من أخبار كرم النبي – صلى الله عليه سلم – وأمته (حلقة : 2)

من أخبار كرم النبي – صلى الله عليه سلم – وأمته (حلقة : 2)

فضل الكرم والجود

– وقال تَعَالَى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272]، و قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا أنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39].
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لمال الذي أعطاه الله بني آدم، أعطاهم الله إياه فتنة؛ ليبلوهم هل يحسنون التصرف فيه أم لا.
قال الله تعالى: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (التغابن: 15)، فمن الناس من ينفقه في شهواته المحرمة، وفي لذائذه التي لا تزيده من الله إلا بعداً، فهذا يكون ماله وبالاً عليه والعياذ بالله.

كرم النبي

ومن الناس من ينفقه ابتغاء وجه الله فيما يقرب إلى الله على حسب شريعة الله، فهذا ماله خيرا له.
ومن الناس من يبذل ماله في غير فائدة، ليس في شيء محرم ولا في شيء مشروع، فهذا ماله ضائع عليه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال.
وينبغي للإنسان إذا بذل ماله فيما يرضي الله أن يكون واثقاً بوعد الله سبحانه وتعالى، حيث قال في كتابه: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سبأ: 39)، (فَهُوَ يُخْلِفُهُ) أي يعطيكم خلفاً عنه. (1)

1 – و عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ

لأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ، وإِنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفْسِدُ العَمَلَ، كما يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ.) (2)

2 – وعن أبي مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كانَ قَبْلَكُمْ، فَلَمْ يُوجَدْ له مِنَ الخَيْرِ شيءٌ، إلَّا أنَّه كانَ يُخالِطُ النَّاسَ، وكانَ مُوسِرًا، فَكانَ يَأْمُرُ غِلْمانَهُ أنْ يَتَجاوَزُوا عَنِ المُعْسِرِ، قالَ: قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: نَحْنُ أحَقُّ بذلكَ منه، تَجاوَزُوا عنْه.) (3)

3 – وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (ما مِن يوم يُصبِح العباد فيه إلا ملَكان يَنزِلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ مُنفقًا خلَفًا، ويقول الآخَر: اللهمَّ أَعطِ مُمسِكًا تلفًا.) (4)

4 – وعنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القُرْآنَ، فَهو يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيْلِ، وآناءَ النَّهارِ، فَسَمِعَهُ جارٌ له، فقالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ ما أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعْمَلُ، ورَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا فَهو يُهْلِكُهُ في الحَقِّ، فقالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ ما أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعْمَل.) (5)

5 – : وعنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: أنفق أُنفِقْ عليك، وقال: يد الله ملأى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار. وقال: أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يده، وكان عرشه على الماء، وبيده الميزان يخفض ويرفع) (6)

6 – و عن سهل بن سعد- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللهَ كريمٌ يُحبُّ الكرمَ، يُحبُّ معاليَ الأخلاقِ، و يكرَهُ سَفْسافَها) (7)

7 – و عن أبي أسيد مالك بن ربيعة السّاعديّ رضي الله عنه- قال: بينا نحن عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ جاءه رجل من بني سلمة؛ فقال: يا رسول الله! هل بقي من برّ أبويّ شيء أبرّهما به بعد موتهما؟ قال: «نعم، الصّلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرّحم الّتي لا توصل إلّا بهما، وإكرام صديقهما) (8)

8 – وعن أبي شريح العدويّ- رضي الله عنه- قال: سمعت أذناي وأبصرت عيناي حين تكلّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته، قيل: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: «يوم وليلة، والضّيافة ثلاثة أيّام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) (9)
—————
1 – شرح رياض الصالحين، (3/ 401).

2 – الألباني في السلسلة الصحيحة (906) بسندٍ صحيحٍ.
3 – صحيح مسلم رقم: (1651).
4 – متفق عليه.
5 – صحيح البخاري رقم: (5026).
6 – صحيح البخاري رقم: (4407).
7 – صحيح الجامع رقم (1801)، صححه الألباني.
8 – سنن أبي داود (5142) واللفظ له، والحاكم (4/ 154) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وذكره الألباني في الصحيحة رقم (913).
8 – متفق عليه.