الزيجة التي هزت مصر وغيرت من النظرة إلى الصحافة.. حكاية زواج الشيخ علي يوسف وصفية السادات

الزيجة التي هزت مصر وغيرت من النظرة إلى الصحافة.. حكاية زواج الشيخ علي يوسف وصفية السادات

هناك الكثير من الأحداث البسيطة التي تحولت إلى قضايا رأي عام لما كانت تحمله في طياتها من تفاصيل مجتمعية، أصابت الناس بالذهول ودفعتهم إلى إعادة النظر والتفكير في بعض العادات، وهذا ما حدث في حكاية الزيجة التي هزت مصر وغيرت من النظرة إلى الصحافة.

حكاية علي يوسف وصفية السادات

 

تزوج الشيخ علي يوسف (صاحب جريدة المؤيد) من صفية السادات في 14 يوليو عام 1904 بشهود ومأذون وبرغبة العاشقين، وذلك بعد الحاح من الشيخ علي ومماطلة من والد صفية، فكان والدها السيد عبد الخالق السادات من الأشراف، أما الشيخ علي يوسف فهو من عامة أهل القرى في مصر وليس له نسب معروف.

اعترض السيد عبد الخالق السادات على الزواج، ورفع قضية أمام المحكمة الشرعية، ببطلان الزواج، لأن ابنته تزوجت على غير رغبته من رجل ليس كفء لها في النسب والأسرة المعروفة الشريفة وهي أسرة السادات التي يمتد نسبها إلى آل البيت.

اعتمد المحامي في مرافعته على التقليل من أصول ومهنة الشيخ علي يوسف، ألا وهي الصحافة، ووصفها بالكثير من الصفات السيئة، وأطلق عليها في مرافعته “حرفة الجرائد”، ليتم دراسة القضية والنظر فيها، وتأجيل الحكم إلى 11 أغسطس 1904.

وفي الموعد المحدد، حكمت المحكمة ببطلان عقد الزواج والتفريق بين الزوجين، وقد استندت المحكمة في حكمها على أن الشيخ علي يوسف نشأ فقيرا ولا تؤهله أصوله لمصاهرة بيت الشرفاء. وهنا تحولت القضية إلى قضية رأي عام، ونشرت الصحف الكبرى كالأهرام والمؤيد واللواء ومصباح الشرق والمنار، تفاصيل القضية في ذلك الوقت، ومع تأييد الاستئناف للحكم في أول أكتوبر، دخلت القضية في مرحلة أخرى.

تدخل في النزاع لأسباب سياسية معقدة عواصم مثل أنقرة ولندن، وطلب الخديوي عباس حلمي ملف القضية لدراسته بنفسه، ولم ترجع صفية السادات إلي بيت والدها إلا بعد أن تدخل اللورد كرومر شخصيا، وظلت القضية هي الشغل الشاغل للرأي العام لفترة من الوقت.

كان الشيخ علي يوسف يعمل خلال كل هذه الفترة على استرضاء السيد عبد الخالق السادات من خلال بعض الوسطاء، حتى تمكن في النهاية من إقناعه من خلال الشيخ راضي الصديق المقرب لوالد صفية، وذلك بعد وصل الأمر لمرحلة من الخطورة.

انتهت قضية الزيجة التي هزت مصر كما ينتهي كل شيء، ولكن أثرها الاجتماعي والفكري بقي لفترة من الزمن، وخاصة فيما يتعلق بسلطة الآباء والأسرة، والنظرة الطبقية، ولا شك أن هذه الحكاية ذات البعد العام قد غيرت من تفكير المجتمع المصري تجاه المرأة والعلوم والمعارف التي ترفع من صحابها، وكذلك أهمية وقيمة مهنة الصحافة.

ويذكر أن الكاتب المصري علي يوسف كان رئيس تحرير جريدة المؤيد، ومن مؤيدي إحياء الحركة الوطنية في مصر في تسعينيات القرن 19، وقد أسس هذه الجريدة عام 1889 بمساعدة سعد باشا زغلول وعدد من الوطنيين الأخرين، وذلك لتوفير منبر للمصريين للتعبير عن القضايا الوطنية والإسلامية، وكذلك لمواجهه صحيفة المقطم المناصرة للإنجليز، وقد حققت جريدة المؤيد شهرة كبيرة في مصر والعالم العربي.