داروين.. صاحب نظرية التطور.. النور يضيء حياته

داروين.. صاحب نظرية التطور.. النور يضيء حياته

تقرير: منار عادل

داروين هو عالِم تاريخ طَبيعي وجيولوجي بريطاني ولد في إنجلترا في 12 فبراير 1809 في شروزبري لعائلة إنجليزية عَلمية.

وتوفيَ في 19 أبريل 1882. والدهُ هوَ الدكتور روبرت وارنج داروين، وكان جَدُه “إراسموس داروين” عالماً ومؤلفاً بدوره.

أكتَسبَ داروين شهرته كمؤسس لنظرية التَطور والتي تَنص على أنَ كل الكائنات الحَية على مر الزَمان تَنحَدِر من أسلاف مُشتركة.

نظرية التطور..

وقام باقتراح نَظرية تَتَضَمن أن هذه الأنماط المتفرعةَ من عَملية التَطور ناتِجةَ لعَملية وَصفها بالأصطَفاء (الانتخاب) الطَبيعِي.

وكَذلك الصراع من أجل البقاء لهُ نفس تأثير الاختيار الصناعي المُساهم في التكاثر الانتقائي للكائنات الحية.

حياته ونشأته..

ولد تشارلز روبرت داروين في مدينة شروسبري في مقاطعة شروبشاير بإنجلترا في الثاني عشر من فبراير عام 1809 في منزل عائلته.

وقد كان الخامس من بين ستة أطفال؛ والدهم روبرت داروين، طبيب وخبير مالي ينتمي لمجتمع غني، ووالدتهم سوزانا داروين.

كان داروين حفيداً لإراسموس داروين من جهة أبيه ولـ يوشيا ويدقود، من جهة أمه. كِلا الأسرتين كانتا من طائفة الأسر التوحيدية.

(وهو مذهب مسيحي يعتقد بوحدانية الله ويرفض التثليث)

في الكنيسة..

بالرغم من أن أسرة ويدقود كانت تنتمي للكنيسة الأنجليزية. قام روبرت داروين، وهو مفكر حر.

بتعميد الطفل تشارلز في كنيسة سانت تشاد الأنجليزية بشروسبري في نوفمبر تشرين الثاني عام 1809.

لكن تشالرز وإخوته انضموا مع أمهم إلى الكنيسة التوحيدية. كان لدى تشارلز – ابن الثماني سنوات – ميلاً نحو التاريخ الطبيعي.

والتحصيل عندما انضم عام 1817 إلى المدرسة النهارية التي يديرها الواعظ. توفيت أمه في يوليو من ذلك العام.

وفي سبتمبر عام 1818 انضم هو وأخوه الأكبر إيراسموس إلى مدرسة شريوزبري الأنجليزية كتلميذ داخلي.

داروين كطبيب

قضى داروين صيف عام 1825 كطبيب متدرب، حيث كان يساعد أباه في علاج فقراء مقاطعة شروبشاير.

وكان ذلك قبل ذهابه إلى كلية الطب بجامعة أدنبرة مع شقيقه إيراسموس في أكتوبر عام 1825.

وجد داروين المحاضرات مملة والجراحة مقلقة، فتجاهل دراسته.

وتعلم التحنيط من جون إدمونستون، وهو رجل اكتسب حريته حديثا بعد أن كان مستعبدا.

كان قد رافق تشارلز واترتون في الغابات المطيرة في أمريكا الجنوبية، وكان غالباً ما يجلس مع “هذا الرجل الذكي واللطيف جداً”.

انضم في سنته الثانية إلى جمعية بلينيان وهي نادي للطلاب المهتمين بالتاريخ الطبيعي، الذين انحرفت نقاشاتهم نحو المادية المتطرفة.

قدم داروين المساعدة لروبرت إدموند غرانت في أبحاثه عن تشريح ودورة حياة اللافقاريات البحرية في خور فورث.

اكتشاف

وفي السابع والعشرين من مارس عام 1827 قدّم اكتشافه الخاص في جمعية بلينيان بأن الأبواغ السوداء التي وُجدت في المحارة كانت بيض لسمك الورنك.

في يومِ ما، امتدح غرانت أفكار لامارك عن النشوء، فاجأ ذلك داروين لكنه كان قد قرأ مؤخراً أفكار مشابهة لجده إيراسموس فظل غير مكترث.

كان فصل التاريخ الطبيعي لروبرت جيمسون يُشعر داروين بالملل، والتي كانت محاضراته تغطي الجيولوجيا بالإضافة إلى مناقشة بين النبتونية والبلوتونية.

تعلم تصنيف النباتات وساعد في العمل على تشكيلات متحف الجامعة، واحدٌ من أكبر المتاحف في أوروبا في ذلك الوقت.

إن إهماله للدراسات الطبية جعل والده ينزعج مما حدا به إلى إرساله إلى كلية المسيح بكامبردج للحصول على بكالوريوس الفنون كخطوة أولية.

رجل دين..

ليصبح رجل دين بالكنسية الانجيلية. كان داروين غير مؤهل للحصول على درجة التريبوز ولذلك التحق بالبرنامج الدراسي الاعتيادي في يناير 1828.

لقد فضل داروين ركوب الخيل والرماية بدلاً من الدراسة.

حفزه ابن عمه وليام داروين فوكس على جمع الخنافس وفعلاً كان داروين يستمتع بذلك ونشرت له بعض الرسومات التوضيحية في دورية ستيفن للحشرات البريطانية.

أصبح داروين صديقاً مقرباً من أستاذ علم النباتات جون ستيفنز هنسلو وتعرف أيضا على آخرين من المهتمين بالطبيعة.

والذين كانو ينظرون للعلم من زاوية دينية بحتة. أصبح داروين فيما بعد معروفاً بـ ” الرجل الذي يمشى مع هنسلو”.

وعند اقتراب الامتحانات كان داروين شديد التركيز في الاستذكار ومبدياً إعجابه باللغة والحجج القوية لوليام بالي في (البرهان على المسيحية).

وفي نهاية يناير من عام 1831 حصل داروين على المركز العاشر من بين 178 كانوا مترشحين للحصول على الدرجة العادية من الجامعة.

كان على داروين أن يواصل في الجامعة حتى شهر يونيو. لقد تمكن من دراسة نظرية بالي الطبيعية .

المستمدة من الدين والتي كانت بمثابة دليل على دور الإله في الطبيعة مع شروحات تصف كيفية حركة الطبيعة وقوانينها.

من خلال القوة الإلهية.قرأ داروين كتاب جون هرشل الجديد آنذاك، الذي وصف الغاية المُثلى من فلسفة الطبيعة من خلال الاستدلال المبني على عنصر الملاحظة.

وكذلك قرأ السيرة الشخصية لـ الكسندر فون همبلد التي كتب فيها عن رحلاته العلمية.

الحماس الحارق

استوحى داروين من كتاب “الحماس الحارق” فكرة لعمل زيارة إلى تنريفي مع بعض زملائه في الدراسة بعد التخرج.

وذلك من أجل دراسة التاريخ الطبيعي في المناطق المدارية. ولأجل الإعداد للأمر التحق داروين بمقرر الجيولوجيا لآدم سيجويك.

ثم سافر معه لمدة أسبوعين وذلك لعمل مخطط للطبقات الصخرية في ويلز.

بعد أسبوع من مكوثه في بورنموث مع أحد أصدقاء الدراسة، عاد داروين إلى منزله في يوم 29 من شهر أغسطس.

ليعُثر على رسالة من هنسلو تعتبرُه رجُل الطبيعة الأمثل، الذي سيحصُل على رحلة مُمَوّلة على متن سفينة البيجل بقيادة القُبطان روبرت فيتزروي.

الذي سيكون أكثر من مجرد رفيق رحلة. وقد كانت السفينة في رحلة مُدتها أربعة أسابيع لاستكشاف ورسم الخط الساحلي لأمريكا الجنوبية.

Carmina Burana..الشيطان يعزف بيننا

رحلة

اعترض روبرت داروين على رحلة ابنه البحرية والمُقررة لعامين، معتبراً أنها مَضيعةً للوقت، ولكن صِهره يوشيا ويدجود أقنعه بضرورة مشاركة ابنه.

وبعد عدة تأجيلات، بدأت الرحلة البحرية في 27 ديسمبر من عام 1831، واستمرت ما يقارب الخمس سنوات.

وكما كانت خُطة الكابتن فيتزروي، فقد قضى داروين مُعظم وقته آنذاك على اليابسة في المسح الجيولوجي.

ودراسة التاريخ الطبيعي للأنواع وكذلك رسم السواحل.

لقد احتفظ داروين بما جمعه من ملاحظات بحذر وكذلك بما وضعه من أُطروحات ونظريات.

نظريات

وما بين فترة وأخرى كان يُرسل عيِّناته إلى جامعة كامبردج مع نسخة من دوريته العلمية إلى أسرته.

لقد كان لداروين بعضُ الخبرة في الجيولوجيا، وجمع وتشريح اللافقاريات، وأما في المجالات الأخرى فقد كان مُبتدئاً ويستعين بالخبراء.

على الرغم مما كانوا يعانونه طِوال رحلتهم البحرية من دُوار البحر، فلم يمنع ذلك داروين من الكِتابة والتأليف بغزارة بينما هو على متن السفينة.

مُعظم ملاحظاته وكتاباته في علم الحيوان كانت حول اللافقاريات البحرية، والتي تبدأ من العوالق البحرية التي يجمعها عندما تهدأ الأمواج.

في أول توقف لهم على شاطئ سانتيقو في الرأس الأخضر وجد داروين حزمة بيضاء متواجدة في سفوح الجبال البركانية.

نظريات الجيولوجيا

ومن ضمنها أصداف بحرية. وقد أعطاه فيتزروي النسخة الأولى من (نظريات الجيولوجيا) لـتشارلز لايل.

والتي شكَّلت مفاهيم ارتفاع سطح الأرض أو هبوطه على فترات متباعدة.

ولقد رأى داروين الأمور من وجهة نظر لايل مفكراً ومحللاً ليكتب كتاباً عن الجيولوجيا.

وأمَّا في بيونتا ألتا في بتاقونيا فقد وجد أحافير عظمية لثدييات ضخمة منقرضة في أحد المنحدرات، بجانب أصداف بحرية حديثة.

والتي تشير إلى الانقراض وعدم وجود علامات لكارثة أو تغيُّر في الطقس.

مجاثيريم

أيضاً تعرَّف على ال (مجاثيريم) الصغير عبر رؤية أسنانه والتصاقه بدرع عظمي والذي بدأ له لأول وهلة كنسخة عملاقة من حيوان المدرع المحلي.

وقد أدَّى ذلك الكشف إلى إحداث جلبة واهتمام عند عودته إلى إنجلترا.

في رحلاته مع الغاوتشو لاستكشاف الجيولوجيا وتجميع المزيد من الأحافير والتي أكسبته رؤية سياسية، اجتماعية وإنثروبولوجية.

لكلٍ من السكان الأصليين والاستعماريين في وقت الثورة، وعلِم أن هناك نوعين من طيور الريا المُختلفة والمتداخلة في الشكل.

وكُلمَّا اتجه إلى الجنوب أكثر، رأى مجموعة من الأخشاب والأصداف البحرية كشواطئ مرتفعة وكأنها سلسلة من المرتفعات.

مركز الخلق الإلهي

وقام بقراءة النسخة الثانية لـ لايل وتقبَّل وجهة نظره حول (مركز الخلق الإلهي) للكائنات.

ولكن اكتشافاته ونظرياته تحدَّت أفكار لايل باستمرار، بخصوص انقراض الكائنات.

كان ثلاثة من الفوجيون (السكان الأصليين في تييرا ديل فيوغو بأمريكا الجنوبية) على متن السفينة والذي تم الاستيلاء عليهم في رحلة البيغل الأولى.

وقضوا سنة كاملة في إنجلترا، وقد تمَّ إعادتهم إلى تييرا ديل فيوغو كمُبشّرين.

وجدهم داروين متحضرين وودودين، ولكن يبدو على أقربائهم ” البؤس والتدهور ” وهذا الاختلاف هو كالاختلاف بين الحيوانات البرية والمنزلية.

بالنسبة لداروين هذه الاختلافات أظهرت فرقاً في التقدُّم الحضاري وبعيداً عن الدونية العنصرية.

وعلى عكس زملائه العُلماء يعتقد الآن أنَّه ” لا يوجد فجوة يمكن ردمها بين الإنسان والحيوان ” بعد سنة من ذلك تمَّ وقف الرحلة.

جيمي بيوتن

وكان أحد الفوجيون والذين أطلقوا عليه اسم جيمي بيوتن، قد عاش كأي مواطن وتزوج، ولم يكن لديه رغبة بالعودة إلى إنجلترا.

عاصر داروين زلزالاً في تشيلي، ورأى علامات ومن ضِمنها بأن الأرض قد ارتفعت، وبلح البحر محصور في المد العالي.

وعالياً في جبال الأنديز، شاهد أصداف بحرية وجذور شجرية نمت في شاطئ رملي.

ووضع نظرية تقول : بينما الأرض ترتفع، والجزر المحيطية تغرق، تنمو الشُعب المَرجانية لتشكِّل جَزراً.

في جزر جالاباقوس بحث داروين عن دليل يربط الحياة البرية بـ (مركز الخلق)، ووجد أنَّ الطيور المحاكية في تشيلي تختلف من جزيرة لأُخرى.

وقد سمِع أنَّ هُناك اختلافاً بين أشكال صدف السلاحف، وهي تظهر من أي جزيرة أتت، ولكنَّهُ عَجز عن جمعها.

حتى بعد أكلهِ للسلاحف المأخوذة على متن الرحلة كغذاء.

أستراليا

أمَّا في أستراليا، فقد بدا حيوان الكنغر ذو الجراب، ومنقار البط، غير عاديين لداروين والذي اعتقد بأنَّ هُناك خالق آخر لهما.

كما وجد أنَّ السُكان الأصليين لأستراليا هم شعبٌ لطيف وذوي حسٍ فُكاهي، كما لاحظ أنَّهم بدئوا في الاندثار نتيجة النزوح الأوروبي.

قامت سفينة البيجل بالبحث والتنقيب عن أصل تكوين الجزر المرجانية المسماة بالكوكوس، مما دعَّم نظرية داروين.

وخلال ذلك عمل فيتزروي على البدء في كتابة المُذكرات الوثائقية لرحلات سفينة البيجل، وبعد قراءته لمذكرات داروين طلب منه أن يُدرجها في هذا العمل الوثائقي.

ولكن في نهاية المطاف تم إعادة كتابة مُشاهدات داروين في عدد ثالث من مجلة التاريخ الطبيعي.

وفي العاصمة كيب تاون قابل داروين وفيتزروي شخصاً يُدعى جون هيرشيل، والذي كَتب مُؤخراً إلى لييل.

مُشيداً بفتحه المجال للتكهُنات الجريئة لأسرار الأسرار، وعملية استبدال الكائنات المنقرضة بأنواع أخرى والذي يتناقض مع قوانين الطبيعة.

العودة

بدأ داروين خلال العودة إلى الوطن في تنظيم ملاحظاته ومشاهداته.

وكتب قائلاً : إذا ماكانت شكوكي المتزايدة حول الطيور المحاكية، والسلاحف، وثعلب جزر فوكلاند صحيحة فإنَّ هذه الحقائق سوف تُقوض نظرية استقرار الأنواع.

ويُلاحظ أنَّه بحذر شديد استخدم كلمة سوف، قبل كلمة تُقوض بعد ذلك كتب (إنَّ من شأن هذه الحقائق أن تُلقي بعض الضوء على أصل الأنواع).

استطاع داروين أن يثبت بأن الإنسان ليس إلا واحدا من بين الكائنات المتطورة وان الإنسان ليست له هذه الأهمية.

التي كان يتصورها معظم الناس في الماضي، فمن يدرى ربما سبقته كائنات أخرى في التطور.

دلالات نظرية

قد يكون بسبب هذه الدلالات النظرية قد كانت هي السبب الرئيسي في فزع رجال الدين وسخطهم.

الذين رأوا في داروين كافرا وملحدا لأنه لم يأخذ بما جاء في الكتاب المقدس حرفيا.

مع أن نظرية التطور كانت لتفسير كيفية تواجد أول خلية. فداروين نفسه قال :

تشارلز داروين ليس بالضرورة اتخاذ الاعتقاد بصحة النظرية سببا للالحاد.

في الثاني من اكتوبر عام 1836 م وصلت سفينة البيعل إلى فالماوث في كورنوال وكان داروين قد أصبح من المشاهير في الأوساط العلمية.

وذلك بفضل أستاذه السابق هنسلو الذي أشاد بمجهوداته، وعمِل على نشر كتيب عن رسائل داروين الجيولوجية.

بين علماء الطبيعة وذلك كان في ديسمبر عام 1835. زار داروين منزله في شروزبري وقابل أقاربه ثم سارع إلى كامبريدج.

لمقابلة معلمه هنسلو والذي نصحه ببعض علماء الطبيعة الذين يمكنهم المساعدة في عملية تصنيف العينات.

كما عرض عليه أن يقوم بتصنيف العينات النباتية. قام والد داروين ببعض الاستثمارات.

التي ساعدت داروين في الظهور بمظهر الرجل النبيل والعالم.

مما حفز داروين المتحمس لعرض عيناته على الخبراء في مؤسسات لندن ليساعدوه في عمليات التوصيف.

لكن كان علماء الحيوان يواجهون كم هائل من العمل وبالتالي كان من المخاطرة ترك العينات في المخازن.

في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر التقى تشارلز ليل بداروين والذي كان شديد الشغف به فقدمه إلى عالم التشريح الصاعد ريتشارد أوين.

والذي كان لديه إمكانيات وفرتها له الكلية الملكية للجراحين فتمكن من العمل على عينات الأحافير التي جمعها داروين.

نتائج

شملت نتائج داروين المدهشة بعض الأجناس العملاقة المنقرضة مثل المجاثيريوم، بالإضافة إلى هيكل عظمي شبه كامل لكائن السكليدوثيريوم وفرس النهر برأس شبيه بالقوارض

أطلق عليه اسم توكسودون والذي يشبه الكابيبارا العملاقة. كما كانت هنالك شظايا دروع من كائن تمت تسميتها ب جلايبتودون.

والذي شبهه داروين في البداية بالحيوان المدرع ولكن بضخامة أكبر.هذه الكائنات على صلة بالكائنات التي تعيش حالياً في أمريكا الجنوبية.

استأجر داروين في منتصف شهر ديسمبر غرفة في فندق لتنظيم عمله وإعادة كتابة مقاله (في عموده اليومي في أحد الصحف).

كتب أول ورقة، بيَّن فيها بأن القارة الأمريكا الجنوبية كانت ترتفع ببطء، ومع حماس ودعم لايل.

قرأ داروين مقالته على الجمعية الجيولوجية في لندن في الرابع من يناير في سنة 1837.

في نفس اليوم، قدّم داروين عينات من الثدييات والطيور لجمعية الحيوان.

بُعَيْدَ ذلك أعلن عالم الطيور جون غولدن أن طيور جزر غالاباغوس التي تحدث عنها داروين هي خليط من طائر الشحرور وطائر الجواثم وطيور الحسون.

جمعية جيولوجية

وهذه الأخيرة وجد منها في الحقيقة إثني عشر نوعاً. وفي السابع عشر من فبراير أُنتُخب داروين كعضو في مجلس الجمعية الجيولوجية.

وقدم لايل في خطابه الرئاسي أحافير داروين على أنها جزء من نتائج أوين.

مشدداً على استمرار البحث الجغرافي لأصناف جديدة من الحياة دعماً لفكرته التنظيمية.

في بدايات شهر مارس انتقل داروين إلى لندن ليكون قريباً من عمله ليلتحق بدائرة لايل الاجتماعية.

من العلماء والخبراء من أمثال شارليز بابيج , الذي وصف الرب على أنه المبرمج للقوانين.

بقى داروين مع أخوه طليق الفكر أراسموس، الذي كان جزء من هذه الدائرة اليمينية وصديقاً مقرباً للكاتبة هارييت مارتينواه.

والتي عززت من نظرية مالتوس اليمينية والمثيرة للجدل، تلك -النظرية- تدعو لإعادة صياغة قوانين الفقراء.

ووقف المساعدات المتسببة في الاكتظاظ السكاني ما يعني زيادة في الفقر.

مارتينواه بوصفها من الموحدين رحبت بالآثار المترتبة على التحويل الجذري لأصناف الطيور.

والتي يروج لها من قبل غرانت ومجموعة من الجراحين الشباب المتأثرين بجيوفروي.

هذا التغيير كان لعنة على النظام الاجتماعي للجنة الدفاع عن الكنيسة الإنجليزية.

لكن مناقشة العلماء ذوو السمعة الحسنة للموضوع بشكل مفتوح والاهتمام الكبير في رسالة جون هيرشيل.

والذي مدح فيها نهج لايل كطريقة جديدة لإيجاد أسباب طبيعية لأصول الأصناف الجديدة.

غودلن

التقى غولدن بداروين وأخبره أن طيور الغالابيغوس المحاكية من مَوَاطِن (جزر) مختلفة كانت أصناف منفصلة، وليست فقط متنوعة.

والذي كان يعتقده داروين أن طائر الرن كان ينتمي أيضاً لمجموعة طيور الحسون.

لم يصنف داروين طيور الحسون حسب الموطن أو البيئة ولكن صنفها من خلال ملاحظات الصيادين.

بالإضافة لفيتزروي (مصطلح يقصد به ابن الملك) فقد خصص مواطن للأصناف.

أيضاً هناك صنفان مميزان لطائر الريّا، ففي الرابع عشر من مارس، أعلن داروين كيف يتغير توزيعهم كلما اتجهنا جنوباً.

بحلول منتصف مارس، تضاربت أفكار داروين في كتابه كتاب الملاحظات الأحمر “B” في احتمالية أن أحد الأصناف يتغير إلى صنف آخر.

ليشرح التوزيع الجغرافي لأماكن عيش أصناف الطيور مثل الريّا وصنف آخر منقرض من الثديات، الماكروتشينيا.

والذي يشبه الغوناكو (حيوان من صنف الجمليات “لاما”).

أفكار

أفكاره حول فترة الحياة والتكاثر اللاجنسي والتكاثر الجنسي طُوِّرت في كتاب الملاحظات الأحمر المسمى “B” بحلول منصف أيلول.

حول اختلاف السلالة “لتكييف وتبديل الأصل لتغيير العالم” يشرح فيه سلاحف الغالابيغوس وطيور الغالابيغوس المحاكية وطيور الريّا.

رسم داروين التفرعات بشكل لائق، فرّع الأنساب في شجرة تطور أحادية، على أنه “من غير المعقول الحديث عن حيوان.

على أنه أعلى من الآخرين رتبة”، وبالتالي تجاهل فكرة لامارك عن أن السلالات المستقلة تتقدم إلى أشكال أعلى.

أثناء تطويره لدراسة مكثفة حول نظرية التحول، أصبح داروين غارقًا في المزيد من العمل. وكان ما يزال يعيد كتابة مذكراته.

واستمر أيضا في تدقيق وطباعة تقارير الخبراء في مجموعته. بمساعدة هينسلو حصل على منحة من وزارة الخزانة بمبلغ 1,000 جنيه استرليني.

لدعم إصداره ذو المجلدات المتعددة والذي أسماه ” علم الحيوان للرحلة البحرية للباخرة بيغل” وهذا المبلغ يعادل 115,000 جنيه استرليني في 2021.

مدد داروين التمويل ليُضمّن كُتُبه في علم طبقات الأرض واتفق على تواريخ غيره واقعية مع الناشر.

العصر الفكتوري

وحينما بدأ العصر الفيكتوري، واصل داروين كتابة مذكراته وفي أغسطس من عام 1837 بدأ بتصحيح المسودات.

كان داروين يعاني صحيا من بعض الضغوط. في العشرين من سبتمبر كان يعاني من خفقان غير مريح في قلبه.

حينها حثّه الأطباء على أخذ استراحة من العمل والعيش في الريف لعدة أسابيع.

بعد زيارته لشروزبري التقى بأقارب ودجوود في مبنة ماير في ستافوردشير.

ولكنه وجدهم حريصين جداً على سماع حكايات أسفاره أكثر من إعطائه فرصه للراحة.

إيما ودجوود ابنة عم داروين، الفاتنة، الذكية، المثقفة والتي تكبُر داروين بتسعة أشهر، كانت ترعى عمة داروين العاجزة.

ألهم العم جوس داروين في نظرية جديدة ومهمة حول دور دودة الأرض في تكوين التربة – قدم داروين هذه النظرية للجمعية الجيولوجية في الأول من نوفمبر.

أشار جوس إلى أن النفايات في منطقة معينة تختفي تحت التربة الخصبة وأقترح أن هذا قد يكون بفعل دودة الأرض.

دفع وليام وول داروين إلى القبول بتولّي مهام الأمين العام للجمعية الجيولوجية.

بعد رفضه للعمل في البداية، قَبِل داروين المنصب في مارس 1838. على الرغم من عمله الشاق في كتابة وتعديل تقارير رحلته.

التحول

أحرز داروين تقدما ملحوظًا في نظرية التحول، واستغل كل الفرص لسؤال علماء الحيوان وأصحاب الخبرة بشكل غير مألوف.

حتى أنه كان يسأل أصحاب الخبرة العملية مثل: المزارعين ومربو الحمام مع مرور الوقت كان قد جمع معلومات من أقاربه، الأطفال، كبير خدم العائلة، الجيران، المستعمرين وزملائه في رحلته البحرية.

ضمّن داروين الجنس البشري في تكهناته منذ البداية، وذلك عند مشاهدته لنوع من القرود يطلق عليه “إنسان الغاب ” في الحديقة في 28 مارس ملاحظا لسلوكه الطفولي.

الإجهاد أخذ الكثير منه، كان تشارلز داروين بحلول شهر يونيو طريح الفراش لأيام عديدة محملاً بأمراض عدة كمشاكل في المعدة.

بداية وفاة

وصداع في الرأس، وأعراض في القلب. وظل على ذلك بقية حياته فجسده لم يكن مؤهلاً لاحتمال هذه الآلام من تقيؤ ودمامل ورجفان وأعراض أخرى.

وكانت دائماً ما تظهر عليه عندما يحضر للاجتماعات أو يقوم بزيارات اجتماعية.

جدير بالذكر أن أن مرضه لم يكن معروفاً وأن المحاولات التي قامت لعلاجه لم تحقق نجاحاً يذكر.

في يوم 23 من يونيو، أخذ داروين عطلة وذهب إلى اسكتلندا في رحلة جيولوجية.

وقام بزيارة مرتفعات غيلين روي التي تقع في اسكتلندا في طقس مبهج لمشاهدة الطرق المتوازية المقسمة إلى ثلاث ارتفاعات على سفوح الجبال.

لاحقاً، قام داروين بنشر وجهة نظره أن “هذه السفوح كانت قبلاً سواحل ومدرجات بحرية “.

ولكن فيما بعد اضطر إلى قبول فكرة أن هذه سواحل لبحيرة. وبعد أن استعاد داروين كامل عافيته.

رجع إلى شروزباري في يوليو. اعتاد داروين على تدوين ملاحظاته في دفتر يومياته عن تربية الحيوانات.

وكان يخربش عن أفكار غير مترابطة حول حياة المرء وعن آفاق المستقبل على قصاصتين من الورق.

صحيفة

واحدة منها صارت عمود في الصحيفة بعنوان “ماري” و”ليست ماري”. شملت تلك بعض المميزات مثل ” رفيق وصديق في سن الشيخوخة.

أفضل من كلب على أية حال”، ونقاط معارضة مثل ” مال قليل لأجل الكتب”، و” ضياع رهيب للوقت”.

وبعد أن تناقش داروين مع والده، وقرر والده أن هذا في صالحه، ذهب لزيارة إيمِّا في 29 يوليو.

ليس لأنه يريد المراوغة، ولكنه كان معارضاً لنصيحة والده عندما أشار عليه بتغيير أفكاره.

استمرت أبحاث داروين في لندن، وشمل اطلاعُه الواسع على الطبعة السادسة لمقالة مالثوس حول مبدأ تعداد السكان.

التي أشار فيها “أن التعداد السكاني، إن لم يتم ضَبُطه، فإنهُ سيتضاعف مرتين كل 25 عام، أو ترتفع نسبته الحِسابية “.

ولذلك فإن الموارد الغذائية لن تكفي لهذا العدد الهائل من السكان، وقد تم تسميتها  “بكارثة مالثوس”.

لذلك أعد داروين بشكل جيد مقارنة بين مقالة مالثوس ومقالة دي كندول عن “الأصناف المتحاربة”.

نباتات ونضال

وكانت تتحدث هذه المقالة عن النباتات والنضال في الحياة البرية، وتوُضح كيف أن عدد من الأحياء البرية ظلت مستقرة تقريباً.

كما أن الحيوانات دائماً ما تتكاثر ولديها ما يكفيها من الموارد المتاحة، والتنوع المتاح للمخلوقات الحية يجعل ذلك أفضل لها في البقاء على قيد الحياة.

وهذا التنوع تنقلهُ إلى صغارها، بينما عدم التنوع يؤدي إلى اختفائها وانقراضها. ويعبر عن ذلك ما كتبه.

يجب أن يكون السبب النهائي لهذا التوكيد، هو لأجل بناء هيكل مناسب، يتكيف مع التغيُرات”، ومن أجل ذلك “.

قد يقول أحدهم هناك قوة مثل مائة ألف وتد تحاول أن تتدخل في كل نوع من البيئات المتكيفة لتسد الثغرات في الاقتصاد من خلال الطبيعة.

أو بالأحرى تكوين الثغرات بطعن المخلوق الأضعف”. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تكوين أنواع جديدة.

كما كَتب في وقت لاحق في سيرة حياته. في أكتوبر عام 1838، بعد خمسة عشر شهرا ً منذُ أن بدأ بالتحقيق المنهجي.

حدث أنّي قرأت للتسلية عن مالثوس للسكان، وبما أني متحضر جيداً لتقدير المعاناة في فهم الوجود مع تمعّن طويل ومستمر في عادات الحيوانات والنباتات.

عالم النبات

أشار داروين في نظريته إلى عالم النبات “جوزيف دالتون هوكر، كاتباً بسخريته الميلودرامية “أنها مثل الاعتراف بجريمة قتل

” أجاب هوكر” في رأيي قد يكون هناك سلسلة من عمليات الإنتاج في مواقع مختلفة، والتغير التدرجي للكائنات.

يجب أن أكون مسروراً لسماع كيف تفكر بأن هذا التغيرات قد حدثت، حيث لا يوجد حالياً آراء مقنعة ترضيني في هذا الموضوع.”

بحلول يوليو، وسع داروين ” مخططه ” في 230 صفحة على هيئة مقال، للقيام بتوسيع نتائج أبحاثه تحسبا لموته المفاجئ.

كاتب مجهول

في نوفمبر نشر كاتب مجهول كتاباً يعتبر من أكثر الكتب مبيعاً “آثار التاريخ الطبيعي للخلق” والذي أثارت الاهتمام على نطاق واسع.

أحتقر داروين معلوماتها المتعلقة بعلم الجيولوجيا وعلم الحيوان، ولكن بعناية استعرض حججه الخاصة، واندلع الجدل حوله.

واستمرت مبيعاته الجيدة على الرغم من نبذ وازدراء العلماء.

أكمل داروين كتابه الجيولوجي الثالث في عام 1846. وجدد الخبرة والافتنان باللافقاريات البحرية.

مسيرته التعليمية..

بحلول بداية عام 1856 ، كان داروين يحقق في ما إذا كان يمكن للبيض والبذور البقاء على قيد الحياة عبر مياه البحر لنشر الأنواع عبر المحيطات.

شكك هوكر بشكل متزايد في وجهة النظر التقليدية بأن الأنواع ثابتة ، لكن صديقهم الشاب توماس هنري هكسلي كان لا يزال يعارض بشدة فكرة تحول الأنواع.

كان لايل مفتونًا بتكهنات داروين دون أن يدرك مداها. عندما قرأ مقالة ألفريد راسل والاس.

“حول القانون الذي ينظم إدخال الأنواع الجديدة”، رأى أوجه تشابه مع أفكار داروين وحثه على النشر لإثبات الأسبقية.

على الرغم من أن داروين لم يرَ أي تهديد ، فقد بدأ في 14 مايو 1856 في كتابة ورقة قصيرة.

إجابات

أدى العثور على إجابات للأسئلة الصعبة إلى إبطاله مرارًا وتكرارًا ، وقام بتوسيع خططه إلى “كتاب كبير عن الأنواع” بعنوان الانتقاء الطبيعي، والذي كان سيشمل “مذكرته عن الإنسان”.

واصل أبحاثه، وحصل على معلومات وعينات من علماء الطبيعة في جميع أنحاء العالم بما في ذلك والاس الذي كان يعمل في بورنيو.

في منتصف عام 1857 أضاف عنوان قسم؛ “النظرية المطبقة على أجناس الإنسان”، لكنها لم تضف نصًا حول هذا الموضوع.

في 5 سبتمبر 1857، أرسل داروين لعالم النبات الأمريكي آزا غراي مخططًا تفصيليًا لأفكاره، بما في ذلك ملخص عن الانتقاء الطبيعي.

” تم ذكر نظريته ببساطة في المقدمة:

«كُلما ولدَ عَدد أكبر من الكائِنات الحَية كانت احتمال نَجاتها أكبر، ومع ذلك يبقى هُنالكَ المَزيد من الصراع بين الكائِنات للبقاء على قيد الحَياة.

وذلك شامل لكل الموجودات، وإن كان هذا مُختلفاً لكنه مفيد ولو بشكل قَليل لأي نوع من الأنواع.

وفاته..

في عام 1882 م تم تشخيصه بما يعرف بـ ” الذبحة الصدرية ” والتي أدت إلى تجلط الأوعية القلبية ومرض في القلب.

وعند الوفاة شخصه الطبيب بـ ” ذبحة صدرية مفاجئة وفشل قلبي ” تم التكهن بأن داروين ربما يكون قد عانى من مرض شاغاس المزمن.

توفي دارون في 17 من أبريل عام 1882 م في منزله وقد كانت أخر كلماته لأسرته مخبراً إيما ” أنا لست خائفاً من الموت.

متذكراً كم كنتِ زوجة جيدة لي – أخبري كل أولادي أن يتذكروا كم كانوا جيدين معي “.

دفن

كان من المتوقع أن يدفن في مقبرة كنيسة سانت ماري في دون، ولكن بطلب من زملائه بعد الدعاوي الجماهيرية والبرلمانية.

تم الاحتفال بداروين في المملكة المتحدة وطبع بورتريه لصورته السلبية في عملة £10 جنب إلى جنب مع الطائر الطنان وسفينة بيجل.