بعد هدم قصر «أندراوس باشا».. ما لا تعرفه عن عائلة أندراوس ودورها في تاريخ مصر

بعد هدم قصر «أندراوس باشا».. ما لا تعرفه عن عائلة أندراوس ودورها في تاريخ مصر

ترجع أصول عائلة أندراوس باشا إلى عائلة «بشارة» وهي عائلة من مركز قوص التابعة لمحافظة قنا، وكانت إحدى العائلات الكبرى والمشهورة في التجارة والزراعة، وقد ضمت العائلة أكبر التجار، الذي انتقلوا إلى الأقصر لمتابعة أعمالهم التجارية، وهناك توسعوا في تجارتهم، وقاموا ببناء مجموعة من الفنادق، ولم يكن هذا موجود من قبل في الأقصر، فذاع صيت العائلة.

قصر أندراوس باشا

استقرت العائلة بالأقصر، وبنوا لهم قصرين داخل حرم معبد الأقصر في الواجهة المطلة على النيل مباشرة، وكان قد تم إزالة أحد القصرين من قبل، ورحل معظم أفراد العائلة بعد ذلك، وبقي هذا القصر الذي يطلق عليه الأهالي “قصر يسى أندراوس” وهو خاص بـــ “توفيق أندراوس باشا”، وقد تم هدمه مؤخرًا، مما اثار حالة من الجدل. فلماذا كل هذه الحالة من الجدل؟!

كان توفيق أندراوس باشا من المناضلين المصريين ومن كبراء الوفديين في الاقصر ونائبها في مجلس النواب لـ 3 دورات، كما كان من بين زعماء ثورة 1919 وصديق سعد باشا زغلول. وهناك العديد من المواقف التاريخية التي قام بها الرجل، وبالتالي كان قصره هذا شاهدا عليها، ففي عام 1921، كان سعد باشا زغلول في رحلة نيلية ومنعت السلطات آنذاك الباخرة “نوبيا” من الرسو في أي مدينة، لقطع الاتصال بين سعد باشا زغلول والشعب، وقد حاول أهالي جرجا وأسيوط استقبال الباخرة، ووقع على إثر ذلك العديد من الاحداث، فلم يتمكنوا من ذلك، وتأزم الموقف.

لجأ توفيق أندراوس باشا إلى حيلة، تدل على مدى شجاعة وذكاء الرجل، حيث عمل على رفع أعلام الدول الأجنبية التي كان قنصلا لها؛ إيطاليا وبلجيكا وفرنسا، فوق قصره، وهو ما أعطاه الحصانة القانونية لاستقبال الزعيم المحبوب، الذي احتشدت الجماهير من أجل استقباله.

تصدر توفيق باشا صفوف ثورة (1919) وكرس عمره لخدمتها والدفاع عنها، فحينما عرض عليه أحمد حسنين باشا – وكان زميلا له في جامعة اكسفورد – رغبة الملك فؤاد في تعيينه سفيرًا في لندن بشرط التخلي عن مساندة سعد زغلول، كان رده الرفض بشدة. وعندما نفي سعد زغلول ولم يكن بخزينة الوفد غير القليل، باع سبعمائة فدان ووضع ثمنها تحت تصرف صفية هانم زغلول للصرف على الحركة الوطنية.

كان والد توفيق باشا من أثرياء مصر، فعمل على وقف مائة فدان لخدمة مساجد وكنائس الأقصر مناصفة، كما أوقف عشرة أفدنة للصرف على المدرسة الصناعية، فكان يرى أن الصناعة والحرف تشكل المستقبل لشباب الأقصر، وهو من بنى مدرسة الأقباط ومسجد المقشقش.

عاش توفيق باشا مدافعا عن حقوق مصر وأبناء الأقصر حتى وفاته في عام 1935 م، فبكاه الأهالي والشعراء، ومنهم الشاعر محمد موسي ومحمد عبد الباسط الحجاجي والمفكر والسياسي الكبير مكرم باشا عبيد، وقد حضر الزعيم مصطفي النحاس رئيس الحكومة المصرية حفل التأبين في ذكري الأربعين فبراير 1935 وألقي خطبة عصماء في تأبينه.

يحكي الأهالي الكثير من الحكايات حول القصر، فله شهرة كبيرة بالمحافظة، لما كان يحتويه من التحف والمقتنيات، على سبيل المثال السيارة الخاصة بجميل بك ابن توفيق باشا اندرواس، والتي قيل عنها انه مطلية بماء الذهب، وتعد من أوائل السيارات التي شاهدها الناس بالأقصر، وبعد وفاته احتفظت شقيقاته بالسيارة داخل غرفته.

وعلى الرغم من أن بنات توفيق باشا الثلاث (جميلة ولودى وصوفى) كن يعيشن داخل القصر، لم يكن المار يشعر بأن هناك أحد يعيش داخل القصر، فلم تتزوج أي منهن، وظللن آنسات حتى مقتل (صوفي 82 عاماً)، و(لودي 84 عاماً) عام 2013. وفي العام الماضي تم احباط محاولة تنقيب خلسة عن الآثار في أرضه، ليتم اغلاقه بعد ذلك بدعوى أنه آيل للسقوط، ليتم هدمه في النهاية وهو ما اثار حالة من الجدل.