أسرار سقوط جاسوس الفخ الهندي مع المخابرات المصرية .. الكشف عن أكبر شبكات تجسس بمصر وسوريا ولبنان 

أسرار سقوط جاسوس الفخ الهندي مع المخابرات المصرية .. الكشف عن أكبر شبكات تجسس بمصر وسوريا ولبنان 

 

 

مقال بقلم : د. مختار القاضي

 

مراجعة : جيهان الجارحي

 

تبدأ القصة عن طريق شاب مصري ، من سكان حي حدائق القبة بالقاهرة ، واسمه طارق عبد الرازق ، الذي كان يعشق رياضة الكونغ فو ، حيث سافر إلى الصين كي يجتاز دورات تدريبية في هذه الرياضة ، ثم عاد إلى مصر ليعمل في مجال التدريب ، ولكن المقابل المادي كان ضعيفا جدا لا يكفي حاجته ، مما اضطره إلى مشاركة عدد من أصدقائه في عمل مشروع باء بالفشل ، فاضطر إلى السفر للصين مرة أخرى ، حيث عمل هناك في شركة مصاعد كهربائية ، ولكن المقابل المادي أيضا كان غير مجدي .

 

فتح طارق عبد الرازق جهازه الشخصي ، ودخل على موقع الموساد الإسرائيلي ، وطلب العمل معهم كجاسوس بعد تعريفهم بنفسه ، وترك لهم رقم هاتفه وبياناته الأخرى . تواصل أحد أعضاء الموساد الإسرائيلي مع طارق ، وطلب مقابلته في تايلاند ، ولكن تم تغيير المكان بعد ذلك لتكون المقابلة في الهند . سافر طارق إلى الهند وتقابل مع ضابط موساد إسرائيلي ، يدعى چوزيف ، الذي اصطحبه إلى مقر السفارة الإسرائيلية في الهند ، وهناك بدأت رحلة التحقيق مع طارق ؛ للتأكد من أنه غير مجند من جانب المخابرات المصرية ، والتحقق من صدق كلامه ، وأنه يرغب بالفعل في بيع بلده مقابل المال .

 

عقب التأكد من صدق طارق تم تعريفه بضابط الموساد الذي سيعمل معه ، والمسمى إيدي موشيه . بدأ طارق يتلقى مبالغ مالية من الموساد مقابل المعلومات ، وكان أول مبلغ تقاضاه هو ١٥٠٠ دولار . تم تدريب طارق وتجهيزه للعمل كجاسوس ، كما تم تكليفه بالعمل كفراز ، بمعنى أن يقوم بعمل صداقات مع الجاليات المصرية في تايلاند والصين ، واختيار من يصلح منهم للعمل كجاسوس . تمكن طارق خلال فترة وجيزة من كسب ثقة جهاز الموساد الإسرائيلي ، وتم تكليفه بعمل ثلاث شبكات تجسس بمصر وسوريا ولبنان من العاملين بجهاز الاتصالات ، وبالأخص خدمة العملاء ؛ وذلك بهدف الحصول على البيانات الشخصية الخاصة بشخصيات بعينها ترغب إسرائيل في تصفيتها .

 

قام الموساد بتمويل عملية إنشاء شبكات التجسس الثلاثة ، وتم منح طارق مبالغ مالية كبيرة ؛ ليتمكن من فتح شركة استيراد وتصدير مقرها هونج كونج ؛ وذلك لجذب الشباب الذين لديهم استعداد للعمل كجواسيس . بدأ طارق بالفعل في إرسال طلبات توظيف للشباب ، وشرع في استقطاب العناصر التي تصلح للعمل في الموساد ، وبعد الحصول على السيرة الذاتية لكل شاب ، يتم إرسالها للموساد ليختار من يصلح للتجنيد كجاسوس .

 

تم منح طارق جهاز لاب توب ذا تقنية عالية ، بحيث لا يمكن فتحه إلا بشفرة خاصة ، وعند فتحه بالقوة يقوم الجهاز تلقائيا بتدمير نفسه ، ومحو أية معلومات فيه ، وهو جهاز خاص بالجواسيس فقط ونادر الوجود في العالم ؛ وذلك ليتمكن طارق من حفظ كافة البيانات الخاصة بمن يقع عليهم الاختيار لتجنيدهم ، وإرسال المعلومات إلى الموساد وقتما تتوفر . سافر طارق إلى سوريا ، وقابل أحد عملاء الموساد ويدعى أبو فادي الذي كان يمنحه نقودا وأجهزة ، وفي إحدى المرات تمكن طارق من مقابلة شخصية أمنية سورية كبيرة ، حصل منها خلال تلك المقابلة على معلومات خطيرة تخص البرنامج النووي السوري ، كما تمكن من تجنيده والحصول منه على معلومات غاية في الأهمية أرسلها على الفور إلى الموساد .

 

قام الموساد بتكليف طارق برصد الحالة الأمنية بمطار دمشق ، وفي سوريا بصفة عامة . سافر طارق إلى لبنان وتمكن من تجنيد عناصر شيعية ، تحت ستار العمل في إحدى الشركات العالمية العاملة في قطاع الإتصالات . عاد طارق إلى مصر برفقة زوجته الصينية ، وأقام في أحد الفنادق ، كما تقابل مع بعض رجال الأعمال في مصر ؛ بدعوى عمل بيزنس معهم ، حيث كان يركز على الشركات التي تعمل في مجال الاتصالات . عاد طارق إلى الصين ونشر إعلانا عن وظائف للعاملين في مجال الاتصالات بمصر ، وخصوصا خدمة العملاء وال آي . تي ، وتمكن بالفعل من اختيار ثمانية من الشباب للعمل معه مقابل مبالغ مغرية ، بعد عمل مقابلات عن طريق الإنترنت .

 

كان الهدف من تجنيد العاملين بشركات الاتصالات هو تتبع المكالمات ، وتجميع البيانات الخاصة ببعض الأشخاص ، وتحديد مواقعهم تمهيدا لاغتيالهم ، وكذلك مراقبة اتصالات كبار المسئولين . قام طارق بهذه الأعمال على مدار ثلاث سنوات ، امتدت من سنة ٢٠٠٧ م وحتى سنة ٢٠١٠ م . عاد طارق إلى القاهرة ، وتم إلقاء القبض عليه ومعه بلوك نوت معالج وجهاز اللاب توب ، وذلك من جانب المخابرات العامة المصرية ، بعد أن كانت قد تتبعت تحركاته منذ كتابته على موقع الموساد الإسرائيلي ، معلنا رغبته في العمل كجاسوس ، وحتى تكوينه لشبكات الجاسوسية الثلاثة ، وزيارته للسفارات الإسرائيلية في عدة دول ، وتصويره مع عملاء الموساد ، وكذلك الضباط الذين كان يتعامل معهم .

 

تم تقديم طارق للمحاكمة ، حيث تم الحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة ، كما تم التواصل مع أجهزة المخابرات بسوريا ولبنان لإبلاغها بأسماء الجواسيس الذين تم تجنيدهم بواسطة طارق ، حيث تم تقديمهم جميعا للمحاكمة ، ومنهم من تم إعدامه شنقا أو رميا بالرصاص .