لماذا احتفظ الخط العربي برونقه على مر السنين؟

لماذا احتفظ الخط العربي برونقه على مر السنين؟

الخط العربي أحد الفنون الجلية التي نمت معبرةً عن الحضارة الإسلامية وقت زهوتها، وساعدت على توثيق محطات تاريخية مهمة إلى جانب إضافة اللمسة الجمالية والصبغة الفريدة للمباني والآثار الإسلامية.

يصف تنوع الخطوط العربية رحلة من الاهتمام والتحسين؛ نمر فيها سريعاً لنتعرف على أنواع الخطوط العربية ونشأتها وجمالياتها.

نبذة تاريخية

ظهرت العناية بهذا الفن واشتدت مع بداية الاهتمام بتدوين العلوم واتساع رقعة الحضارة الإسلامية فكان لكل بلد إضافتها الخاصة لأنواع الخطوط.

احتل خطي النسخ والثلث مرتبة رفيعة عندما تبين مناسبة استخدامهم في خط المصحف الشريف بدلاً من الخط الكوفي، الذي ظل محتفظاً بمكانته على جدران المباني وفي صك العملات.

ونمى عن جولة الخط العربي في مختلف البلاد الإسلامية بين العراق ومصر وتركيا وفارس تطور الخطوط المعروفة للخروج بخطوط جديدة مثل الخط الديواني وخط الرقعة وخط النستعليق.

العناية بتعليم الخطوط العربي

الخط العربي

في مصر، كان للخط العربي عهدٌ جديد من حيث العناية بتعليمه وتأصيله، فاهتم عدد من الخطاطين المصريين بنقل الخطوط المكتوبة من بلاد الشام ومن الأعاجم وتعليمها وإعادة إحيائها حتى أنشئت عام 1921م مدرسة تحسين الخطوط الملكية.

في هذه المدرسة أضيف إلى خط الثلث تكوينات جديدة، وازدهر الخط الكوفي مجدداً في حلّةٍ من الزخرفة الهندسية، وكانت العناية بفن التهذيب، ونبوغ واضح لخط الرقعة والخط الديواني وخط النستعليق.

وعلى مدار أكثر من 100 عام، تعمل هذه المدرسة على تعليم الخطوط العربية وهي معروفة الآن بمدرسة “خليل أغا”، وغيرها من المدارس الحديثة في كل المحافظات المصرية، وأيضاً مع العديد من المعارض التي تقام بين الحين والآخر.

وأثر الخطاطين المصريين ممتد حتى إلى تركيا والتي عادت مؤخراً لإحياء تراثها العربي وأصبحت جامعة محمد الفاتح قبلة لمن يريد إتقان هذا الفن التراثي العتيق.

الزخرفة “حُلية” الخط العربي

تعلم الزخرفة بنوعيها الهندسية والنباتية لا يقل أهمية عن تعلم الكتابة الخطية فهي تتمم اللمسة الفريدة للمخطوطات، بل وحتى تستخدم مستقلةً عن الكتابة وهذا تراه بشكل واضح في الطراز المعماري الإسلامي.

رغم أنها مستوحاة من عناصر نباتية وهندسية إلا أن الزخارف التي ستراها بها روح فنية مغايرة للشكل المادي المعروف، وهذا ما يزيدها تفرداً وبهاءً.

الصناعة الخطية

عُرفت على أثر نشأة الكتابة بالخط العربي صناعات عديدة منها:

-تقهير الورق.

-صناعة الأحبار وابتكار ألوان جديدة.

-التذهيب.

بين التراث والمعاصرة:

مما يتميز به فن الخط العربي هو قابليته للتأقلم والتطوير المستمر حتى تجده مواكباً لعصره مع احتفاظه بأصالته وتفرده؛ وهذا لأنه أداة تتطوع في يد الخطاط حتى يعبّر بها عمّا يريده.

فمن ضمن الأمثلة للتطبيقات الحديثة للخط العربي نجد الخطوط الإلكترونية التي تتيحها برامج التصميم المختلفة، والتي رغم دقتها لا تستطيع أن تحل أبداً محل الكتابة اليدوية.

روح الخط العربي

ربما نعتبر هذه كلمة السر في هذا الفن، فالكتابة اليدوية للخط تصف معنىً خاص بمن خطّها وتضيف معنىً لما هو مكتوب، وهذا ما يجعله مدرجاً ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي.

ومن تجليات هذه الروح في الزمن المعاصر إدخال الكلمات المكتوبة يدويا في الشعارات المصممة بشكل إلكتروني، واستعمال الخطوط اليدوية في الوسائل الإعلانية مكتوبة إما بالخطوط التراثية المعروفة أو بالخطوط المستحدثة والتي منها:

-الرسم بالكلمات.

-خط التيبوجرافي.

-الخط الحر.

-خط الوسام والسنبلي.

أهم المجالات التي تستعمل الكتابة الخطية

لم تعد الكتابة بالخطوط العربية محصورة في الكتابة على حوائط المساجد والبنايات القديمة، بل إن عدداً كبيراً من الناس الآن يهتمون بتزيين حوائط بيتوهم الصغيرة بمخطوطات عربية في هيئة لوحات أو حتى جداريات مرسومة على الحائط مباشرة.

وحتى أنها لم تعد فقط مادة دعائية إعلانية بل ازداد مؤخراً إقبال الناس على تعلمه لإدخاله في الكثير من الأعمال مثل:

-تصميم الشعارات.

-تصميم دعوات المناسبات.

-كتابة الأسماء المفردة.

-الأعمال اليدوية مثل التطريز.

-صناعة الحلي.

-تزيين الحوائط في الشوارع العامة.

وسيبقى المجال مفتوحاً لاستعمالات أكثر، فهو يعزز الشعور بالانتماء والهوية العربية.

تحسين الكتابة بالقلم العادي

أهم التطبيقات المعاصرة هي إيجاد وسائل عديدة لتحسين الكتابة بالقلم العادي، والتي ربما كان سبباً في زيادة الحاجة لها هو عدم الاهتمام بالقواعد في الكتابة العادية إذ يظن البعض أن تعلم الخط هو أمر غير ضروري ومتعلق فقط بتعلم جمالياته.

إلا أن الكتابة الواضحة هي أساس الفهم والتعلم، وهذا يبدأ في سن صغير، من العناية بإمساك القلم بطريقة صحيحة ومريحة والبقاء على مسافة مناسبة من الورقة التي يُكتب بها، إذ لابد أن يتمكن الطفل من قراءة ما كتبه بيده وإلا لن يكون قادراً على تعلمه بشكل سليم.