سويسرا واحة مالية وأسرارٌ لا يستوعبها عقل

سويسرا واحة مالية وأسرارٌ لا يستوعبها عقل
اسرار النظام المصرفي السويسري لا يتصورها عقل

سويسرا واحة مالية في حضن جبال الألب

أضحت سويسرا أرض المدهشات. وأصبحت أيضًا موضوعًا مطروحًا على موائد النقاش والجدل لعقود. لماذا؟ كان هذا بفضل ما تتمتع به من تاريخٍ فريد ومزيجٍ متميز من الثقافات والموروثات. وكذلك، كان ذلك بفضل موقعها الجميل في رحاب جبال الألب وفي قلب القطاع الغربي من أوروبا. لكن سمعتها الاقتصادية أفضل وأروع.

اسرار النظام المصرفي السويسري لا يتصورها عقل

بعض الحقائق عن سويسرا كدولة

تبلغ مساحة سويسر 15.950 ميلًا مربعًا. ويجيد سكانها التحدث بثلاث لغات – الألمانية والفرنسية والإيطالية – وتتميز بكونها دولة معروفة بالحياد السياسي الفريد. ومن الناحية العقدية والدينية، ينتمي 46% من سكانها للمذهب الكاثوليكي الروماني، و40% للمذهب البروتستانتي؛ فيما يشكل المسلمون فيها نحو 3% من سكانها، والنسبة الباقية تنقسم بين منتمين لأديانٍ أخرى ومن لا يتبعون أي دين.

وعلى الصعيد الزراعي، تتميز سويسرا بإنتاج مجموعة متنوعة من المنتجات الزراعية. ومن أبرز المحاصيل التي تبرز فيها سويسرا القمح، والسكر، والبنجر، والفاكهة، والخضروات، والبطاطس، ومنتجات الألبان والخمور والملح، إلى جانب منتجات صناعية منها المنسوجات، والمواد الكيماوية، وأدوات الضبط والقياس، والمعدات والآلات الصناعية والأدوية. أما عن السياحة فلا عجب في أن تكون ثالث أكبر دولة جذبًا للسياح، وتبلغ نسبة المتعلمين فيها 99%.

سويسرا واحة مالية

تتميز سويسرا بتاريخٍ متميز على الصعيد الدولي في الاقتصاد والسياسة المالية. انضمت إلى الأمم المتحدة (United Nations) عام 2002. في الحقيقة، لم تتأثر مصالحها وسياساتها المالية بهذه الخطوة. وكذلك، تمكنت سويسر من المحافظة على قوانينها الخاصة بسرية الحسابات البنكية، وخدماتها البنكية المتميزة وخبرتها في إدارة الاستثمارات.

نتيجةً لذلك، حرصت سويسرا على الاستقلالية المصرفية والإجرائية المالية عن أي دولةٍ أخرى. لذلك، صوت الشعب االسويسري أكثر من مرة ضد فكرة الانضمام لـ”الاتحاد النقدي الأوروبي” (European Monetary Union)، المعروف أيضًا باسم “الجماعة الأوروبية” (European Community)، وكان الشعب السويسري حكيمًا في رفضه الانضمام للاتحاد الأوروبي (European Union)، لأن ذلك سينال من استقلالية سويسرا، وسيادتها المحلية والمالية.

أخيرًا، أثبتت سويسرا أنها واحة مالية آمنة لا تتأثر بالأزمات المالية بفضل سياساتها المالية المحافظة التي أكسبتها رصيدًا كبيرًا في قلوب الجميع؛ لتبقى مصارفها راعيةً لسرية الحسابات البنكية في عالم الشفافية، وربما كان “هتلر” (Hitler) و”النازيون” (Nazis) من دفع الحكومة إلى ذلك في ثلاثينيات القرن العشرين لحماية مودعيها.

جمهوريتان ديمقراطيتنان متشابهتان

تربط سويسرا علاقات دبلوماسية وتجارية قوية بالولايات المتحدة الأمريكية، وبين البلدين تحالفٌ في عدة أمورها؛ في تعارضٍ صارخٍ مع غيرها من العلاقات المثيرة للجدل بسبب موضوع سرية الحسابات البنكية، بعدما عجزت الولايات المتحدة عن تحقيق أي نجاح في مساعيها لكسر حاجز الصمت في المعاملات البنكية السويسرية.

لكن، على الرغم من التغييرات التي شهدتها سويسرا في السنوات الأخيرة، لم يؤثر شيء على المودعين فيها بشكلٍ مباشر، فلا تخشى من أي شيءٍ إلا إذا كنت خاضعًا لتحقيق جنائي في قضيةٍ تتعلق بهذه الأرصدة، عندها لن تفيدك قوانين سرية الحسابات البنكية. وبوجهٍ عام، تتشابه الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا في كثير من السمات السياسية والثقافية والعلمية، لأن كليهما يحترم الديمقراطية، ويرعى مبادئ السوق الحرة، والانفتاح الثقافي والتقدم العلمي. لذلك، يوجد تقارب بين الدولتين ربما حتى في تاريخهما، وبعض القواعد الدستورية المعمول بها.

من هذا المنطلق، قامت الدولتان بتعزيز العمل المشترك، بعدما نمت سويسرا وأضحت قاعدة عمل دولية للشركات الأمريكية، وبيئة مرغوب فيها للحياة والاستجمام، وقد خففت الولايات المتحدة من ضغوطها عليها. لذلك، وقعت بعض البنوك الأمريكية اتفاقيات مع بنوك سويسرية؛ رغبةً منها في نيل حظٍ من الأمان والاستقرار الماليين. فهل تنتقل التجربة السويسرية إلى دولٍ أخرى أم تتحول شعوب الدول الأخرى إلى الاستثمار في بنوكها؟ هذه سويسرا واحة مالية لا ريب.