المخروبة أم المحروسة

المخروبة أم المحروسة

بقلم: أميمة حافظ

جملة تهكمية التفت اليها من حديث ما :
جعلتنى أفكر فى الأمر و هل حقا هى محروسة أم مخروبة .

هى النور أم الظلام هى الأمل أم اليأس ، هى من !!
هى الوطن بكل ما يحمل من أفراحه و أحزانه ، سلبياته و إيجابياته .

الوطن هو الحب الأول لكل منا عند إكتمال نضوجه عند إدراكه للحياة من حوله.

الوطن هو البيت الذى كان ملاذك من الحر و دفئك فى كل ليالى البرد القارصة ، هو ذاك الشارع الذى إحتضن طفولتك و شهد على العابك ، هو جدران منطقتك التى شهدت على تعثرك فى المشى تارة و مقدرتك تارة اخرى .

هو مدرستك التى تعلمت فيها كيف تقراء و تكتب كلمة وطن .

هو مسجدك الذى طالما كان يصطحبك جدك إليه منذ نعومة أظافرك ثم من بعده إصطحبك والدك، حتى صرت تذهب له بمفردك ثم بدات تصطحب إبنك الصغير معك .

هو أيضا المقهى العتيق الذى تعالت ضحكاتك فى كل جدرانه و كان شاهدا على أجمل جلساتك مع اصدقائك و أجمل أوقاتك .

الوطن هو خفقات قلبك حين ارتطمت عيناك صدفة بمن سحرتك عيناها ، هو النيل الذى شهد على حبك العفيف .

بحرها و رمالها و أشجارها التى شغلت بالك بجمالها، وطنك هو كل حلم لك فى الحياة هو وجودك و أنت أساس بقائه.

فكيف ترى وطنك خرابة ينهار سقفها عليك .!!
قد تكون خسرت حلمك فيه أو أجبرك أحد الفاسدين فيه على التنازل عن حقك أو أخذ منك فاسد آخر كل حق لك فيه ، افعال السفهاء فيها و حماقتهم جعلتك تبغضها ، فرأيت الحياة بأسواء رؤية ،
فترى وطنك سواد عاتم شديد الظلام لن يعرف للنور طريق .

ظلم و ظلمات فى كل مكان و لكل شخص مثلك لايمتلك قوة أو نفوذ تحميه و تحمى حقوقه .

ترى نفسك فى القاع متهالك أنت و من سرقت أحلامه مثلك .

فلا تجدها سوا المخروبة التى تحيا فيها رغما عنك و تتمنى لو تتركها لبشاعة ظلمها .

و ترى إنها ليست لك إنما هى لكل من يملك نفوذ وسلطه و مال فيها هى لهم و بهم و ليست لك،
لذلك هى فى نظرك المخروبة .

ولكن إعلم أن هناك غيرك قهر فيها و أحلامه تدمرت كثيرا على أعتابها و جر خيبات كثيرة فى كل مرة حاول الوصول و لم يصل .

هناك من هو أسفل القاع يشاهد و يرى و يتحصر على أحلامه الضائعة فيها .

هناك من حرم من أى فرصة للوصول ومازال يعافر و مازال يحلم .

أتدرك ماذا يراها ؟: يراها النور و إن كان خافتا لا يضئ وسط ظلام حالك ، يراها الأمل رغم كثرة اليأس من حوله .

يراها حبه و حلمه و آمله و عمره ،
ولد و كبر فيها و كبر معه حبه لها و عشق كل تفاصيلها أغرم بها من أول وهلة حين رأت عينه نيلها و حضارتها و تعلم تاريخها ، و يفخر بها و إنه جزء منها .

عطائه لها ليس له حدود رغم أنه فيها مسلوب الإرادة ، قد ييأس و يحزن و يعترض لكنه ابداااااا لن يفرط فيها و لن يقبل أحد أن يساومه عليها .

بينها و بينه حب دفين يسرى فى عروقة كسريان الدم و لن ينتهى حتى ولو زهقت روحه ؛ لإنهابالنسبة له كل شئ ، هى أرض الكنانة هى شرفه هى عزته هى كرامته هى المحروسة .

نعم هى المحروسة و إن كانت فى نظر البعض مخروبة أو أرادها البعض الآخر ذلك ،
لذلك إعلم إن كنت تحيا فيها خرابة أجبرك الفاسدين عليها فهى رغم ذلك مازالت المحروسة .