حملة تنظيف المقابر من” السحر “فى الصعيد

حملة تنظيف المقابر من” السحر “فى الصعيد

تقرير / أميمة حافظ

و لا يفلح الساحر حيث آتى :

{ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى }

ظاهرة كبيرة انتشرت فى الآونة الأخيرة ، تعود بنا إلى عصر الجاهلية ، وهى انتشار أعمال السحر التى يقوم بها ضعاف النفوس ، عديمى الضمير ، من أجل إيذاء الآخرين ، حيث جاء انتشار تلك الأعمال نتيجة الابتعاد عن دين الله وتعاليم القرآن الكريم، الذى قال فيه الله عز وجل :
عز وجل “وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ”.

صاحب الحملة :

الفكرة ملك للشيخ عبد الرحمن السنجق، مؤسس حملة تنظيف المقابر على مستوى الصعيد، فهو صاحب فكرة حملة تطهير المقابر ومسئول الحملة بمحافظة سوهاج، قمنا بتطهير مقابر قرية نزلة على بناحية قرية الطليحات دائرة مركز شرطة جهينة بسوهاج، وتم العثور على أعمال سفلية موجودة داخل المقابر وتم إبطالها.

و لمحاربة هذة الظاهرة دشن أبناء القليوبية مبادرة “بإدينا هنطهر مقابرنا” لتنظيف المقابر من أعمال السحر والشعوذة، لتلقى قبولا كبير بين أبناء المحافظة، ولتنتشر من قرية إلى قرية أخرى بعدما لاقت نجاحا فى تلك القرى، وإبطال تلك الأعمال التى يدسها أصحاب النفوس المريضة بجوار المقابر، كمكان بعيد عن أعين البشر حتى لا يجدونه ويظل المستهدفون من تلك الأعمال يعانون أشد ألوان العذاب تحت تأثير تلك الأعمال .

إنتشرت حملات تنظيف المقابر من السحر حيث انطلقت مرة أخرى في محافظتي سوهاج والقليوبية، وتمكن القائمون على تلك الحملات من العثور على 350 عملا وسحر في 11 قرية بالقليوبية، كما تم العثور على العشرات من أعمال السحر بسوهاج، من بينها العثور على سحر سفلي على جمجمة جمل.

وانطلقت حملة تنظيف المقابر بمدينة ساقلتة شمال شرق سوهاج، عثرت الحملة على أعمال سفلية وطلاسم تم تنفيذها على عظام حيوانات وعظام بشرية، وتم العثور على العشرات من أعمال السحر بمختلف مقابر المنطقة.

قال عبد الرحمن السنجق، مؤسس حملة تنظيف المقابر في صعيد مصر، إن حملته انطلقت في مدينة ساقلتة، لافتا إلى أنه تم العثور على أعمال سفلية وطلاسم منفذة على جمجمة جمل ومكتوب عليها “إبليس” ومنقوض عليها بعض الطلاسم لشخص بالمرض حتى الموت، تم العثور على عظام بشرية عليها بعض الطلاسم، كما تم العثور على ملابس نساء داخلية ملطخة بدم الحيض.

وأضاف السنجق، أنه تم العثور على كفن مكتوب عليه بعض الطلاسم وأسماء أشخاص بغرض الموت، لافتا إلى أن عملية إبطال السحر تكون بوضعه في إناء به ماء وملح.

وأكد السنجق أنه تم تطهير مقابر نجوع الرياينة وعرب بنى واصل، العوامية، قرية فاو جلي بمركز ساقلتة.

و اكد السنجق أنه خلال الفترة الماضية تم تطهير مقابر قرية بلصفورة، التابعة لمركز ومدينة سوهاج، وتم العثور على حوالي 160 عملا، من بينها 15 عملا سفليا على عظام وملابس داخلية وجماجم حيوانات، إنه تم التواصل مع الحالات التي تم عمل لها أعمال سفلية، وعمل الرقية الشرعية.

350 عملا وحجابا للسحر والشعوذة في 11 قرية بالقليوبية
الخرافة والخزعبلات والإيمان بالدجل والشعوذة، جزء أصيل من التراث المصري وخاصة في القرى المصرية، وفي مقابل هذا دشن المئات من شباب وأهالي القليوبية مبادرة “بإيدينا نطهر مقابرنا”، والتي انتشرت في عدد كبير من قرى ومدن المحافظة لتطهير المقابر من أعمال السحر والشعوذة حيث نجحت الحملة في تطهير مقابر قرى بأكلمها من 350 عملا وحجابا للسحر والشعوذة بـ11 قرية حتى الآن.

قال شريف عزازي، منسق المبادرة، إن قرية قرنفيل، كانت أولى قرى القليوبية التي أطلقت المبادرة مشيرا إلى أنها لاقت قبولا حسنا، بعد أن تم تدشينها وبدأت القرى المجاورة في تطبيقها، حيث عثر من خلال 7 فعاليات تطهير حتى الآن بقرى البرادعة بالقناطر الخيرية، وأجهور الكبرى والعمار بطوخ، وكفر أبو جمعة وحلابة بقليوب، ما يحزن القلب من أعمال السحر والشعوذة.

أوضح “عزازي”، أنه بلغ إجمالي عدد الأعمال التى تم العثور عليها بمقابر الـ 7 قرى 250 عملا أسود، وتم على الفور بمشاركة مشايخ تلك القرى العمل على إبطالها، مشيرا إلى أن فكرة المبادرة جاءته حينما وجد بعض طلاب القرية الذين تميزوا بالتحصيل العلمى والحصول على المركز الأول على مدار سنوات طويلة تدهور بهم الحال، وأصبحوا يكرهون المدارس بشكل لا يصدق، فعكف على تدشين المبادرة من خلال جروب على موقع التواصل الاجتماعى لأهل قرية قرنفيل بالقناطر الخيرية.

وأضاف أنه طرح المبادرة، وتم تحديد موعد للتنفيذ ، وبدأوا بتقسيم المقابر، والحفر والبحث بجوار الجدار الخاص بكل مقبرة، وبالفعل بدأوا في حصاد مجهودهم ووجدوا العديد من الأعمال، موضحا “ووجدنا كفن على حجر طوب وشمع عليه صليب وعظام رأس قرموط سمك وعظم لوحة الكتف ونبات شكله غريب ملفوف بشكل معين وجريد نخل بالزعف مربوط بقماش معين وثلاث جماجم بشرية وجمجمة ماعز وأوراق عليها طلاسم غير مفهومة”.

فيما لاقت المبادرة استحسان أهالى قرية البرادعة التابعة لمركز ومدينة القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية، لتطهير المقابر من أعمال السحر والشعوذة، وبالفعل نفذ رجال وشباب القرية المرحلة الأولى من الحملة.

حتى نهر النيل لم يسلم من أعمال السحر :

المفاجأة الأكبر التي شهدتها القليوبية هي العثور على أعمال سحر وشعوذة ملقاة في مياه النيل بالقناطر، والتي كشف عنها متطوعو حملة “كلين شورز”، لتطهير شواطئ القليوبية بالتعاون مع مؤسسة شباب بيحب مصر ومكتب الأمم المتحدة للإعلام ومحافظة القليوبية، حيث فوجئ شباب الحملة خلال تطهير شواطئ نهر النيل بالقناطر الخيرية الشهر الماضي، بالعثور على زجاجات بلاستيكية مغلقة ملقاة في مياه النهر بها طلاسم وأعمال سحرية، بجانب رسائل حب وقصائد شعر اختار أصحابها وضعها داخل الزجاجات البلاستيكية وإلقائها في النيل.

تقول ريهام دسوقي، أحد منسقي الحملة، إن فريق العمل المكون من 300 شاب وفتاة والذي استطاع رفع 8 أطنان من مخلفات البلاستيك في نهر النيل الشهر الماضي، اكتشف عددا كبيرا من الزجاجات المغلقة وبداخلها أوراق ومكتوب عليها كلمات وطلاسم، وبفحصها تبين أن بعضها أعمال سحر وشعوذة، جرى حرقها، والآخر قصص حب وقصائد ورسائل حب وغزل كتبها أصحابها لآخرين وألقوا بها في النهر

أشارت “دسوقي” أن هذه هي المرة الأولى التي يعثر فيها أفراد الحملة على هذه الأشياء، حيث لم تصادف أنشطة الحملة في الجيزة وشواطئ البحر الأحمر مثل هذه الزجاجات وما تحويه.

وفي قرية العمار، نظم مجموعة من شباب بجمعية “إسعى” بقرية العمار الكبرى التابعة لمركز ومدينة طوخ بالقليوبية، مبادرة لتطهير مقابر القرية من أعمال السحر والشعودة، إلى جانب تنظيم حملة نظافة من القمامة وإنارة طرق المقابر الداخلية، حفاظا على الشباب والفتيات ومواجهة أعمال المخالفات التي تتم بها.

وقال المهندس جمال إسماعيل منسق المبادرة، إن فكرة المبادرة جاءت كاستكمال للمبادرات التي تم تنظيمها بالقرى المجاورة لتطهير المقابر، فتم عمل جروب على موقع التواصل الاجتماعى لأهل القرية وتم طرح المبادرة، وتم بالفعل التوجه للمقابر وتقسيم المقابر على المجموعة، وبدأ البحث بجوار الجدار الخاص بكل مقبرة، وبالفعل بدأوا فى حصاد مجهودهم ووجدوا العديد من الأعمال.

وأشار، أن الحملة شملت حملة التطهير تنظيف المقابر من أعمال السحر والشعوذة، إلى جانب تنظيف المقابر من المخلفات التي يرميها بعض المواطنين، إلى جانب عمل إنارة للمقابر

وأوضح، أنهم وجدوا أعمال سحر سفلية بالموت والتفرقة وعدم الإنجاب وعدم الزواج، وتدمير فى التعليم، مؤكدا أن كل هذا جعل الحزن يكسو وجه أهل القرية أثناء تطهير المقابر من تلك الأعمال، مشيرا إلى أنه تم تعميم المبادرة على كل أهل القرية بالمشاركة خلال الفترة المقبلة للانتهاء منها بالكامل.

رأى آمنه نصير فى الحملة :

من خلال حوار لها على قناة ( Ten) فى برنامج رأى عام مع الإعلامى عمرو عبد الحميد سنه 2019 : أشادت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، عضو مجلس النواب، بقيام منطقة القناطر بحملة لتنظيف المقابر من السحر الأسود، موضحة أن السحر والشعوذة يمس صحيح الدين ويخرج من الملة، حيث يخرج الإنسان الذي يقوم به من دائرة الإيمان، وذلك خلال حوارها في برنامج .

وأضافت «نصير» أنها تندهش كثيرا من المجتمع المصري الذي يجيد التعامل مع الإلكترونيات ثم مرة أخرى الانحدار خاصة في ممارسة السحر والشعوذة الذي كان موجودًا في العصور الوسطى، وهو ما ترفضه العقيدة الصحيحة، موضحة أنه من يقوم بهذا النوع من الأعمال قد يمس عقيدته كون من جاء بساحر أو من هذه الأمور تقدح في عقيدة المسلم والإنسان.

وتابعت: «مازلنا نترك الشياطين تلعب بعقول الناس ولكن يجب مواجتهها لأنها لا تتفق مع صحيح الدين ولا تتسق مع العقيدة السليمة دي أعمال شيطانية تفسد عقيدة الإنسان، ومن يعتقد بهذه الأشياء هو اعتقاد فاسد وهذه من ألاعيب الشيطان الذي يقع فيها الجهلة».

واستشهدت عضو مجلس النواب: «عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك، إذا سالت فسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك)

رأى دار الإفتاء فى الحملة :

أجرت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك فى وقت إنطلاق الحملة بثا مباشرا للإجابة عن الأسئلة التى ترد إليها خلال البث، حيث أجاب عن الأسئلة الشيخ أحمد وسام، مدير إدارة البوابة الإلكترونية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية.

ومن بين الأسئلة التى وردت خلال البث: “هل يجوز فتح القبور للبحث عن السحر والأعمال؟”، وأجاب وسام قائلا:
هذا لا يجوز لأنه اعتداء على الميت، ففتح القبر على الميت بغير ضرورة أو حاجة لذلك غير جائز شرعا، والسائل يقول للبحث أى أنه غير متيقن .

وتابع أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية: “فتح القبور اعتداء على حرمة الأموات، وحرمة الإنسان ميتا كحرمته حيا كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ونوه قائلا : ننبه أنفسنا وحضراتكم جميعا بأن المسلم يجب أن يكون ذا عقيدة علمية فيرجع الأمور والأحداث التى تحدث له إلى أسبابها لا إلى السحر، فمثلا إذا تعثر فى عمله يبحث أن كان مقصرا أو نحو ذلك، أو إذا وقعت له حادثة طريق ينظر إذا كان قد قصر أثناء القيادة أو أنه لم يلتزم بإرشادات الطريق”.

وكانت دار الإفتاء المصرية قد أجابت عبر موقعها الإلكترونى عن سؤال نصه: “أشعر بأنى مصاب بعملٍ أو سحرٍ، فكيف أقوم بفك ذلك العمل أو السحر؟”، حيث قالت دار الإفتاء:”ينبغى أن يكون المسلم صاحب عقلية علمية تؤهله لعبادة الله تعالى، وعمارة الأرض، وتزكية النفس، ولا ينبغى له أن ينساق وراء عقلية الخرافة التى تقوم على الأوهام والظنون، ولا تستند إلى أدلة وبراهين، وقد كثر فى زماننا هذا بين المسلمين شيوع عقلية الخرافة، وانتشر إرجاع أسباب تأخر الرزق وغير ذلك من ابتلاءات إلى السحر والحسد ونحو ذلك”.

وتابعت دار الإفتاء: “والصواب هو البحث فى الأسباب المنطقية والحقيقية وراء هذه الظواهر، ومحاولة التغلب عليها بقانون الأسباب الذى أقام الله عليه مصالح العباد، وعلى المسلم أن يستعين بالله فى ذلك، كما ينبغى عليه أن يزيد من جانب الإيمان بالله والرضا بما قسمه الله له.

ولا يعنى هذا الكلام إنكار السحر والحسد، فإنه لا يسع مسلمًا أن ينكرهما فقد أخبرنا الله تعالى فى القرآن الكريم بوجودهما ؛
فقال سبحانه: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾
وقال عز وجل: ﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾
وأخبرنا النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى سنته الشريفة بوجودهما ؛
فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِى قَلْبِ عَبْدٍ الْإِيمَانُ وَالْحَسَدُ» رواه النسائى، وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ…» متفق عليه.

واختتمت دار الإفتاء: “ولكن المنكر هو الإسراف فى ذلك حتى غدا أغلب من يزعمون أنهم يعالجون من السحر من المدعين المشعوذين المرتزقة، وأغلب من يظنون أنهم من المسحورين هم من الموهومين، وعلى كل حال، فمن لم يجد مبررا منطقيا لما يحدث له، وغلب على ظنه أنه مسحور أو نحوه، فليتعامل مع ذلك بالرقى المباحة والتعوذ المشروع؛ كالفاتحة، والمعوذتين، والأذكار المأثورة عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم .

و يبقى السؤال هنا إلى متى سنظل فى جهل بالدين و المنطق !؟ ، و إلى أين سيصل بنا الحال !؟

و هل الحل هو تنظيف المقابر أم تنظيف القلوب .