هل يعد الاكتئاب مرض ؟

هل يعد الاكتئاب مرض ؟

الاكتئاب، ليس أمرًا سهل التخلص منه، ويعرف بأنه الاضطراب الاكتئابي الحاد (Severe depression disorder)، أو الاكتئاب السّريري .

الاكتئاب

 

وهو مرض يصيب النفس والجسم ويؤثر على طريقة التفكير والتصرف، ومن شأنه أن يؤدي إلى العديد من المشكلات العاطفية والجسدية، حيث أنه يُعد أحد أكثر الأمراض المنتشرة في العالم، وعادةً لا يستطيع الأشخاص المصابون بمرض الاكتئاب الاستمرار بممارسة حياتهم اليومية كالمعتاد، إذ إن الاكتئاب يُسبب لهم شعورًا بانعدام أية رغبة في الحياة.

قد يصيب الاكتئاب جميع الفئات العمرية حيث إنه لا يقتصر على عمر أو جنس أو عرق أو فئة محددة، لكن تشير بعض الإحصائيات أن النساء الذين تم تشخيص مرض السرطان لديهم أكثر من الرجال؛ ذلك يعود لأن النساء يبحثن عن العلاج بشكل أكبر من الرجال.

أعراض مرض الاكتئاب

أعراض الاكتئاب مختلفة ومتنوعة؛ لأن الاكتئاب يظهر بأشكال مختلفة عند مختلف الأشخاص، مثلًا: قد تظهر أعراض الاكتئاب لدى شخص عمره 25 سنة بشكل مختلف عن تلك التي تظهر عند شخص عمره 70 سنة.

كما قد تظهر لدى بعض المصابين بمرض الاكتئاب أعراض حادة جدًا إلى درجة واضحة تشير بأن شيئًا ما ليس على ما يرام، وقد يشعر آخرون بأنهم مساكين بشكل عام، أو بأنهم ليسوا سعداء دون أن يعلموا سببًا لذلك.

تشمل أعراض مرض الاكتئاب ما يأتي:

فقدان الرغبة في ممارسة الفعاليات اليومية الاعتيادية، الإحساس بالعصبية والكآبة، الإحساس بانعدام الأمل.

نوبات من البكاء بدون أي سبب ظاهر،اضطرابات في النوم، صعوبات في التركيز، صعوبات في اتخاذ القرارات، زيادة أو نقصان الوزن بدون قصد، عصبية، قلق وضجر.

أسباب وعوامل خطر مرض الاكتئاب

ليس معروفا حتى الآن السبب الدقيق الذي يؤدي إلى ظهور الاكتئاب، لكن كما الحال بالنسبة إلى الأمراض النفسية الأخرى هو أن العديد من العوامل البيوكيميائية والوراثية والبيئية يمكن أن تكون المسبّب لمرض الاكتئاب، من بينها:

 عوامل بيوكيميائية

استخدام التصوير بتقنيات حديثة ومتطورة دلّ على حصول تغيرات فيزيائية في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض الاكتئاب، وليس معروفًا ما هي هذه التغيرات تحديدًا ودرجة أهميتها، لكن استيضاح هذا الأمر من شأنه أن يُساعد في النهاية على تعريف مسببّات الاكتئاب وتحديدها.

من المحتمل أن المواد الكيميائية الموجودة في دماغ الإنسان بشكل طبيعي والتي تدعى الناقلات العصبية لها علاقة بالمزاج وتلعب دورًا بالتسبب بمرض الاكتئاب، كما أن خللًا في التوازن الهرموني في الجسم من شأنه أن يكون سببًا في ظهور الاكتئاب.

عوامل وراثية

إن ظهور الاكتئاب هو أكثر انتشارًا لدى الأشخاص الذين لديهم أقرباء بيولوجيون مصابون بمرض الاكتئاب، ولا يزال الباحثون يحاولون الكشف عن الجينات ذات العلاقة بالتسبب بمرض الاكتئاب.

عوامل بيئيّة

تعد البيئة بدرجة معينة مسببًا لظهور الاكتئاب، العوامل البيئية هي أوضاع وظروف في الحياة من الصعب مواجهتها والتعايش معها مثل: فقدان شخص عزيز، ومشكلات اقتصادية والتوتر الحاد.

أسباب أخرى

السبب الدقيق لظهور الاكتئاب ليس معروفًا، لكن يُوجد العديد من العوامل التي يبدو أنها تزيد من خطر الإصابة بمرض الاكتئاب أو تسبب تفاقمه، ومن بينها:

حالات انتحار في العائلة،مزاج اكتئابي في فترة الصباح، أمراض مثل: السرطان، أو أمراض القلب، أو الزهايمر، أو الإيدز.

تناول مستمر لفترة طويلة لأدوية معينة مثل: أدوية من نوع معين لمعالجة ارتفاع ضغط الدم، وحبوب منومة، وحبوب منع الحمل في بعض الحالات.

مضاعفات مرض الاكتئاب

الاكتئاب هو مرض صعب وعصيب وقد يشكل عبئًا ثقيلًا على الأفراد وعلى العائلات، والاكتئاب الذي لا تتم معالجته قد يتفاقم ويتدهور إلى حد العجز والاعتماد على الغير بل وحتى الانتحار، كما من شأن الاكتئاب أن يؤدي إلى مشكلات عاطفية، وسلوكية، وصحية، وقضائية، واقتصادية حادة تؤثر على كل مجالات الحياة المختلفة.

تشخيص مرض الاكتاب

الانتحار، الإدمان على الكحول، الإدمان على مواد مخدرة، القلق، أمراض قلب وأمراض أخرى، مشكلات في العمل أو في التعليم، مواجهات داخل العائلة، صعوبات في العلاق

يطرح الأطباء والمعالجون أسئلة حول المزاج والأفكار خلال اللقاءات العلاجية الاعتيادية، أحيانًا يُطلب من المريض أن يعبئ استمارة أسئلة تساعدهم في الكشف عن أعراض الاكتئاب.

حين يشك الأطباء بكون المريض مصابًا بمرض الاكتئاب يقومون بإجراء سلسلة من الفحوصات الطبية والنفسية، تُساعد هذه الفحوصات على تقليل إمكانية وجود أمراض أخرى من شأنها أن تكون سببًا للأعراض تساعد على التشخيص والكشف عن مضاعفات أخرى تتعلق بالحالة.

فحوصات لتشخيص الاكتئاب

تشمل الفحوصات ما يأتي:

الفحص الجسدي، الفحوصات المخبرية، التقييم النفسي.

معايير لتشخيص الاكتئاب

تقييم الطبيب أو المعالِج النفساني يُساعد في تحديد ما إذا كانت الحالة هي مرض الاكتئاب الحاد أو أحد الأمراض الأخرى التي تذكّر بمرض الاكتئاب الحاد أحيانًا، ومن بينها:

اضطراب الأحكام: رد فعل عاطفي حاد على حدث مؤلم في الحياة، وهو مرض نفسي يرتبط بالتوتر النفسي، ومن شأنه أن يؤثر على العواطف، والأفكار، والسلوك.

الاضطراب ثنائي القطب: وهو الذي كان يسمى سابقًا الذهان الهوسي الاكتئابي، يتميز هذا النوع من الاضطراب بمزاج متقلب من النقيض إلى النقيض.

اضطراب المزاج الدوري: وهو أحد أنواع اضطراب الإحكام.

الاكتئاب الجزئي: هو مرض أقل حدة وصعوبة، لكنه مزمن أكثر من الاكتئاب.

اكتئاب ما بعد الولادة: هو اكتئاب يظهر عند بعض النساء بعد ولادتهن أطفالًا جدد، وهو يظهر عادةً بعد شهر من الولادة.

الاكتئاب الذهاني: هو اكتئاب حاد وصعب ترافقه أعراض وظواهر ذهانيّة، مثل: الهلوسة.

الاضْطِرابٌ الفصامي العاطفي: هو مرض يشمل مميزات وأعراض مرض الفصام واضطرابات المزاج.

اكتئاب الشتاء: هذا النوع من الاكتئاب مرتبط بتغير الفصول وبالتعرض غير الكافي لأشعة الشمس.

علاج مرض الاكتئاب

ثمة حالات يكون فيها الاكتئاب صعبًا جدًا لدرجة تحتم على الطبيب أو على شخص قريب من المريض متابعة علاج الاكتئاب ومراقبته عن كثب حتى يسترد المريض عافيته ويصل إلى وضع يستطيع فيه أن يشارك بفاعلية، في عملية اتخاذ القرارات.

التعامل مع الاكتئاب

يتعامل غالبية العاملين في مجال الصحة مع الاكتئاب كمرض مزمن يتطلب علاجًا طويل المدى كما يتم التعامل مع مرض السكري أو مع ارتفاع ضغط الدم، حيث أن بعض المصابين بمرض الاكتئاب يتعرضون لفترة واحدة من الاكتئاب فقط، لكن لدى غالبية المرضى تتكرر أعراض الاكتئاب لديهم وتستمر مدى الحياة.

التشخيص والعلاج السليمين يمكن أن يقللوا من أعراض الاكتئاب حتى لو كانت أعراض الاكتئاب حادة، فالعلاج السليم يمكن أن يحسن شعور المصابين بمرض الاكتئاب في غضون أسابيع معدودة ويمكـّنهم من العودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعية كما اعتادوا على الاستمتاع بها قبل الإصابة بمرض الاكتئاب.

قد يساعد طبيب الأسرة في معالجة الاكتئاب، لكن في حالات أخرى يكون هنالك حاجة للاستعانة بمعالِج نفسي مؤهّل لعلاج الاكتئاب مثل: طبيب نفسي، واختصاصي علم النفس، وعامل اجتماعي.

من المهم جدًا أن يكون للمريض دور فعّال في علاج الاكتئاب فبالتعاون والعمل المشترك يستطيع الطبيب أو المعالِج أن يقرر مع المريض نوع علاج الاكتئاب الأفضل والأكثر ملاءمة لحالة المريض.

 طرق علاج الاكتئاب

الأدوية تتوافر في الأسواق عشرات الأدوية لعلاج الاكتئاب، لذا يمكن التخفيف من أعراض الاكتئاب عن طريق الدمج بين الأدوية والعلاج النفسي، غالبية الأدوية المضادة لحالة الاكتئاب فعّالة وناجعة بنفس المقدار، لكن بعضها قد يُسبب أعراضًا جانبية حادة جدًا وخطيرة.

تشمل مراحل علاج الاكتئاب ما يأتي:

  1. الاختيار النموذجي الأول: يبدأ العديد من الأطباء في علاج الاكتئاب بواسطة الأدوية المضادة لمرض الاكتئاب المعروفة باسم مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الاختيارية.
  2. الاختيار النموذجي الثاني: مجموعة من مضادات الاكتئاب المعروفة باسم مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات.
  3. الاختيار النموذجي الأخير: مجموعة من مضادات الاكتئاب المعروفة باسم مُثَبِّطُات أُكسيدازِ أُحادِيِّ الأَمين.

جميع الأدوية المضادة لمرض الاكتئاب يمكن أن تسبب أعراضًا جانبية غير مرغوب فيها، والأعراض الجانبية تظهر بمستويات متفاوتة الشدّة عند مختلف المرضى، أحيانًا تكون هذه الأعراض الجانبية خفيفة إلى درجة لا تلزم التوقف عن تناول الدواء، كما قد تختفي أو تخف هذه الأعراض خلال أسابيع معدودة من بدء العلاج.

العلاج النفسي

يدعى العلاج النفسي أيضًا العلاج بالمحادثة أو الاستشارة أو العلاج النفسي الاجتماعي، أحيانًا يتم استخدام العلاج النفسي بموازاة العلاج بالأدوية وبالتزامن معه، العلاج النفسي هو اسم شامل لمعالجة الاكتئاب من خلال محادثات مع المعالج النفسي حول الوضع وحول الأمور المتعلقة به.