لماذا ستحب عزاءات الفلسفة؟!

لماذا ستحب عزاءات الفلسفة؟!

لماذا ستحب عزاءات الفلسفة؟!

كتاب عزاءات الفلسفة، كتاب من قبل آلان دو بوتون، ٣١٦ صفحة، من إصدارات دار التنوير، من ترجمة يزن الحاج.

بداية.. فالكتاب مترجم بشكل بسيط وسلس جدا، والمفردات فيه واضحة وسهلة، يزن الحاج جعله عربي وليس مترجم.

في عزاءات الفلسفة..

استطاع دو بوتون أن يعرض لنا حياة ستة فلاسفة، بل وأعظمهم، في ستة فصول، (سقراط، أبيقور، سينيكا، مونتين، شوبنهاور، نيتشه).

ليأخذنا في رحلة إلى حياتهم، ليبدأ بسرد تاريخهم بشكل موجز، ثم يعرض بأسلوبه الفلسفي، آراءهم وفلسفتهم بأسلوب وعبارات سهلة وعميقة.

العزاء الأول..

عزاء سقراط، بشأن مخالفة الآراء السائدة..
بدأ بعرض اللوحات التي تصف قوة ومثابرة سقراط، أثناء محاكمته، ثم انتقل للحديث عن فلسفته، وآراءه.

فيرى أننا يجب أن نتبنى حجج منطقية، قبل أن نحاجج الغير نحوها، ومهما بلغ عدد المعارضين لأفكارنا، قد نكون الصواب.

فسقراط يسير على فكرة أن ما من فكرة تحتمل الصواب الدائم، وأن الأفكار لا تكون صحيحة لكون الغالبية تؤمن بها.

بعد الانتهاء من ذلك الفصل، أدركت أن أكثر الروايات حقيقة، ما قالها أفلاطون تجاه شخصية سقراط.

العزاء الثاني..

عزاء أبيقور، بشأن الافتقار إلى المال..
تتلخص فلسفة أبيقور في أن زيادة المال، لن يزيد من سعادتنا.

وأن يكون للحد الذي يوفر لنا حاجاتنا الأساسية من مأكل ومسكن وملبس، وأن السعادة الحقيقية تكمن في الحرية والأصدقاء.

يقول أبيقور..

نحن لا نحصل على القيمة الحقيقية عبر الصالات والحمامات والعطور والمراهم، بل عبر العلم الطبيعي.

العزاء الثالث..

عزاء سينيكا، بشأن الإحباط..
تتلخص أفكار سينيكا في أننا يجب ألا نرفع سقف توقعاتنا، حتى لا نصاب بالإحباط والخيبة.

وأن كلما زادت نسبة تفاؤلنا تجاه الأشياء، كلما اصطدمنا بالواقع وظهرت لدينا المشاعر السلبية، كالغضب والقلق، وبالتالي تنتج المشاعر السيئة.

في هذا الفصل، استحوذت كتابات سينيكا المسىرحية على عقلي، فقد خيل إلي أنني أقرأ نص مسرحي، وليس فكر.

العزاء الرابع..

عزاء مونتين، بشأن العجز..
يعتبر من أصعب الفصول قراءة، رغم سهولة مفرداته، ومحاولة بوتون في تنظيمه، لكن لم أدركه كاملا.

قسم بوتون فلسفة مونتين إلى ثلاثة أجزاء، جنسي وثقافي وفكري، شرح كل عجز منهم بشكل مفصل.

لنخلص إلى حقيقة مفاداها أننا يجب أن نتقبل عجزنا وعيوبنا كما هي، لأنها حقيقة لن نستطيع تغييرها.

العزاء الخامس..

عزاء شوبنهاور، بشأن انكسارات القلب..
مع قراءة اسم شوبنهاور، أدركت قبل البدء في هذا الفصل، نوع الكلمات التي ستقابلني.

لنا أن نتخيل كم ما هي أفكار الفيلسوف التشاؤمي شوبنهاور، الذي يرى أن الحياة شر مطلق.

تتحدث فلسفة شوبنهاور نحو أن أفضل طريقة للتصدي للانكسارات، هي التوقع والاستعداد المسبق لها، وأننا يجب أن تقبل الحياة بخيباتها.

وفكرة أن العالم لديه صفقة عظيمة سيعرضها علينا، هي فكرة خاطئة تماما، وأن السعادة لن تأتي إلا في أحلامنا.

العزاء السادس..

عزاء نيتشه، بشأن المصاعب..
لم أستطيع تقبل أفكار نيتشه مطلقا، حتى وإن كانت منطقية بالفعل.

ومن قرأ هكذا تكلم زرادشت وفلسفة الأخلاق، أو من قرأ أفكاره، سيدرك ماذا أعني، أو قد أكون أنا غير موضوعية.

فيرى نيتشه أنه لكي نصل لإنجاز عظيم، يجب أن نعاني ألم عظيم، وأن ما يسعدنا لابد أن نتعب من أجله.

أما ما يؤخذ على بوتون..

أن عنوان الكتاب لا يتوافق من رأيي مع مضمونه، فذلك ليس عزاء للفلسفة، بل عرض لتاريخ مؤسسيها، وبالتالي لتاريخها.

ملخص ما سبق..

هذا كتاب جيد وبسيط للمبتدئين وغير المتخصصين في الفلسفة.

يعرض العقبات التي واجهها كل فيلسوف حول مخالفة الرأي السائد والفقر والإحباط والعجز والحب والفشل.

ويشرح الكتاب طريقة تعامل كل فيلسوف مع مصاعب الحياة، وكيف يتخطاها، من خلال عرض حياته وطريقة تفكيره ومبادئه.

وقد استدل الكاتب على حديثه وأكده من خلال الصور التوضيحية والعبارات المقتبسة من حديث كل فيلسوف.

فقد حاول ألا يجعلنا نشعر بالوحدة، جعل الشعور بالقلق والإرتباك وحتى انكسارات القلب شعور يتشاركه الجميع، من خلال الفن والأدب.

في النهاية..

لم يكن عزاءات الفلسفة، هو أول معرفتي بآلان دو بوتون، فقد كانت تجربتي الأولى له مع “قلق السعي إلى المكانة”.

ورغم اختلاف مضمونه عن كتابنا هذا، حيث ناقش فيه مشاكل الناس نحو السعي إلى المكانة، والقلق المترتب على تحقيقها.

لكن في النهاية يبقى أسلوبه البسيط، في عرض الأفكار بشكل أكثر منطقية وتسلسل واحد، في كل كتاباته.

وما سبق سيجعلك بالفعل تجيب على سؤال، لماذا ستحب عزاءات الفلسفة.

مراجعة كتاب المؤمن الصادق