ما وراء أُعجوبة كريستال

ما وراء أُعجوبة كريستال

يمتلئ العالم بالأماكن المثيرة للاكتشاف من قبل المغامرين ومحبي الطبيعي خاصًا الكهوف في جميع أنحاء العالم المنتشرة بشكل كبير في الأراضي ذات الصخور كريستالية التي تتآكل بسهولة مما يُساعد في تشكُل الكهوف، فمن تلك الأماكن كهف كريستال العملاق أو كما يطلق عليه كهف البلورات.

من خطأ إلي اكتشاف

فقد تم اكتشاف الكهف  في عام 2000 من قبل عمال الحفر لنفق جديد لشركة التعدين پنيولس للصناعات الواقعة في نايكا، المكسيك، فخلال الحفر تصدع المكان وشعر العمال بالقلق خشية من اجتياح الفيضانات للمنجم. فمجمع التعدين يحتوي على مخزون كبير من الفضة  والزنك والرصاص . يينما مغارة الكهف  تتكون من تجويف على شكل حدوة حصان من صخور الحجر الجيري . وتغطي أرضيتها كتل بلورية تامة الأوجه. كتل بلورية ضخمة تبرز من كل من الكتل والأسقف.

عجائب كريستال

فقبل أكثر من تسعين عاما اكتشف عاملين بالحفر في نفق على عمق 300 متر تحت سطح الأرض كهفا آخر أكبر بكثير في أحد مناجم الفضه في الفترة بين عام 2007 و 2008  قاموا بالصدفة باكتشاف  مشهدا مخيفا للغاية وهو كهف كرستالي عملاق وسط صحراء المكسيك ،  وقد عثروا علي بلورات تقاس حتى 12 مترا (أكثر من 36 قدما) مع بلورة واحدة تزن حوالي 55 طنا ، وكانت هذه أكبر البلورات الرائعة  تقع في الكهف بجانب المسلات الكريستالية ولكن الغريب  في الأمر أن تلك البلورات و المسلات كانت ذو شفرة حادة جداً مما قد يؤدي إلى أصابة العاملين .

كهف كريستال

كيف  نشأ كريستال ؟

فقد تشكلت هذه المسلات و البلورات العملاقة بداخل هذا الكهف من المياه الجوفية المشبعة في كبريتات الكالسيوم التي تمت تصفيتها من خلال رمال الكهف على مدار ملايين السنين ، و بالتالي على مدى قرون نمت هذه البلورات الصغيرة و أخذ حجمها يزداد مع الوقت .

حيث تتوقع أن تلك البلورات تشبه رقاقات الثلج العملاقة و بالتالي فهي منخفضة في درجة حرارتها ، ولكن المظاهر قد تكون خادعة ، لأن في الواقع، أن درجة الحرارة داخل هذا الكهف تصل إلي 112 فهرنهيت ممزوجة  برطوبة من 90-100 في المائة ، ولهذا تجد المستكشفون داخل الكهف يرتدون سترة واقية ويحملون حقائب من الجليد لتبريد الهواء.

ما وراء الكهف

فمنذ ملايين السنين ، كان النشاط البركاني يملأ الجبل بالأنهيدريت ، وهو شكل غير مائي من الجبس ، وعندما هدأت الصهارة في نهاية المطاف ، بدأ الأنهيدريت في الذوبان ، مما أدى إلى إثراء مياه الكهوف والسماح لها بتكوين بلورات ضخمة ، ومن المثير للدهشة أن حجم البلورات ليس له حدود وإذا منح الوقت الكافي سينمو أكثر .

فقد وجد تحت المجهر في المختبر ، قطعة من هذه البلورات من الجبس المغمورة في المياه الغنية بالمعادن تتمدد بمعدل جزء واحد من البليون من المتر في اليوم الواحد، فتلك المعدل هو أبطأ من أي وقت مضى في نمو البلورات، حيث استغرق الأمر ما بين 100،000 و 1 مليون سنة لتصل البلورات التى نراها الآن إلى طول 11 متر فللحفاظ على هذا النمو, يجب أن تبقى درجات الحرارة في الكهف بين نحو 50 و 58 درجة مئوية.

كما يعمل العلماء والباحثون بنشاط في كهف البلورات منذ عام 2001 ، واستمروا في فعل ذلك حتى الفيضانات المؤكدة في عام 2017 ، وباستخدام التأريخ لليورانيوم ، تمكن العلماء من تحديد أن البلورات عمرها 500.000 سنة  ومؤخرًا ، تمكن الدكتور بينيلوب بوسطن من معهد علم الأحياء الفضائي التابع لناسا من عزل الميكروبات الخاملة داخل البلورات وإحيائها .

فهذا يُعد اكتشاف استثنائي ، حيث أن الميكروبات لا يقل عمرها عن 10000 عام ، وربما يصل إلى 50000 ، وستكون الدراسة الإضافية مثيرة للاهتمام بالتأكيد ، لأنها تحاول معرفة المزيد عن هذه الميكروبات الخاصة التي تتكيف مع هذه الظروف القاسية  .

ميكروبات كريستال

فهناك أيضًا احتمال ألا تأتي ميكروبات نايكا من داخل البلورات على الإطلاق ، بل من برك المياه المحيطة بها ، في عام 2013 ، فقد  أفاد باحثون في فرنسا وإسبانيا باكتشاف حياة ميكروبية في الينابيع الساخنة المالحة في أعماق نظام نايكا ، كما أن هذه الميكروبات الحديثة تحصل على طاقتها من المواد الكيميائية الموجودة في باطن الأرض ، فهي متميزة جينيا عن الأنواع الميكروبية المعروفة .

فالبيئة يمكن أن تحاكي الظروف القاسية للكواكب الأخرى في النظام الشمسي ، مما يمنحنا أدلة أكثر حول كيفية ازدهار بعض الكائنات الحية تحت الأرض في غياب الضوء ، ويرى الكثير من العلماء أنه إذا كانت الحياة موجودة على كواكب أخرى ، فإنها ستكون تحت الأرض في بيئات مثل نايكا.