هوس العودة للماضي

هوس العودة للماضي

هوس العودة للماضي

أثناء تصفح “الفيسبوك”، قرأت سؤال يقول :”أليس من المضحك أن زماننا سيسمى في وقت ما بالزمن الجميل الطيب؟!”.

جذب ذلك السؤال انتباهي كثيرا، لأننا إذا تأملناه بشكل جدي سنجد أننا يجب أن نرثي أنفسنا على ذلك.

كيف سيتحول ذلك الكم الهائل من العنف والعدوانية بين البشر إلى زمان طيب.

ليس هذا فقط، لأنه إذا ما كان ذلك سيصبح الزمان الطيب الجميل، فكيف سيكون شكل المستقبل.

أو بمعنى آخر.. كيف سيكون الناس في الحاضر، وكيف ستكون أخلاقهم؟! بالفعل كلها أسئلة تدعو للحيرة والشفقة.

نحن الآن..

في عصرنا هذا يشتاق الكثير منا لرؤية الماضي والعودة إليه، لاشتياقنا أحيانا لرؤية حياة أباؤنا وأجدادنا كيف كان شكلها، أو لأسباب أخرى كثيرة.

فعندما نرى أية صورة أو أغنية قديمة تجعلنا في حالة من البهجة، وتأخذنا معها لعالم آخر.

كل ما هو قديم جميل..

مؤمنين إيمان تام بالمقولة الشهيرة “كل ما هو قديم جميل”، وبالفعل يزداد الاشتياق لدى البعض عندما يرون صورة قديمة لمكان أو أشخاص.

أو أشياء من قبيل التليفزيون الأبيض والأسود والراديو والتليفونات القديمة.

ولكن لماذا..

الكل دائما يرى الماضي أجمل، وأن واقعه صعب، وكم يتمنوا لو أنهم ولدوا في الماضي.

معتقدين أن كل ما في الماضي جميل، لكن للأسف هذا ليس صحيح، فالماضي كله ليس جميل، كما أن الحاضر أيضا ليس كله جميل.

نظرة على الماضي..

فإذا نظرنا للماضي بكل ما فيه، سنجد أن حياتنا الآن بالفعل أصبحت أفضل وأسهل كثيرا عما سبق.

لك أن تتأمل طرق ووسائل التواصل بين الحاضر والماضي، تأمل كم الأخبار التي تحصل عليها في الساعة الآن، والأخبار في السابق.

الماضي جميل، لكن أيضا لكل زمان عيوب ومميزات، فما نراه الآن سيئ، سيصبح فيما بعد زمان تتمنى الأجيال المقبلة لو عاشت فيه.

حنين..

وهناك أيضا من رأوا الماضي وعاشوه وكانوا يظنون وقتها أن حياتهم شاقة، وتمنوا لو تغيرت حينها، لكنهم الآن يتمنوا لو يعود بهم الزمن.

ترى لماذا..

هل لأنهم يحنون لحياتهم القديمة مع أهلهم وأصدقاءهم، ولأنهم يحنون لفترة صباهم

وكما يقول محمود درويش أن :”الأماكن لا تساوي شيئا وهي خالية ممن نحب”، أم ماذا؟!

لا أعتقد ذلك السبب الوحيد أو على الأقل ليس السبب الرئيسي، على الأغلب هناك سبب أعمق من ذلك، وغالبا هو ما نعيشه الآن من سفه وانحدار مباديء وأخلاق.

ختاما..

الماضي والحاضر كلاهما ليس سيئ، وكلاهما جميل أيضا، لكن ما حدث كالآتي..

أننا تركنا الكثير جدا من مبادئنا وقيمنا مع ماضينا، لنعيش الحاضر بشكل متحضر، نحن نراه جميل بسبب الأشخاص.

لأننا إذا تأملنا سبب كرهنا للحاضر سنجد أن السبب الرئيسي سيتمثل في تصرفات الأشخاص، وليس في أشياء مادية ملموسة.

فكل جيل هو من يصنع ماضيه وحاضره ومستقبله، ليأتي جيل آخر من بعده يتمسك بما ترك أو ينقلب عليه.

لماذا رفض أرثر شوبنهاور الجدل مع هؤلاء؟!