من محاسن الأذكار والعبادة في الإسلام ( حلقة2)

من محاسن الأذكار والعبادة في الإسلام ( حلقة2)

محاسن الأذكار، الثوب من الضرورات التي لا غنى للإنسان عنها، إذ لو كان له عنها غنى، ما غطى أبوانا عورتيهما بورق الشجر في الجنة دار المسرة والنعيم الكامل.
ولقد شرع الإسلام للمسلم أدعية وأذكاراً عند استعمال الثوب الجديد، وخلع الثوب ولبسه على وجه العموم، بل عند رؤية ثوب جديد على أحد المسلمين.

أولا – محاسن  الأذكار عند لبس الثوب الجديد:


فأما ما شرعه له عند لبس الثوب الجديد أن يقول: ((اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ)) (1).
فشرع له أن يحمده على أن كساه هذا الثوب، الذي لا يعلم من أين جمعت خيوطه ولا بأيدي من، ثم أوصله إليه بقدرته سبحانه وتعالى، لينعم باستعمال ما تعب فيه غيره، فله التعن به ولغيره التعب فيه، فاستحق الحمد سبحانه، أن يسر له ما يتجمل به ويستر به عورته، ويميز به عن كثير من المخلوقات، التي جردت فطرتها عن استعمال اللباس كالدواب وغيرها، أو إنسان عجز عن نيله أو استعماله لفقر به أو لعجز عن استعماله.
وشرع له بعد حمده الدعاء بأن يرزقه خيره وخير ما صنع لأجله، وفي هذا دعاء بالمعافاة والسلامة من الآفات التي تحول بين المسلم وبين استعماله الثوب، والتعوذ من كل شر يجره لبسه الثوب إليه، كفخر أو خيلاء أو غيرها من الآفات أو المحرمات التي قد تصيب الإنسان بسبب هذا الثوب.


ثانيا – ما يقال عند لبس الثوب عموما:
يقول المسلم عند كل مرة يلبس فيها ثوبا: ((الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا (الثَّوْبَ) وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّة)) (2).
فيظل هذا ذكر المسلم عند كل لبسه يلبسها، يحمد لله على رزقه هذا الثوب، ويقر له بالفضل والمنة، إذ لولا حول الله وقوته، ما حصل على الثوب ولا لبسه، وفي هذا من عبودية القلب ما يدل على افتقار العبد لله تعالى، والإعتراف له بالمنة.

ثالثا – ما يقال عند رؤية مسلمٍ يلبسُ لبساً جديداً:
ويقول المسلم لأخيه المسلم إذا رأى عليه لبسا ((تُبْلِي وَيُخْلِفُ اللَّهُ تَعَالَى)) (3)، وورد دعاء أخر ((اِلْبَسْ جَدِيداً وَعِشْ حَمِيداً وَمُتْ شَهِيداً)) (4)
فالثوب الجديد سبب لنيل دعوات المسلمين، وقد يكون أحدهم مجاب الدعوة، فيسعد صاحب الثوب حين يدعو له بإبلاء الثوب وأن يخلف الله عليه غيره، وهل يبلي ويُأتي إليه بجديد إلا من أبلاه في عافية، إذ لولا العافية لمكث الثوب عند صاحبه الزمن الطويل، فهو دعاء بالخير للابس الثوب، ورفع لدرجة إيمان الداعي لأن من علامات الإيمان أن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه وفي الوقت نفسه سبب لرفع الدرجة لأنه الدعاء من الطاعات والطاعات تزيد الإيمان، وبلا شك كل إنسان يحب أن يلبس ويبلي ويتمتع بالجديد بعد الذي أبلاه، وأن يعيش حميدا ويموت يوم يموت شهيدا، ليحيا عند الله في الجنة ينعم ويتمتع بخيراتها حتى يبعث الله الخلائق يوم القيامة، قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} [آل عمران: 169 – 171]
فأي دعوة أعظم من هذه سببها أن رآك مسلم تلبس ثوبا جديدا؟

رابعا – ما يشرع للمسلم عند خلع الثوب
ومما يظفر به العبد من محاسن الذكر، حين يخلع ثوبه، ستر أعين الجن، فلقد شرع الله له أن يقول عند خلع الثوب ((بسم الله))، وقد ورد في حديث آخر، أن ((ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الخلاء بسم الله) أي: يقول: بسم الله،
فمن قال بسم الله عند خلع ثوبه، ستر الله عورته من الجن، ومعلوم أن الجن مكلف كما الإنس مكلف، ففي كشف العورات، والمرأة كلها عورة، ما يستر من عين الجن بالحسد، إذ للجن نفس كما للإنس نفس، والجن يحسد كما الإنس يحسد، ويشتهى كما يشتهي الإنسان، فقد تكون إظهار العورات ذريعة لأذى الجن للإنس، بمس أو غيره من أنواع الأذى التي قد يصيب بها الجني الإنسي.
فبالتسمية سد الشارع الحكيم أبواب الأذي عن الإنسان حين خلع ثوبه، الذي الذي لا غني عنه في ليل أو نهار، أو للراحة من الحر أو لدخول الخلاء.
_________
[1]- أبو داود، برقم 4020، والترمذي، برقم 1767، والبغوي،12/ 40، وانظر: مختصر شمائل الترمذي للألباني، ص 47.
[2]-أخرجه أهل السنن إلا النسائي: أبو داود، برقم 4023، والترمذي، برقم 3458، وابن ماجه، برقم 3285، وحسنه الألباني في: إرواء الغليل، 7/ 47.
[3]-أخرجه أبو داود، 4/ 41، برقم 4020، وانظر: صحيح أبي داود 2/ 760.
[4]-ابن ماجه، 2/ 1178، برقم 3558، والبغوي، 12/ 41، وانظر: صحيح ابن ماجه، 2/ 275.