ظهور الثلج بلونه الأبيض بالرغم أن الماء شفاف

ظهور الثلج بلونه الأبيض بالرغم أن الماء شفاف

 

تقرير هالة حنفي ابوالريش

يعتبر ظهور الثلج باللون الأبيض من الحالات الغريبة التي تدعو للتساؤل في حين أنّ لون الماء شفاف برغم امتلاكهم لنفس التركيب! هنا نخبرك عن سبب ذلك.. لون الثلج يُعدّ لوناً مميزاً، فمن النادر وجود مادّة ناصعة البياض مثله، ولكنّ المثير للدهشة ليس لون الثلج بنفسه، وإنّما أنّ لون الماء شفاف والثلج أبيض! فمن الغريب أن يتغيَّر اللون بتغيّر الحالة الفيزيائية، فالثلج هو الحالة الصلبة للماء السائل، فحين تنخفض درجة حرارة الماء وتصل إلى تحت الصفر يبدأ الثلج في التكوُّن، وقد يحدث هذا التحوّل بصورة طبيعية عند انخفاض درجة حرارة الطقس كما في القطبين أو في بعض البلاد القريبة منهما، وقد يحدث صناعياً عن طريق الثلاجات وغيرها.

كيف تتكون وتتراكم الثلوج..

تتكون الثلوج نتيجة لتكاثف الرطوبة الموجودة في السحب، مع الجسيمات الصغيرة جدا العالقة في التيارات الهوائية الرطبة كذرات الرمل و الغبار. و تتم هذه العملية بسرعة بطيئة مما يمكن جزيئات الماء من أن تتموضع على أسطح مستوية.

وبفضل الرياح، تصطدم البلورات ببعضها وتتكتل لتكون كتلة جليدية ذات جوانب متعددة تدعى ندف الثلج، تعكس الضوء و تراكم الانعكاسات المتتالية على أسطح بلورات الجليد المشكلة لندفة الثلج يحولها إلى شبه مرآة، وهكذا يسقط الضوء على أسطح البلورات الجليدية التي تعكسه ولا تمتص منه أي لون مما يجعله يتراءى لنا أبيض.

وتبلغ قدرة الثلج المتساقط حديثا على عكس الضوء نسبة % 95، مما يضفي عليه المظهر النقي والناصع، و لذا ينصح بارتداء النظارات أثناء ممارسة الرياضات الشتوية.

ما الذي يسبب اللون للأشياء بشكل عام؟

لكي نفهم من أين أتى بهذا البياض، لابد لنا في المقام الأول أن نعود وننظر لماذا ثمة أشياء مختلفة تمتك ألوان مختلفة؟

يتكون الضوء المرئي من مجموعة من الترددات المختفلة للضوء، وعيوننا هي المسؤولة عن إظهار هذه الترددات المختلفة كألون متنوعة.

تتصف المواد بامتلاكها ألوان مختلفة لأنّ الجزيئات المحددة التي تشكل تلك المواد لها ترددات اهتزازية مختلفة، وهذا يفسر استحواذ المادة على كمية معينة من الطاقة الضوئية عند تسليط هذه الطاقة على مادة معينة فتعكس نتيجة لذلك ألوان مختلفة.

واختصاراً يمكننا القول بأنّ الأشياء تمتلك ألوان مختلفة لأنها تمتص ترددات من الضوء مختلفة عن تلك التي تحصل عليها غيرها.

وهناك زوج من الأشياء المختلفة التي يمكن أن تحدث لترددات الضوء التي لم يتم امتصاصها. يقوم جسيم في بعض المواد المادة بإعادة إصدار التردد الضوئي، فيخترق الجسيم الذي يليه الذي يقوم بإعادة إصداره ويستمر هكذا.

أما في حالة المواد الصلبة، فإنّ الجسيمات تطلق الكثير من الفوتونات غير القادرة على امتصاصها إلى خارج المادة، فلا تتمكن من الحصول على ضوء، أو ربما تحصل على ضوء ضئيل جداً يعبُر هذه المادة المعتمة. وبالتالي يكون اللون المعتم للجسم ببساطة مزيج من الطاقات الضوئية التي لم تستطع الجسيمات امتصاصها.

الآن وبالعودة للثلج، نعلم أنّ الثلج ماهو إلا ماء مجمد، ونعلم أيضاً أنّ الماء هو شفاف اللون، فما الذي يكسب الثلج لونه المميز؟

ولكي نفهم ذلك نحتاج لأن نمعن النظر في قطعة جليد فردية، هي ليست شفافة اللون كما تبدو لنا، ولكنها في حقيقة الأمر تعتبر شفافة اللون، وهنا المقصود أنّ الضوء لا يستطيع تجاوز أو اختراق هذه المادة في مسار مباشر، حيث جسيمات المادة تقوم بتغيير اتجاه الضوء وهذا يحدث لأنّ جسيمات الضوء (الفوتونات) تتفاعل مع جزيئات الجليد. وهذه النتيجة تعني أن مسار الفوتونات الضوئية قد انحرف وأصبح خروجها من الجليد في اتجاه مختلف عن إدخالها إليه.

الثلج يتكون في مجمله من مجموعة من بلورات الجليد الفردية التي رُتبت معاً، وعندما يدخل فوتون ضوئي طبقة من الثلج، فإنه يذهب عبر بلورات الجليد إلى سطح البلورة، الذي يغير من اتجاهه قليلاً ويرسله إلى بلورة جليد جديدة، والذي يفعل نفس الشيء.

وبشكل أساسي، كل البلورات تردُّ الضوء في كل مكان، بحيث ينبعث مباشرة خارج كومة الثلج، وتفعل نفس الشيء لجميع ترددات الضوء المختلفة، بحيث تنبعت جميع ألوان الضوء مجدداً للخارج، ومن المعلوم أنّ جميع الترددات في الطيف المرئي إذا مزجت بقياسات متساوية نحصل على اللون الأبيض، وهذا هو سبب رؤيتنا لـ اللون الأبيض في الثلج!

لذلك على الرغم من أن بلورات الجليد الفردية شفافة، فإنها عندما تتجمع وتكون الثلوج تبعث الترددات الضوئية في نفس هذه الطريقة التي تكلمنا عنها والنتيجة النهائية كما نراه هو “الثلج الأبيض”.