مهندس مدني يتسبب في إنجاح حرب أكتوبر فمن هو وماهي قصته؟

مهندس مدني يتسبب في إنجاح حرب أكتوبر فمن هو وماهي قصته؟

تقرير: حسام بدران عبدالعال

توارت في سجلات حرب أكتوبر 1973 أبطال غاب ذكرهم رغم ما قدموه في الحرب، واحد من هؤلاء الذين يطلق عليهم رجال الظل هو الدكتور محمود يوسف سعادة لم يكن عسكريا ولم يرتد البذلة العسكرية أو يشارك في الحرب ولو برصاصة واحدة، ولكنه بخبرته العلمية والأكاديمية إستطاع التصدي للطيران الإسرائيلي، وساعد قوات الدفاع الجوي في إحكام السيطرة علي سماء مصر.

كانت تهدد الخطط المصرية لحرب أكتوبر هي مشكلة وقود صواريخ الدفاع الجوي المصري و التي حلها الشخص المجهول و البطل المنسي هو الأستاذ الدكتور “محمود يوسف سعادة” قبل حرب أكتوبر بأشهر قليلة.

توالت التقارير أمام اللواء/محمد على فهمي قائد الدفاع الجوى في مطلع العام ، توضح بإستفاضة الحالة الفنية التي عليها الصواريخ (مضادة للطائرات)، والتي تواجه وتقترب من مشكلة ضخمه.. كانت المشكلة بالنسبة لوقود الصواريخ سيئا للغاية، فالجزء الأكبر منه قاربت صلاحيته على الإنتهاء بعد شهور قليلة، والجزء الآخر إنتهت صلاحيته فعلا وأصبح عديم الجدوى، والإمداد السوفيتي من هذا الوقود متوقف.. كان الموقف خطيرا وينذر بأوخم العواقب، ولابد من حل سريع، فعبور القوات المسلحة إلى الشرق يتوقف نجاحه على الحماية التي يوفرها حائط الصواريخ المصري ضد تدخل الطيران الإسرائيلي، لم يستجب الإتحاد السوفيتي لطلبنا المتكرر للوقود، فإتجه اللواء/فهمي إلى الأجهزة والمعامل الفنية داخل القوات المسلحة أولا لكنها عجزت عن حل المشكلة، فإتجه علي الفور إلى العلماء المصريين المدنيين، وفي سرية تامة تم عرض المشكلة عليهم.

وتقدم لهذه المهمة أحد المصريون حقا الدكتور/ محمود يوسف سعادة الذي أنكب علي الدراسة والبحث، فنجح في خلال شهر واحد من إستخلاص 240 لتر وقود جديد صالح من الكمية منتهية الصلاحية الموجودة بالمخازن.

كان ما تمكن إليه الدكتور محمود سعادة هو فك شفرة مكونات الوقود إلى عواملها الأساسية والنسب لكل عامل من هذه المكونات، وتم إجراء تجربة تشغيل صاروخ بهذا الوقود وإطلاقه ونجحت التجربة تماما، وعم الجميع الذين حضروا التجربة فرح شديد وإنطلقوا يهتفون بحياة مصر.

وتم تكليف أجهزة المخابرات العامة بإحضار عينة من هذا الوقود من دولة أخري غير روسيا، وذلك لإستثمار هذا النجاح الباهر، وبسرعة يتم إحضار العينة كما تم إسترداد المكونات كمواد كيماوية، وإنقلب المركز القومي للبحوث بالتعاون مع القوات المسلحة إلى خلية نحل كانت تعمل 18 ساعة يوميا، ونجح أبناء مصر مدنيين وعسكريين الذين إشتركوا في هذا الجهد العظيم في إنتاج كمية كبيرة (45طن) من وقود الصواريخ، وبهذا أصبح الدفاع الجوى المصري على أهبة الإستعداد لتنفيذ دوره المخطط له في عملية الهجوم، وقد كانت مفاجأة ضخمة للخبراء السوفييت كان مازال بعضهم موجودا الذين علموا بما قام به المصريون دون إستشارة أو معونة من أي منهم.

لم تكن القوات المسلحة وحدها هي التي تقاتل حرب الإستنزاف أو تستعد لخوض حرب أكتوبر 1973، لقد كانت مصر كلها علماء، فلاحين، عمال، مهندسين، طلاب، مثقفين على قلب رجل واحد