غابة الموت المسكونة

غابة الموت المسكونة

تقع (أوكيغاهارا) غابة الموت المسكونة عند سفح جبل فوجي المقدس الموجود بدولة اليابان ، كما تتميز بكثرة أشجارها التي شكلت مظلة ضخمة جعلت جعلتها بأكملها مظلمة ومحجوبة عن الشمس ، حيث تدور حول  أوكيغاهارا العديد من القصص المخيفة منذ زمن قديم مما جعل الناس يرهبونها ويربطونها بالانتحار حتى يومنا هذا .

غابة العفاريت المسكونة

غابة العفاريت أو كما يُقال غابة الموت هو اللقب الذي أطلقة بعض اليابانيين على غابة أوكيغاهارا ، وليس السبب في هذه التسمية هو كون الغابة مظلمة ومخيفة فقط ،  بل لإرتباطها في الماضي بتقليد يسمى ” تقليد أوباستي “  ، ففيه كان يتم أخذ المرضى والضعفاء وكبار السن من أفراد عائلتهم وتركهم في تلك الغابة ليلاقوا مصيرهم ،  والهدف من ذلك التقليد هو حماية باقي أفراد العائلة من الموت جوعًا من خلال إنقاص عددهم .

ويقال أن أولئك الضحايا كانوا يموتون ببطء شديد وبعد عذاب طويل مع الجوع والبرد والخوف ،  والبعض منهم قرر أن يسلب روحه بيده اختصارًا لطريق العذاب ، فهم يقومون بتجميع أطراف ثيابهم وربطها كالحبل ثم يشنقون أنفسهم بجذع شجرة ، كما يؤمن بعض اليابانيون أن أرواح هؤلاء الضحايا لازالت تجوب غابة الموت، وأن غضبهم الناتج عن الغدر والظلم الذي حاق بهم حولهم إلى أرواح شريرة تسعى للانتقام من البشر .

 مأوى المنتحرين بالغابة

من الغريب حقًا عندما تعرف أن قصة هذه الغابة لم تنتهي عند هذا الحد ، فالرعب والغموض مازال مستمرًا بها ، فمنذ عقود طويلة والناس يأتون إليها من كل حدب وصوب لكي يقدموا على الإنتحار ، حيث أشارت الإحصاءات الرسمية أن هناك أكثر من مائة شخص ينتحرون بهذه الغابة بشكل سنوي ، وكأن  الغابة هي مأوى لهم.

فأغلب المنتحرين كانوا يفضلون الموت شنقًا على جذع شجرة ، وآخرين كانوا يتناولون جرعة زائدة من العقاقير والمخدرات ، كما أن الكثير منهم كان يحضر معه نسخة من كتاب ” الدليل الكامل للانتحار ” الذي يعرض أساليب مختلفة للانتحار ومدى فاعليتها وتسببها للألم للفرد والوقت الذي تستغرقه كل وسيلة .

فقد حاولت الحكومة اليابانية منع انتشار هذه الظاهرة بشتى الطرق ، حتى وصل بها الأمر إلى منع نشر عدد المنتحرين بالغابة لعدم تشجيع الآخرين للذهاب إلى هناك، كما أنها نشرت لافتات تحذر الناس من الموت بهذه الغابة وتحث المنتحرين على تقدير قيمة الحياة ومراجعة أنفسهم وعدم القيام بهذا الفعل ابدًا ، ولكن ومع الأسف مازالت المشكلة قائمة .

غابة الموت المسكونة

 أسباب الانتحار  بالغابة

تعتبر غابة أوكيغاهارا مقصد سياحي، حيث يأتي إليها الكثير من الناس لمشاهدة المناظر الخلابة الموجودة بها، خصوصًا عند أطرافها القريبة من بحيرة سايكو ، ولكن لا أحد يتوغل بعيدًا داخل الغابة نظرًا لأنها غابة موحشة ومتداخلة ويمكن أن يضيع فيها الناس بلا رجعة ، ومع الأسف فإنه من الصعب التفرقة بين الأشخاص الذين يأتون للغابة بغرض السياحة والذين يأتون بغرض الإنتحار لذلك فإن هذا الأمر يشكل صعوبة كبيرة في إيقاف عمليات الإنتحار .

لذا قرر الباحثون النظر في كافة الأسباب المحتملة لاختيار المنتحرين هذا المكان بالذات دون غيره املاً منهم في معالجة تلك الأسباب ومنع عمليات الإنتحار ، إلا أن جميع نظرياتهم كانت مجرد فرضيات فشلت في تقديم أسباب مقتنعة ونهائية لهذه الظاهرة، النظرية الأولى ترجع السبب إلى رواية يابانية تسمى ” برج الأمواج ”  تم نشرها في الستينات وكانت تدور حول بطل وحبيبته قررا الانتحار في غابة أوكيغاهارا ،  إلا أنه ثبت فشل هذه النظرية نظرًا لوجود هذه الظاهرة قبل صدور تلك الرواية .

النظرية الثانية ترجح أن التربة البركانية التي تتشكل منها الغابة تؤثر على تفكير وسلوك الناس ، وتدفعهم بشكل ما للتفكير في الإنتحار ، ويستدل البعض على هذا الرأي بقولهم أن البوصلات كانت تتحرك بشكل غريب بمجرد دخولهم إلى الغابة ، وكأن الغابة أثرت عليها بشكل ما ، ولكن صرح ضباط جيش الدفاع الياباني ببطلان هذه النظرية حيث أن بوصلاتهم تعمل بكفاءة داخل الغابة بدون أدنى مشكلة .

النظرية الثالثة تقول أن ظاهرة الانتحار نفسها هي ظاهرة منتشرة بكثرة في اليابان ، وليس لها أي علاقة بالغابة ، حيث أن اليابان هي واحدة من أكثر الدول التي تمتلك معدلات مرتفعة ف نسب الانتحار ، كما أن البعض يرى أن الانتحار هو جزء من الثقافة اليابانية ،  فقد كان محاربو الساموراي قديمًا ينتحرون علنًا باستخدام سيوفهم لكي يحافظوا على شرفهم .

ما توصل إليه الروحانيون بغابة الموت

واخيرًا يرجح بعض الروحانيون أن السبب يعود إلى أن تلك الغابة مسكونة ، وذلك نتيجة لقرون طويلة من الغضب والحزن الذي سكنها ، مما جعل أرواح هؤلاء المساكين تجوب المكان وتبحث عن الانتقام ، وكل من يزور هذه الغابة يكون ضحية لهم ، فالبعض كان يقصد الغابة لأغراض شتى غير الانتحار ، إلا أنهم ضلوا طرقهم وأبتلعتهم أغصان الغابة وكانت نهايتهم مفجعة . وعلى كل حال فإن الحقيقة لازالت مجهولة ، ولا أحد يعلم حقًا لماذا أصبحت تلك الغابة مقبرة الرعب والأشباح .