” أنتاركتيكا”… القارة المليئة بالغموض

” أنتاركتيكا”… القارة المليئة بالغموض

كتبت: يوستينا وجيه

تُعرف القارة القطبية الجنوبية والتي تقع في أقصي جنوب الكرة الأرضية باسم “أنتاركتيكا” ، حيث تصل مساحتها إلى 14,000,000 كم٢ ، بذلك تكون خامس أكبر القارات ، والأكثر برودة ورياح وجفاف ، حيث يغطي الثلج جميع أجزاء القارة بنسبة 98% ماعدا أقصي الشمال ، ويقيم في تلك القارة المتجمدة بشكل دائم حوالي 135 شخص ، كما تُعرف المناطق التي يوجد بها أعشاب باسم “التندرا القطبية الجنوبية” .

كما تعتبر أنتاركتيكا من المواقع الهامة في حفظ الموارد البحرية الحية لذلك تحرص الكثير من الدول على إقامة مراكز للبحث العلمي لبقاء تلك المنطقة نظيفة من التلوث مثال علي ذلك “مشروع إيبكا” الذي كان هدفه الرئيسي الحصول على معلومات عن المناخ الذي كان منتشر في العصر الجليدي وعن حالة الطبقة الجوية (الأتموسفير) عن طريق أخذ عينات جليدية ومقارنتها مع العينات المأخوذة من “جزيرة غرينلاند” الواقعة في شمال أمريكا مما ساعد في الكشف عن حالة المناخ على مر العصور الطويلة.
ولكن هناك خطر يهدد تلك القارة الجليدية على الذوبان ألا هو الاحتباس الحراري حيث يعتقد أنه إذا أستمر معدل أرتفاع درجة الحرارة فمن المحتمل ذوبان تلك القارة بعد قرن واحد وذلك سيتسبب في غرق العديد من المدن الساحلية ؛ ولحمايتها عُقدت معاهدة تعرف باسم معاهدة ” أنتاركتيكا للحفاظ على البيئة” فهذه المعاهدة تمنع أنشاء أي قاعدة عسكرية أو أجراء تجارب على الأسلحة ؛ ويعتبر البحار الأمريكي “جون دافيس” أول من وصل إلى تلك القارة في 7 فبراير 1821 ، وفي عام 1902 قام “روبرت فالكون سكوت” بقياده فريق من العلماء إلى بحر روس للاستكشاف الأراضي الداخلية لتلك القارة .

كما أتفقت غالبية المصادر التاريخية على أن “أرسطو” أول من قام بتسمية تلك القارة “بالأنتاركتيكا” حيث قسم اليونانيين الكرة الأرضية إلى شكل كرة متناضرة مما دعت الحاجة إلى وجود نقطة للتوازن من ناحيتي خط الأستواء فوجدوا “الاكرتيك” التي تعني “دب” باليوانية والتي تشير إلى النجمة الموجودة في الشمال والتي مازالت تسمي باسم “الدب الأصغر” ونظيرها “الأنتاركتيكا” ؛ ثم توالة الأبحاث وفي القرن الثاني الميلادي أكد عالم الفلك اليوناني”بطليموس” على وجود القارة ، كما أعتقد على أن الأرض تسكنها الوحوش وذلك بسبب وجود سلسلة من الجبال صعبة الأختراق ، وعند دوران “ماجلان” حول جنوب القارة الأمريكية أكتشف مضيق يصعب أختراق خلفة سلسلة من الجبال المغطاه بالثلج الكثيف مما جعل الجميع في تلك الفترة يوُمنون بوجود تلك القارة والتي تمتد من أرض النار إلى قارة أستراليا .

ونظر لأهمية تلك القارة عقدت أثني عشر دولة منهم الأتحاد السوفيتي و بريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية وشيلي والأرجنتين وأستراليا معاهدة تنص على حظر النشاط العسكري ، وحرية البحث العلمي ، وحماية البيئة وذلك في عام 1959 .

ويعتقد الكثير من الناس أن القارة المتجمدة لا يوجد بها أي نشاط بركاني ولكن هذا ليس صحيح وذلك لانه يوجد بركان “جبل أيربس” الواقع على مساحة تبلغ 1400 كم من مساحة تلك القارة وهو من أنشط البراكين حيث تظهر دائما صخورة الحارة أسفل سطح القارة .
ومن الملفت للنظر في تلك القارة أنه مازال يوجد بها عدد من الحيوانات التي تختلف في حجمها عن باقي الحيوانات في القارات الأخري حيث يوجد بها على الأقل 235 نوعآ من الكائنات البحرية مثل البطاريق حيث يتراوح حجم الذكور ما بين 25 إلى 30 كج ، اما الأناث يتراوح حجمها ما بين 15 إلى 20 كج .

كما أستخرج العلماء في الفترة الأخيرة أكثر من 194 قدما مكعبة من الهواء المحاصر تحت سطح الجليد ، وأكد على ذلك “بيتر نيف” الباحث في جامعة واشنطن على أن العينات تعتبر أكبر مجموعة من الهواء التي يعود تاريخها إلى سبعينيات القرن التاسع عشر ، وأستمر البحاثين في الحصول على عينات من الهواء للكشف عن مراحل تكوين طبقة الغلاف الجوي على مر العصور المختلفة ، ولأستخراج تلك العينات قاموا بحفر 6 أبار وأستخرجوا (5 ألاف كيلو) من الجليد في قطاعات عمودية كما قاموا بنقلها إلى المختبر ثم قاموا بصهرها بدرجة حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية في حجرة التفريغ ، فحصلوا على أكثر من 194 قدما مكعبة من الغازات التي تعتبر عينة من الغلاف الجوي والتي يتراوح تاريخها ما بين 1875 إلي 2010 ؛ وشجع هذا الأكتشاف فريق البحث على دراسة كمية “غاز الهيدروكسيل” الموجودة في البيئات المختلفة على مدار 150 سنة الماضية ومن المعروف أنه من الغازات قصيرة العمر لذلك توجد صعوبة في كتشافة مباشرة ، كما يبحث الفريق عن “غاز أول أكسيد الكربون 14-” مما يزيد الأمر تعقيدآ أن هذا الغاز قد دُمر بواسطة غاز الهيدروكسيل ويوجد فقط في فقاعات الغاز التي تتشكل بين جزيئات الماء المتجمدة ؛ حيث أن بمجرد الأنتهاء من هذا البحث سيتمكن الفريق من الكشف عن كيفية تنظيم الغلاف الجوي للغازات الدفيئة على مر العصور المختلفة .

كما أظهرت أحد الأبحاث أنه في الثمانينيات من القرن العشرين أن طبقة الأوزون التي تحمي الحيوانات من أشعة الشمس الضارة قد قل سمكها ويرجع السبب في ذلك ألا وهو صناعة “مركبات الكربون الفلوري” التي تسببت في ثقب طبقة الأوزون .

وبالرغم من تجمد هذه القارة ولكن يوجد بها العديد من الموارد المعدنية مثل الكروم والذهب والحديد والرصاص والمنجنيز والموليبدنوم والزنك ، كما يوجد في “جبل ترانسأنتاركتيك” طبقات من الفحم الحجري ، ويوجد النفط في بحر روس و بحر بوغاز برانزفيلد وبالرغم من غناء تلك القارة بالمعادن ولكن يصعب استخراجها بسبب الجبال الجليدية العائمة والرياح الشديدة .

وبالرغم من كل تلك الأكتشافات التي توصل إليها الباحثين إلى أنهم مازالوا يكتشفون العديد من الأشياء التي تعود لعصور قديمة فتعتبر الانتاركتيكا من القارات المليئة بالغموض .