قتلته الكلمة.. من هو شاعر الكلمة صلاح عبد الصبور؟

قتلته الكلمة.. من هو شاعر الكلمة صلاح عبد الصبور؟

قتلته الكلمة.. من هو شاعر الكلمة صلاح عبد الصبور؟

لا يقهر الموت إلا الحجر والكلمة.. والكلمة أطول عمرًا من الحجر

كثيرا ما سمعنا أو قرأنا عن صلاح عبد الصبور، وعن مسرحيته الشهيرة مأساة الحلاج.

بالفعل هناك العديد من المحاور في حياة ذلك العظيم التي لا يعرفها عدد كبير من الجمهور.

وتمر اليوم الذكرى الأربعين لشاعر الكلمة الإنسان العظيم صلاح عبد الصبور، الذي بالفعل عاش ومات بالكلمة.

فهو ليس كأي شاعر فحسب، بل هو شاعر من طراز خاص

واليوم وفي هذه الذكرى، كان لابد من إحياء تاريخه مرة أخرى.

لنعرف بشكل أوضح من هو صلاح عبد الصبور وما هي مؤلفاته ومواقفه، وكيف رأى الشعراء وكيف رأوه؟

وكيف قتلته الكلمة، التي لم تستطع أن تقتل صورته أو شعره.. ما علاقته بالسلطة؟

شاعر من طراز خاص..

صلاح عبد الصبور شاعر مسرحي مصري، وواحد من أهم رواد حركة الشعر الحر، له قصائد ومؤلفات في أكثر من مجال.

كما أنه واحد من أبرز مبدعي القصيدة الجديدة في عالمنا العربي، من الممكن القول أن المسرح الشعري المصري والعربي أيضا ولد على يديه.

الابداع الأول..

حمل ديوانه الأول اسم “الناس في بلادي”، وهي قصيدة شعرية نالت شهرة واسعة، لتكون بداية الحركة الشعرية الجديدة، أو بداية الشعر الحر.

لتخرج لنا من بعدها عظمى مؤلفاته المسرحية والشعرية والنثرية، والتي تمثلت في..

مؤلفات مسرحية..

تعتبر مأساة الحلاج هي أبرز مؤلفاته، حيث تناول فيها شخصية الحسين بن منصور الحلاج، الذي يعد من أعلام التصوف.

هناك أيضا مسرحية ليلى والمجنون، التي حملت نزعة سياسية واضحة، حيث تطرق فيها إلى عدة قضايا متعلقة بالشأن السياسي.

كما أن هناك أيضا أعمال مسرحية أخرى مثل مسافر ليل وبعد أن يموت الملك وقصيدة لحن.

مؤلفاته الشعرية..

الناس في بلادي، أحلام الفارس القديم، الابحار في الذاكرة، أقول لكم وغيرهم الكثير.

مؤلفاته النثرية..

حتى نقهر الموت ورحلة الضمير المصري ورحلة على الورق وماذا يبقى منهم للتاريخ وقراءة جديدة لشعرنا القديم.

عن الشعر والشعراء..

في مقالة له بعنوان دفاعا عن النظم، قال شاعر الكلمة، “كان الشعر العربي القديم هو الذي يؤدي دور الخطبة والمقالة والرسالة..

وجار الشعر العربي القديم جورا على أرض النشر والمحادثة فسلبهما بعض حياتهما، والآن رغم اهتدائنا لكلمة النظم ما زلنا نخشى استخدامها..

ما زلنا نخشى أن نقول إن بعض قصائد البحتري وأبي تمام وشوقي ليست شعرا، وأننا لو فككنا عن هذه القصائد الوزن والقافية لأصبحت نثرًا عاديًا”.

مع الأدباء العالميين..

في الغالب يعتبر صلاح عبد الصبور من أبرز الشعراء اعترافًا بتأثره بغيره ومحاكاته لهم فيقول..

“منذ خمس سنوات التقيت بالمسرحي العظيم أونيسكو في مسرحية الكراسي حيث كانت تعرض في مسرح الجيب القاهري، وما كاد العرض ينتهي حتى كنت قد انتويت أن أدخل عالم هذا الكاتب العظيم، وسعيت إليه من خلال معظم أعماله”.

عن السياسة.. والموت

من الملاحظ أن “عبد الصبور” من الشعراء الذين تميز مشروعهم المسرحي بالنزعة السياسية، والتي لم تصنف ضمن أي انتماءات حزبية.

إضافة لذلك فهو يعتبر بالفعل شاعر الإنسان، فقد كتب عن معاناته الكبرى، فضلًا عن نبرة الحزن والموت على وجه التحديد، التي توجد في غالبية أعماله.

فقد تحدث عن الموت في شتى دواوينه، خاصة ديوان الإبحار في الذاكرة، الذي أخذ منحى مختلف بشكل ما عن الدواوين الأخرى.

حيث تحدث عنه بشكل تجريدة عقلي صادق، أو بشكل أدق تحدث عنه بشكل شخصي.

لكن من الممكن القول أنه كان يمتلك نظرة سياسية ثاقبة إضافة إلى حسه الواقعي العالي

وقد ظهر ذلك جليا في مسرحيته مأساة الحلاج، فمن خلالها استطاع أن يتنبأ بهزيمة ١٩٦٧.

شاعر قتله الشعر

قالوا عن “عبد الصبور” أنه عاش ومات بالكلمة، وهذا بالفعل حقيقي، فالمتأمل لحادثة وفاته سيدرك أن ذلك حقيقي.

فقد سقط في نوبة قلبية حادة فقد على إثرها حياته وهو في منزل صديقه أحمد عبد المعطي حجازي.

بعد كلمة وجهها له الراحل بهجت عثمان متهما إياه بالتطبيع، والسبب في ذلك هو أنه كان رئيسًا للهيئة المصرية العامة للكتاب.

وفي ذلك العام يناير 1981 صدر قرار بمشاركة إسرائيل في معرض القاهرة الدولي للكتاب، ورغم معارضته تلك المشاركة إلا أن الاتهامات قتلته، عن عمر ناهز الخمسين.

معتزة عبد الصبور..

وحول وفاته تقول ابنته الفنانة معتزة عبد الصبور عن عزاء السيدة چيهان السادات

“ثاني يوم من وفاة الشاعر صلاح عبد الصبور، جاءت هذه السيدة الجميلة، وكانت آنذاك سيدة مصر الأولى، جاءت لتعزي زوجته وبناته وأسرته وكانت بصحبتها السيدة سوزان مبارك حرم نائب الجمهورية آنذاك.
جلست السيدة چيهان السادات في غرفة مكتبه منفردة مع الاعلامية الكبيرة سميحة غالب زوجة الشاعر وابنتيه، ولأنني كنت أصغر من أن أعي أي معاناة أو أهمية لتلك الزيارة كان تساؤلي من هذه السيدة الجميلة جدا، الحنونة جدا، التي انحنت فعليًا وقبّلت يداي، ولمحت في عيونها دمعة حقيقية على فقدان والدي.
فبالرغم من كل المراسم الرسمية لزيارة عزائها، فقد آثرت أن تتحول الزيارة إلى زيارة حميمية دافئة، ولم تجلس مع كل من أتوا يومها من المثقفين والفنانين، بل آثرت أن تنفرد بزوجته وابنتيه فقط.

عاش هنا..

في عام ٢٠١٨ قدم مشروع عاش هنا لافته أنيقة تحمل اسم الراحل، وضعت على باب منزله وأسفل بلكونته الصغيرة، التي تعد أحب مكان إلى قلبه.

وتقول ابنته عن ذلك اليوم :” أما أبي فجلست معه تحت البيت بعد تعليق اللافته، ونظرت إليه وهو في بلكونته فرحان يبتسم لي”.

قالوا عنه..

في النهاية يبقى لنا السؤال الأخير حول إذا كان تم تغييبه متعمدا، وفي ذلك تقول الشاعرة نجاة علي..

صلاح عبد الصبور ظلم حيا وميتا، وقد ظلمته علاقته بالسلطة كثيرا، فما تولاه من مناصب لم يجلب إليه سوى المشاكل.

مؤكدة على أنه لا يمكن أن يكون شاعرا منسيا أو مجهولا، فهو معروف بشكل واسع في الأوساط العربية والمصرية، كما أن تاريخه يجب أن يدخل المناهج.

اقتباسات من مؤلفاته..

مازلنا نخشى أن نقول إن بعض قصائد البحتري وأبي تمام وشوقي ليست شعرا

ما كان يرضي القارئ القديم لم يعد يرضينا

حين يولد فنان تعرف الأمة أنها قد قهرت جيشا من جيوش الموت

الماضي ليس إلا بقايا حريق الحاضر.. والمستقبل هو الدخان الذي أفلت.

كوني رقيقة عطوفا يا حبيبتي لأن الكلمات تصبح ذكريات والذكريات تصبح مطارق.

لماذا كذب موريس بوكاي الكتب المقدسة؟