أميمة حافظ تكتب..برًا لم يعد

أميمة حافظ تكتب..برًا لم يعد

كنت جالسة فى إحدى مجالس النساء و إستوقفتنى دعوة غريبة من سيدة عجوز جعلتنى فى ذهول لفترة ، وأخذت افكر كثيرا فى تلك الدعوة ، حتى سألتها إحداهن لما يا أم فلانة تقولى هذا !!؟

وكانت متعجبة مثلى ! فردت السيدالسيدة العجوز بما هو أكثر غرابة من الدعوة و لكنه واقع حقيقى صرنا نحياة .

أما الدعوة فهى بنفس اللفظ ( انت تشكر ياربى و لك الحمد لانك مارزقتنيش بولد )!!

و أما سبب تلك الدعوة أنها كانت موجوده فى بيوت إحداهن و رأت إبنا لها يهينها بشكل فظيع و يسب لها الدين لسبب لا يذكر ، وهنا كانت الصدمه و تحول التعجب من الدعوة الى حزن على ماصار عليه حال شباب اليوم .

أين بر الوالدين و اللذى هو أقصى درجات الإحسان.

يقول الله تعالى فى كتابه 《وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه و بالوالدين احسنا اما يبلغن عندك الكبر احداهما او  كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما و قل  لهما قولا كريما ☆ و اخفض لهما جناح الذل من الرحمه و قل رب ارحمهمها كما ربيانى صغيرا》

و يقول تعالى ايضا 《 ووصينا الانسان بوالديه حملته امه و هنا على وهن و فصاله فى عامين ان اشكر لى و لوالديك إلى المصير ☆》

يقول الله عز وجل و صاحبهما فى الدنيا معروفا ، اهذا هو كلام الله ، هكذا يكون المعروف.

أهكذا تثبت رجولتك بإهانة من حملتك وهنا على وهن تسعة  اشهر و من ارضعتك عاميين .

أهذا هو البر اللذى أمرك به ربك و أوصى به نبيك .

الامر اللذى جعلنى أذهب بمخيلتى إلى قصص واقعية  قصت من قبل  ولا فى الخيال ، قد تظن إنها من إحدى الدراما التلفزيونية .

فكم تكتظ دار المسنيين بالأباء و الأمهات اللذين تخلو عنهم أبنائهم بعد أن وهن العظم منهم و اشتعل الرأس شيبا.

كم تمتلئ المحاكم بالقضايا النزاعية بين الأب وأبنه او الأم و أبنائها  .

كم نرى فى الشوارع مسنيين فى إحدى الطرقات متروكين دون رحمه .

فعقوق الوالدين أصبح سمة العصر فهو ليس إلا إنحطاط أخلاقى آخر و إنعدام للنخوه و قلة تربية دينية قويمة ، فلو تربى هذا الأبن على الدين الوسطى لكان حاله غير هذا الحال.

لم يعد الأب رمزا للهيبة عند أبنائه و لم تعد الأم رمزا للأحترام .

و كم نسمع من قصص يشيب لها شعر الرأس لفظاظتها ، أب ضرب على يد أبنائه و أم طردت بعد أن تلقت ضربا مبرحا من أولادها ، كم نسمع أن زوجه خيرت زوجها بينها و بين والديه فيختارها دون نخوه .

قصص لها العجب إن دلت فتدل على إنعدام الأخلاق و قلة الدين .

الدين اللذى أمرنا ببر الوالدين و إطاعتهما حتى لو كانو كفارا .

كيف يفرط إبن او إبنه فى والديه كيف يتخلى عمن حملته فى أحشائها و تحملت من آجله كل الآلم ، من سهرت على راحته و خدمته ، فكانت له مدرسه  حين تدرسه و ممرضه عند مرضه و بهلوانه حين تلاعبه ، من أعطته كل مشاعر الحب و الدفء و الحنان ، من حرمت نفسها من كل ماتحب حتى يحصل هو على مايحب ، جعلت منه رجلا و كانت سببا فى وجوده فى الحياة .

هى التى منذ أن تضعك فى أحشائها و يبدأ فى عقلها القلق عليك و تشغل نفسها دوما بما ستكون عليه ، كيف ستصبح و كيف ستتعلم و ترسم لك مستقبلا مبهرا ترى نفسها معك فى كل خطوة سندا و عونا بحنانها و دعائها و قوتها .

هى ترجو فيك كل خير و ترسم لنفسها حياة أنت لا تخلو منها كلها سعادة و أفراح ،  تراك عكازها فى الكبر و سندها فى المرض و أبنها البار اللذى لن يتخلى عنها حتى رحيلها .

أتدرك بأفعاك هذه ماذا تفعل لها أتدرك معنى أم تدعو انها لو لم تكن أنجبتك أتدرى مدى حصرتها و خسرانها حين تراك صرت وحشا يهاجمها و ينتقدها و يدعوها بالسفيهه أمام أعين الناس دون خجل ، أتدرك مدى الإنكسار اللذى تحمله داخلها و بشاعة ما تحياة .

ليتك تدرك  ماكنت فعلت فعلتك .

لو تعلم ماذا هى تراك و ماذا تعشمت فيك و كم أرادت أن تفتخر بك دوما إلى ان حولتها الى أم تدعى على ابنها التى كانت سببا فى قدومه للحياة  وتتمنى لو لم يخلق ابدا.

برا ثم برا ثم برا فالأمر يستحق ،  أليست الجنه أسفل قدم من تبرها ، أليست دعواتها هى التى تحيطك بسور يحميك من غدرات الزمن أليست هى الحضن الدافئ فى ليالى الصقيع .

أليست و أليست و أليست …………

فكف عن عبثك و بر والدتك و والدك فلو تدرك ما فى قلوبهم إتجاهك و مافعلوه لك لجعلت نفسك مداسا لهم طوال العمر و لن يكون كافيا .