هكذا يستطيع مُخ الإنسان التنبؤ بالمستقبل

هكذا يستطيع مُخ الإنسان التنبؤ بالمستقبل

ربما للوهلة الأولى يبدو لنا المصطلح عادياً جداً، فكثيراً ما نقضي ليلة رأس السنة ونحن نتابع بعض المنجمين أو الفلكيين الذين يطلعون الناس على توقعاتهم للسنة القادمة ويبقي التساؤل كيف يستطيع مخ الإنسان التنبأ بالمستقبل ؟؟

التنبؤ بالمستقبل

فقد ثبت أنّ هناك فئة نادرة جداً من الناس استطاعت معرفة أحداث مستقبلية بشكل دقيق جداً دون وجود تفسير حتى لديهم عن سبب هذه المعرفة، ففي عام 1978 في بريطانيا، وبالتحديد في مقاطعة ويلز، قام رجال الأمن بتوقيف رجل يركض للحاق بالقطار بحجة عدم امتلاكه لتذكرة صعود للقطار، فالرجل كان في حالة هستيرية وادعى وقتها بأنه لم يتذكر أن يشتري التذكرة؛ لشدة استعجاله، كونه سيذهب إلى جلاسكو ليحذر أهلها من زلزال شديد سيضربهم قريباً، بطبيعة الحال تناول رجال الأمن الموضوع بسخرية واستهزاء، وتناولت الصحف الخبر الطريف

فتلك الرجل المجنون الذي يدعي معرفته بوقوع زلزال عما قريب، المفاجأة التي وقعت على الجميع كالصاعقة هي أنه وبعد ثلاثة أسابيع تعرضت مدينة جلاسكو لزلزال مدمر، قتل وأصاب الكثيرين دون أن يجد أحد تفسيراً لما قام به الرجل، سوى بأنه شيء خارق وخارج عن نطاق العلم أو المعرفة.

كما توجد تلك المرأة التى كانت تصرخ فى ميناء ساوثهامبتون البريطاني أثناء إبحار السفينة الضخمة  تيتانيك ، فقد  توسلت للجميع أن يوقفوا رحيل هذه السفينة لأنها ستتعرض للغرق ؟  وتجاهلها الجميع بإعتبار أنها مجنونة  ثم كان الحادث المروع بغرق السفينة العملاقة التى يعرفها الجميع

ويوجد أيضًا ( نوستراداموس ) الذي تنبأ بوقوع الكثير من الأحداث في زمننا فهل هذا مُنجماً عرّافاً فعلاً ؟ .أم أنه  يمتلك هذه الموهبة من الإستبصار والقدرة على رؤية أحداث مُعينة فى المستقبل ، تجعلة يتنبأ بالحادي عشر من سبتمبر ، والحرب العالمية الاولى والثانية ، وحرب الخليج ، والثورة الفرنسية ، وركوب الإنسان للطائرات ، وغيرها من الأحداث الكبيرة فى التاريخ الإنساني ، التى يستحيل على مُجرد عرّاف فقير يعيش في القرن السادس عشر أن يتصوّرها أو يتخيّلها أو يشعوذها ؟

تنبأ المخ بالمستقبل

ما يجعل المخ  يتنبأ

لا يُمكن بأي حال من الاحوال جمع كل حالات الاستبصار التى حدثت فى السنوات الماضية لأنها كثيرة جداً بشكل يجعل من المُستحيل حصر مئات الوقائع المُسجلة ولكن في الحققية أن  فمخ  الإنسان يحتوي على ساعتين داخليتين تتنبآن بالمستقبل القريب، وفقاً لبحث جديد من جامعة كاليفورنيا بيركلي ، حيث يشير البحث إلى أن دوائر المخ العصبية تتنبأ بالملي الثانية التالية. ويوضح الباحثون أن إحدى الساعات تعتمد في عملها على تجارب الماضي للتكهن بما يحدث في وقائع مشابهة، بينما تختص الساعة الأخرى بالإيقاع، لكن كلاهما مهم وفعال في كيفية تحرك وتنقل الإنسان في حياته اليومية.

كما يعطي الباحثون أمثلة مبسطة لطريقة عمل الساعات الداخلية للإنسان التي تكون مسؤولة عن التنبؤ باللحظة التي يتم فيها الضغط على دواسة الوقود للانطلاق بالسيارة قبل أجزاء من الثانية من تحول ضوء الإشارة المرورية إلى الأخضر، فيما تتيح خاصية ضبط الوقت المعرفي بتوقع متى يبدأ بالضبط غناء السطر التالي من أغنية ما.

حيث تعتمد إحدى “الساعتين” على تجارب الماضي، بينما تعتمد الأخرى على الإيقاع، ولكن كلتاهما مهمة لكيفية تنقلنا في العالم كما تسمح الساعة الداخلية للإنسان، على سبيل المثال، بمعرفة وقت الضغط على دواسة الوقود في السيارة قبل لحظات من أن يصبح الضوء أخضر، كما تتيح لنا خاصية ضبط الوقت المعرفي، أن نحدد بدقة متى نبدأ في الغناء، في المقطع التالي من الأغنية، ببساطة لأننا قمنا بهذه الأمور عدة مرات من قبل.

تنبأ المخ بالمستقبل

اكتشافات العُلماء

ف قد تم اكتشاف تينك الساعتين الداخليتين للإنسان بعد أن درس الخبراء دقة التوقيت الاستباقي لدى المصابين بمرض باركنسون.ووفقا للبحث المنشور في دورية “Proceedings of the National Academy of Sciences”، فإن الشبكات العصبية التي تدعم كلا الساعتين تنقسم إلى جزأين مختلفين في الدماغ، تبعا للمهمة المطلوبة.

كما يقول المؤلف الرئيسي للدراسة “أساف بريسكا”: “إن دراستنا توحي بأن التوقيت ليس عملية موحدة، بل هناك طريقتان متميزتان نستخلص منهما تنبؤات زمنية مؤقتة، وهذا يعتمد على أجزاء مختلفة من الدماغ”، فالبحث يقدم منظورا جديدا حول كيفية حساب البشر لحركة الانتقال، من خلال تحليل نقاط قوة التوقيت وأوجه العجز لدى المصابين بمرض باركنسون وأولئك الذين يعانون من التنكس المخيخي.

بينما ذكر “ريتشارد إيفري” أحد كبار الباحثين في الدراسة، وهو عالم أعصاب في جامعة كاليفورنيا في بيركلي: “تسمح لنا أنظمة الدماغ هذه بعدم الوجود فقط في الوقت الحالي، ولكن أيضا بتوقع المستقبل بنشاط”، ومن خلال الاختبارات التي خضع لها المرضى، ربط الباحثون التوقيت الإيقاعي بالعقد القاعدية (وهي مجموعة من النوى داخل المادة البيضاء في الدماغ)، والتوقيت الزمني، (وهو مؤقت داخلي يعتمد إلى حد كبير على ذاكرتنا من التجارب السابقة) بالمخيخ.

فالنتائج تشير إلى أنه إذا تعطلت واحدة من الساعتين العصبيتين، يمكن للأخرى، نظريا، أن تتدخل للمساعدة في استمرار العمل، وأشار بريسكا إلى أن البحث: “لا يحدد فقط السياقات الاستباقية التي يعاني منها المرضى العصبيون، بل أيضا السياقات التي لا تواجههم صعوبة فيها، مما يوحي بقدرتنا على تعديل بيئاتهم لتسهيل تفاعلهم مع العالم”، كما تشمل بعض هذه العلاجات للساعات العصبية غير الواضحة، ألعاب فيديو لتدريب الدماغ، وتطبيقات للهواتف الذكية، ومحاكاة عميقة للدماغ، وتعديلات في التصميم البيئي.