هبة معوض تكتب..قالوا

هبة معوض تكتب..قالوا

كتبت:هبة معوض

 

_لا حقيقة ثابته في الصحف إلا صفحة الوفيات..

تعد كلمات نجيب محفوظ هذه أدق وصف لما يفعله الإعلام في يومنا هذا، لأن بالفعل كل الصحف سواء ورقية أو إلكترونية أصبح هدفها الأول والأخير الربح أو العائد المادي فقط، دون النظر على محتوى ما يتم نشره.

 

المشكلة الأكبر هي أنه لا يوجد استثناء لتلك الصحف، بل الكارثة أن الصحف الكبرى وأكثرها شهرة، هي أول الصحف في نشر أخبار كاذبة ومضللة، أو خلق أخبار بهدف خلق “فرقعة إعلامية”، ليأتي من وراءها كسب مادي.

 

العجيب في الأمر أن غالبية الناس رغم رؤيتهم لما تقدمه تلك الصحف من أخبار مضللة وكاذبة كل يوم، إلا أنهم يسيرون وراء تلك الصحف، ويرفضون تكذيبها، هل لأنه تم تغييبهم فكريا من قبل تلك الصحيفة؟ أم لأنهم هم أنفسهم لا يريدون معرفة الحقائق ويفضلون التغييب؟

 

كان من الممكن أن نتقبل الأمر إلى حد ما، إذا ما اقتصر على الصحف فقط، وأن نضع لهم عذر أن الجمهور لم يعد يقرأ، بل اتجه إلى التلفزيون، لكن تبلورت المشكلة في الإعلام المصري بوجه عام، وإلى التلفزيون قبل الصحف ومواقعها الإلكترونية.

 

لذلك صدق ممدوح عدوان حينما قال:” الإعلام يكذب حتى في درجات الحرارة”، لأن لم يعد هناك استثناء، برامج التلفزيون، أصبحت أسوء من الصحف، في التضليل والتغييب، ولم تعد تقدم شيء يمكن ذكره، سوى برامج يقدمها فنانين.

 

فالمشاهد ينتهي من مشاهدتهم في الدراما، ليبدأ يشاهدهم في برنامج على قناة أخرى، أما الإعلام ودوره في التثقيف والتوعية انقرض، ليترك لنا شاشة محتواها ينقسم إلى قسمين، الأول دراما يجب تخضع كاملة للرقابة، والثاني برامج غير قابلة للمشاهدة.

 

يقول أحمد مطر:”الفئة الوحيدة التي تتمتع بحرية النشر في الوطن العربي هي فئة النجارين”، قد تكون هذه الكلمات صحيحة من قبل، أو حتى في بعض الدول، لكن في مصر فالمتابع لتاريخ الصحافة والإعلام المصري، يعرف أن الوضع يختلف تماما، وأكبر دليل على ذلك هو قول نجيب محفوظ السابق.

 

لكن للأسف إذا تحدث أحد حول وجود رقابة على بعض الصحف والبرامج، حول ما يقدمونه من محتوى كاذب، سيظهر كل مدعين الحرية، ليقولوا أن ذلك يقضي على حرية الفكر والتعبير عن الرأي.

 

لكن عفوا، نشر الأخبار الكاذبة وترويج الشائعات، لا يندرج في أي قانون أو عرف تحت قضية حرية التفكير والتعبير عن الرأي، لكن يمكنك قول ذلك إذا ما اعترضك أحد في التعبير عن رأيك حول قضية ما، هذا فقط لا أكثر.