو ينجحوا.
لكن المشكلة ليست فيهم، بل في ذويهم، لانهم لم يحتووههم من البداية.
في النهاية..
تعتمد غالبية كتب التنمية البشرية على مد الشخص بالطاقة الإيجابية، وروح الحماسة، وهناك بالفعل من يستجيب لها، وآخرون لا يصدقونها.
لا تصدقهم دائما..
عند التطرق لبعض من هذه الكتب، أثار انتباهي مقولة “كلما أعطيت المزيد، حصلت على المزيد” التي يؤكدها روبرت أنتوني.
والتي رغم صدقها أحيانا، إلا اننا لا نستطيع أن نجزم بحقيقتها، لأن كثير ما نعطي دون الحصول على شيء.
على العكس تماما، إذا نظرنا لكل ما حولنا من علاقات سنجد، أن هناك الكثير مما يعطون ولا يأخذون حتى حقهم.
وإذا تأملنا بعض هذه الكتب، مثل تخلص من عقلك، وفن اللامبالاة أو قوة الفشل، وغيرهم الكثير من تلك الكتب.
ستجد أنها حتى وإن حلت لك بعض مشكلاتك ستجد أنها وضعت أمامك مشكلات أخرى لم تكن في حسبانك، حتى وإن لم تكن مشكلات ملموسة، ستجد مشكلات معنوية ونفسية.
قوة الفشل..
يتلخص الكتاب في أنه يهدف إلى تعريف القراء بمدى تأثير قوة الفشل على حياتنا، من حيث كونه عنصر أساسي لازم للحياة الناجحة، من خلال مناقشة تجربة الفشل من منظور جديد.
والكتاب يتكون من أربعة أجزاء أو أقسام، تتمثل في التعريف ب:تغيير مفهومي النجاح والفشل_ الفوز الكامن في الخسارة_ مواجهة الفشل_ التغلب على الفشل.
والذي يدعو من خلالهم شارلز مانز القراء إلى: التعرف على طرق تحويل الإخفاقات أو التجارب الفاشلة إلى نجاحات، ومعرفة الفرص التي يمكننا الحصول عليها من خلال التحديات التي نواجهها في حياتنا اليومية، وكذلك معرفة الطرق العلمية لمواجهة أكثر عثرات الحياة شيوعا بنجاح.
لكن لحظة..
إذا تأملنا كل كلمة، سنجد أنه بالفعل يحفز على التطوير، وأن كل ما به يدعو للايجابية، ذلك بالفعل صحيح.
لكن إذا قرأت ما يعرضه من مشكلات ستجد أن بعضها غير موجود في المجتمع العربي الإسلامي، والبعض الآخر نتعامل معه كروتين حياة وليس كمشكلة.
لصدق ما سبق..
إذا طبقت ذلك على حياتك، ستجد أن هناك الكثير ممن يبذلون كل جهدهم في المذاكرة والعمل لتحقيق حلم بسيط.
لكن هناك من يأخذ حقهم بدلا من أن يعطيه له، بل ويلومه ويعاقبه إذا طالبه بحقه.
لذلك إذا أردت أن تقرأ التنمية البشرية بشكلها الحديث، فلا تصدق كل ما يقال، اقرأ للتسلية وقضاء وقت الفراغ.
ملاحظة حول انطباع..
يدهشني كثيرا من يشبه كتابات التنمية البشرية بالفلسفة، فكيف يرى ذلك، وهي على العكس تماما من الفلسفة، كيف يرى شخص يبحث عن أبسط الحلول كي لا يفكر بالمشاكل، بشخص يكرث حياته في البحث عن أفكار مغلوطة لدى الناس ليصححها؟