مدينة القاهرة.. البناء المعماري الداخلي والبنية الاجتماعية للمدينة

مدينة القاهرة.. البناء المعماري الداخلي والبنية الاجتماعية للمدينة

كان التخطيط الأصلي لمدينة القاهرة عبارة عن مستطيل منتظم ذو أسوار تميل قليلاً باتجاه شمال شرق، وأقيمت المدينة الأصلية على مساحة 340 فدان؛ وبلغت نسبة الأحياء السكنية (الحواري) 60%، والقصور الملكية وحدائقها 40%. وعندما تم توسيع المدينة طرأ عليها تغيرات بسيطة، حتى ان البوابات الجديدة أخذت نفس الأسماء القديمة.

 

مدينة القاهرة

 

تُظهر الخرائط والتفاصيل التي ذكرها خسرو أن القاهرة كانت تتألف من عدد من القصور أو المنازل المتباعدة، وكان أقصى ارتفاع لكل مبنى هو أربعة طوابق تتخللها مجموعة من الجدران. وكانت المدينة تحتوي على عدد قليل من المساجد وبعض المباني الإدارية وعدد من الطرق التجارية الرئيسية. وعلى الرغم من أنه من الممكن تصنيف المباني وفقاً لوظائفها في الاستخدامات العامة والخاصة، فإن ذلك الوضع لم يكن متاحاً في القاهرة الفاطمية، حيث كانت المدينة كلها بمثابة ملكية خاصة.

وكانت المباني العامة فقط هي المساجد وبعض المرافق الإدارية الأخرى، ومعظم المنازل والمحلات والأراضي الشاغرة ملك للخليفة. وكانت الأماكن العامة مخصصه للطرق الرئيسية، حيث تقام بعض الأنشطة التجارية، والشوارع الصغيرة بمثابة ملكية خاصة وتضم شبكة متصلة داخل مختلف الأحياء، وكان هناك العديد من المساحات الخاصة مثل الأفنية والحدائق.

البنية الاجتماعية للمدينة

يعتبر التنظيم الداخلي للمدينة الفاطمية واحداً من أبرز خصائصها، ولعل ذلك كان بفعل الاحتلال. فجذور هذا النظام الذي اعتمده العرب الفاتحين ترجع إلى الدولة البيزنطية والرومانية، وأصبح نظام المدينة الحاكمة في القاهرة أكثر انتشاراً مع مرور الوقت، وجسدت الأحياء القديمة الانتماء القبلي، كما يتضح من خلال أسماء الأحياء والحواري وهي المساحة التي تشكل شبكة الشوارع داخل الأحياء.

ومن خلال دراسة تخطيط القاهرة الفاطمية سنجد أن هناك عنصر اخر، وهو انعكاس التسلسل الهرمي الاجتماعي في الترتيب الفعلي. فيشغل قصر الخليفة قلب المدينة، ويحيط به مجموعة من القصور الأخرى، وتقع الأحياء السكنية خارج إطار هذه القصور.

ولا يسمح للناس الذين يعيشون في الفسطاط بدخول المدينة إلا بإذن خاص. وقد حظيت بعض المساحات داخل هذا التنظيم بأهمية اجتماعية كبيرة؛ ولعل أهمها المساحة الواقعة بين الشرق والغرب لقصور الخليفة، حيث كان يتم فتحها فقط للجمهور في المناسبات الاحتفالية الكبرى.

وهناك مساحات أخرى كان لها أهمية اجتماعية وتجارية مثل المنطقة الموجودة داخل باب النصر أو أمام مسجد الحكيم. ولذلك بات من الواضح ان القاهرة الفاطمية تضم اتصال بين الهيكلة الاجتماعية والمعمارية، وقد ظل هذا الاتصال دون تغيير لفترة طويلة جدًا.