هل ندم مصطفى محمود على ترك “الحرافيش”؟

هل ندم مصطفى محمود على ترك “الحرافيش”؟

هل ندم مصطفى محمود على ترك “الحرافيش”؟

قد تتعجب للجمع بين اسم دكتور مصطفى محمود مع اسم رواية الحرافيش، في عنوان واحد، وما العلاقة بين الاثنين.

قد يخيل إليك أن الحديث التالي سيكون عن رواية “الحرافيش”، لنجيب محفوظ، لكن لا فالحديث عن الحرافيش الحقيقيين.

فالحرافيش هنا ليس المقصود بها هو الرواية، بل أشخاص، وعلى رأسهم اثنين من العظماء أمثال نجيب محفوظ ومصطفى محمود.

من هم الحرافيش؟

“الحرافيش”، هي كلمة تركية الأصل، تعني الصعاليك أو أبناء الشعب البسطاء، أطلقها أحمد مظهر على شلته هو ونجيب محفوظ بعد الإنضمام إليها.

والذين انقسموا إلى..

أعضاء دائمين..
مثل أحمد مظهر وتوفيق صالح وعادل عفيفي وبهجت عثمان وصبري شبانة وإيهاب الأزهري.

وأعضاء غير دائمين..
مثل دكتور مصطفى محمود وصلاح چاهين ولويس عوض وثروت أباظة ومحمد عفيفي وأحمد بهاء الدين.

وقد أطلق أحمد مظهر ذلك الاسم عليهم لجلساتهم المستمرة في مقاهي زقاق المدق، من قشتمر والفيشاوي وعرابي، وغيرهم.

ليتمرد عليهم بعد ذلك، دكتور مصطفى محمود، دون سابق إنذار، ويثور عليهم.

لماذا ترك الحرافيش..

يقول نجيب محفوظ في حواره مع رجاء النقاش: في دائرة الحرافيش تعودنا على الأعضاء غير الدائمين، الذين يواظبون لفترة من الزمن، ثم ينقطعون.

مثل صلاح چاهين الذي انقطع عنا بعد زواجه بالسيدة منى قطان، و”مثلما انقطع الدكتور مصطفى محمود بعد أن دخل في دور الدروشة”.

إذا سبب تمرد دكتور مصطفى محمود وثورته نحوهم تكمن فيما طرأ عليه من فكر جديد.

كيف ثار عليهم..

بعد تركه لجلسات الحرافيش بالقهاوي، واختفاؤه عنهم لفترة، ظهر ليعلن رأيه في عدد من أفراد شلته السابقة.

مثل نجيب محفوظ ومحمد عفيفي، وغيرهم الكثير من قامات الفن والأدب والسياسة، مثل عبدالحليم وأم كلثوم وستالين وجمال عبدالناصر، من خلال كتابه المسيخ الدجال.

وذلك من خلال كتبه مثل كتابه زيارة للجنة والنار، وأيضا كتابه المسيخ الدجال.

المسيخ الدجال..

الذي كتب فيه دكتور مصطفى محمود كيف قابل عدد من الشخصيات التي ستخلد في النار، وغيرهم في الجنة، ورأيه فيمن سيدخل منهم النار أو الجنة.

ردود الفعل..

بعدما ظهر الكتاب للعلن، ثار عليه بالفعل بعض أفراد شلته، وأبرزهم محمد عفيفي، الذي كتب عنه مقال نقدي لاذع.

لكن مع ذلك لم يرد نجيب محفوظ على ما وجه إليه من نقد، وظل يعتبره عضو من الأعضاء غير الدائمين.

حول ما قاله مصطفى محمود..

انتقد عدد كبير جدا ذلك التصرف، حتى بعد ما أدركوا ما حل به من تخبط فكري، لتظهر كتبه التاليه عن الإيمان والتوحيد  والوجود وغيرها.

ولكن رغم ذلك لا يزال لم يسلم من حديث البعض حتى الآن، عندما يقرأون تلك الكتب.

لنحسم ذلك الجدل..

كل كاتب أو أديب له ما نراه منه على الورق، وهو ما أوضحه بنفسه حين قال في كتابه المسيخ الدجال، “لا تحاسبونني على أنني عالم دين بل على أنني أديب”.

بالفعل ليس من حق أحد أن يحكم على غيره، خاصة إذا كان الحكم متعلق بالغيبيات، مثل دخول الجنة والنار، لكن أيضا ليس من حق أحد أيضا أن يتحكم في آراء غيره.

لذلك فمن ينتقد ما كتبه من رأي فيمن حوله من أدباء، ينتقد نفسه أولا لتحكمه في رأي غيره.

ومن هنا دعنا نتفق أيضا أن شخصية دكتور مصطفى محمود غير قابلة للعرض بشكل نسبي لدى الكثير.

لأن ما ستلاحظه أن كل من يحبوه، يكنون له الحب بشكل مطلق، ليس فيه نوع من النسبية، وكذلك من يبغضوه.

وبالنسبة لي، تاريخ شخصية عظيمة مثل شخصية مصطفى محمود يسمح له بالفعل أن يكتب رأيه في غيره من الكتاب والأدباء بالشكل الذي يريده.

لأنه كما قال يكتب كأديب وليس كعالم دين.

نجيب محفوظ ومصطفى محمود..

يبقى لنا في نهاية ذلك الحديث حول ذلك، ما يتبادر إلى أذهاننا من هذه الأسئلة..

كيف كانت شكل العلاقة بين كل من مصطفى محمود ونجيب محفوظ في نهاية كل منهما؟
والسؤال الأهم.. هل ندم مصطفى محمود على ترك “الحرافيش”؟

الإجابة على تلك الأسئلة تكمن في الآتي..

عند سؤال دكتور مصطفى محمود عن نجيب محفوظ قال:” هو عاصمة الأدب.. ويكفي له تواضعه وإخلاصه ودأبه، فلا يوجد من خدم الرواية مثله”.

“كما أن نجيب أيضا له ميزة، في أن شخصياته اكتست لحم ودم وبدأت تسعى بين الناس، فعاشت شخصياته داخل البيوت، وهذا ما لن تجده في أي أديب آخر”.

“ملحوظة أخرى حوله، وهي مصريته، فجذوره مصرية صميمة، لدرجة تشعر معها أنك بباب الخلق، والسكاكيني وزقاق المدق، وتشم معه رائحة العطارة”.

بالنسبة نجيب محفوظ..

جاء كلامه لرجاء النقاش كما يلي.. “لم تخلو مرحلة في حياتي من الصداقة، لكن في العباسية تكونت أول شلة في حياتي”.

“إذا كان بين الأصدقاء من يمكن أن يزعجك أو يسبب متاعب، ففي إمكان الأديب أن يتغلب على هذه المصاعب بسهولة”.

هاني جنيدي: سعيد لكوني أول رسام بالملح في الوطن العربي