قوس قزح..لوحة فنية رسمتها الطبيعة

قوس قزح..لوحة فنية رسمتها الطبيعة

الجبال دائمًا تعد آية من آيات الله في الأرض، حيث تتنوع ألوان الجبال وتضاريسها تبعاً للمناطق، فهناك الأخضر والأسود والأحمر، وهناك العديد من الألوان والأشكال التي تبهر الأعين، فهي من عجائب الله وقدرته في الأرض، فلا تخلو بقعة منها، فمن ضمنها جبال قوس قزح فعند رؤيتها تظن أنها لوحة فنية ولكنها  ليست لوحة زيتية مرسومة، بل منظر طبيعي من إبداع الخالق، إنها جبال دانكسيا الملوّنة في الصين.

عجائب الجبال

فجبال (دانكسيا) تقع في  مقاطعة ” قانسو” في شمال غرب الصين ويبلغ إرتفاعها مئات الأمتار. كما يطلق على هذه الجبال لقب «جبال قوس قزح»، نظراً للتدرجات اللونية الحمراء التي تغطي الجبال والصخور والتي تتداخل مع العديد من الألوان الاخرى، فيما تشكلت هذه الجبال على مدى ربع قرن مضى من المعادن المختلفة والحجر الجيري، فقد ساهمت عوامل التعرية كالمياه والرياح في عملية تكوينها وتلونها .

كما أن الأراضي في (دانكسيا) تعد من نوع فريد من الجيومورفولوجيا الصخرية الملّونة في الصين، التي تتميز بشرائح من الصخور الرسوبية الحمراء على المنحدرات الحادة. فقد تشكلت هذة الجبال جرّاء الاصطدام  فهي تتكون من طبقاتٍ مكتظةٍ بالمعادن والصخور بعدة أشكالٍ مختلفةٍ، والتي تشكلت عبر عشرات الملايين من السنين، وكانت النتيجة هذه السلسلة الجبلية الخلابة وطبقات الألوان والخطوط العمودية من ظلال ألوانٍ متفاوتةٍ

فقوس قزح يعد من أجمل وأروع الجبال التي يمكنُ مشاهدتها، فهو أحدَ أعجب التكوينات الجيولوجيّة على نطاق العالم. حيث يتميّز بالصخور الملوّنة، لما يحتوية على تدرجاتٍ لونيّةٍ حمراء تتداخلُ في لونِها مع عدّة ألوان أخرى يجعلة ينتج منظراً غاية في الجمال، ولهذا فإنّ هذه السلسلة الجبليّة تعتبرُ واحدة من أهمّ الوجهات الجاذِبة للسياح من شتّى أرجاء العالم. فهي أحد مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو منذ عام 2009.

جبال قوس قزح

ماوراء التسمية

وترجع تسميت الجبل  إلى أنه يقع في إحدى المقاطعات الصينيّة حيث أنه يحملُ الاسمَ ذاته، كما تتواجد هناك الأراضي الملوّنة الأكثر شهرة في العالم.ونظراً لتشابه ألوانها مع ألوان طيف قوس قزح، فعند رؤية هذه السلسلة للمرة الأولى يعتقدُ الشخص بأنّ الصينيّين قد دهنوها بتلك الألوان القزحيّة، وقاموا بتشكيلها على هذا الشكل، ويُخيّلُ إلى الشخص أنّ هذه الجبال ليست حقيقيّة، إنما جبالٌ مرسومة بالألوان الزيتيّة.فهناك أيضا شبيهٌ لجبال قوس قزح في منطقة كولومبيا البريطانيّة، فهي تتكوّن من خليط من السهول والجبال البركانيّة التي تكوّنت بفعل البراكين، إضافةً لعوامل التعرية الطبيعيّة التي تؤثّر بشكلٍ كبير على البيئة.

حقائق مدهشة

فمنذ نحو مئة مليون عام كان في المنطقة حوضٌ داخليّ ممتلئ بالطمي عن آخره، وقد نتجَ هذا الطمي عمّا حملته المياه في الجبال المحيطة، وقد جفّ هذا الحوض لاحقاً؛ نظراً لارتفاع درجات الحرارة في العالم، ونتيجة لتلك الظروف تأكسدت تلك الرواسب وتحولّت للون الصدأ، وبعد حوالي ثلاثين مليون عامٍ تشكلت طبقةً حمراء على الحوض يصل سمكها إلى نحو ثلاثة آلاف وسبعمئة متر،والذي أطلق عليها اسم “سرير الطباشير”

فإضافة لهذا فقد تكوّنت على الجزء العلوي طبقةٌ أخرى صلبة بسماكة ألفٍ وثلاثمئة متر خلال فترة العصر الطباشيريّ، وقد عملت هذه الطبقة بشكلٍ تدريجي على تشكيل قمة جبل قوس قزح “دانكسيا”، وخلال الثلاثين مليون عامٍ التالية رفعت الحركات الجبليّة المتتالية الحوضَ بأكمله لمرّات عديدة. كما تظهر أراضي هذه الجبال كالتضاريس الكارستيّة المتشكّلة في مناطق الحجر الجيري، وبما أنّ الصخور المتشكلة هي عبارة عن تكتّلاتٍ وأحجارٍ رمليّة، فقد أطلق عليها اسم “التضاريس الكارستيّة الزائفة”. فما يميّز المناظر الفريدة الطبيعيّة للجبال، فهي  تُشكل العديد من الكهوف المختلفة الأحجام والأشكال، والتي تظهر كأنها معزولة وضحلة، على العكس من التضاريس الكارستية الحقيقية، حيث تظهر الكهوف فيها عميقة مترابطة.

جبال قوس قزح

فن المبدع

فمن المؤكد أن هناك عدد غير محصور من الظواهر الطبيعية، التي تظهر إبداع وعظمة الخالق سبحانه وتعالي في خلقه. فقد أشار الله تعالي في كتابه العظيم إلي هذه الظاهرة في سورة فاطر.حيث قال تعالي” أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ”. صدق الله العظيم

فتفسير هذه الأية العظيمة يدل على كمال قدرته في خلقه الأشياء المتنوعة المختلفة من الشيء الواحد، وهو الماء الذي ينزله من السماء، فيخرج به ثمرات مختلفاً ألوانها من أصفر وأحمر وأخضر وأبيض، إلى غير ذلك من ألوان الثمار، و كذلك خلق الجبال مختلفة الألوان كما هو موجود في الكون من بيض وحمر، وفي بعضها طرائق وهي الجدد مختلفة الألوان أيضاً.