حقائق خلف الستار .. نماذج من مشكلات وخبايا المجتمع الشرقى

حقائق خلف الستار .. نماذج من مشكلات وخبايا المجتمع الشرقى

بقلم/ أمانى محمد فهمى

الحقيقة الأو لى :

عندما نتأمل ما يحدث حولنا نجد أن الكثيرين يجيدون ارتداء الأقنعة لإخفاء حقيقتهم خلف ستار من التصرفات والأقوال وحتى الضحكات المزيفة ، وترسخت هذه الحقيقة بفعل ثورة الإتصالات وظهور مواقع التواصل الإجتماعى التى جعلت من الزيف دستورا” لكل مرتاديها ، فنظرة واحدة على 50% أو ربما أكثر من المادة المعروضة على هذه المواقع تثبت بما لايدع مجالا” للشك حجم الغش والزيف الذى تمتلىء به ، فالحسابات المزورة أو الوهمية تكاد تكون مساوية فى عددها للحسابات الحقيقية أو ربما أكثر ، وعدد الصفحات التى تتعمد إثارة القارىء بعناوين جذابة فقط بلا أى مضمون أو محتوى حقيقى جعلت هذه المواقع مثل مكب النفايات يستطيع أى شخص أن يلقى فيه مايشاء بلا حسيب أو رقيب .

وحدث ولا حرج عن الشائعات وفبركة الصور المنتشره كالنار فى الهشيم ، والملفت أن ثقافة الزيف المستوحاه من ثورة الإتصالات وأحد أهم مساوئها الكبرى قد أدت إلى انفراط عقد التواصل الإجتماعى وهو الحق الذى يراد به باطل ، أو بمعنى أدق الجدار الذى يختبىء خلفه أصحاب الغرض الحقيقى من هذه المواقع والتى بفضلها أصبحت هذه الكلمة فارغة من المضمون ولا محل لها من الإعراب ، لذا يجب على الدولة أن تنقذ ما يمكن إنقاذه وتتدارك ما تبقى من تواصل مجتمعى بإصدار تشريعات تحد من الآثار السلبية المدمرة للسوشيال ميديا على وحدة وتماسك المجتمع .

الحقيقة الثانية :

العلاقة المعقدة بين الرجل والمرأة تموج بحقائق كثيرة القليلون فقط هم الذين يستطيعون إقتحامها ، لأنها تختفى وراء ستار غليظ من العادات والتقاليد البالية ، ولن أتعرض فى هذا المقام لقضية المساواة التى قتلت بحثا” فبعد العديد من التجارب الشخصية وغير الشخصية تولدت لدى قناعة بفشل هذه الفكرة ، ولا أتحدث هنا عن المساواة فى الحقوق والواجبات فهذا شىء بديهى ولا مجال فيه لوجهات النظر .

لكن المساواة التى أرفضها لها معنى أعمق وأشمل من مجرد الإقتصار على مفهوم الحق والواجب ، فمثلا” فكرة العطاء لا يمكن المساواة فيها أبدا” بينهما فالمرأة عموما” تعطى عطاء غير مشروط وأحيانا” كثيرة بلا مقابل ، والصدق فى المشاعر عندها قاعدة وليس استثناء وذلك على عكس الرجل تماما” الذى ينظر للمرأة على أنها مجرد هدف يسعى للوصول إليه فقط ، وبمجرد بلوغه لهذا الهدف يحدث له التحول الجذرى المفاجىء ليصبح شخصا” أخر بكل ما تحمله الكلمة من معنى و يتعامل بكل القسوة والعنف ويتنكر لكل شىء !!!!!!!!!!!!! ولا يعبأ إطلاقا” بمشاعر الطرف الأخرتاركا” كل ما وراءه بدون أدنى إحساس بالذنب ليبحث عن هدف جديد أو بالأحرى فريسة جديده تماما” كالحرباء التى تتلون وتغير جلدها مئات المرات حتى تستطيع التنقل بحريه بين الفرائس ، وهذا ما نستطيع أن نطلق عليه بكل أريحيه دورة حياة الرجل الشرقى .

لذلك يجب على كل امرأة أن تعلم جيدا” أن إعطاء الثقه والأمان لأى رجل بلا أى ضمانات هو درب من الجنون ستدفع ثمنه غاليا” إن لم تدرك هذه الحقيقة ولا تعطى أى شىء إلا بعد أن تتأكد تماما” أنها ستأخذه أضعافا” مضاعفة ، ولكن هل معنى هذا أنه لا يوجد إستثناءات ؟؟ نعم بالطبع هناك بعض الإستثناءات لكنها الإستثناءات التى تؤكد القاعدة ولا تكاد تذكر لفرط قلتها ، ومع ذلك لن نقع فى خطأ التعميم فلا نستطيع بأى حال أن نصدر أحكاما” مطلقة على أمور نسبية ، فالوفاء والإخلاص والغدر والخيانة كلها أمور تختلف بين شخص وأخر بحسب ظروف النشأة والطبائع الشخصية لكل إنسان رجلا” كان أو امرأة .

الحقيقة الثالثة :

حقيقة أخرى نهرب منها ولا نريد أن نعترف بها وهى العيوب الكامنة فى الشخصية المصرية خاصة” والشخصية العربية والمجتمع الشرقى بشكل عام ، فدائما” نتفاخر بالحضارة والتاريخ وكيف استطاع الإنسان المصرى أن يبنى كل هذا المجد على مدار آلاف السنين ، وكل هذا حقيقى لكننى لا أعرف لماذا دائما” وعن عمد نتغافل عن عيوب هذه الشخصية التى صنعت كل هذا التاريخ ، ولا أجد غضاضة أبدا” فى إظهار هذه العيوب وتسليط الضوء عليها دون خجل أو مواربه ، فالإعتراف بالمشكلة هو الخطوة الأولى لحلها .
ولن أتطرق إلى العيوب التقليدية التى تفاقمت خصوصا” فى الثلاث عقود الأخيرة كالسلبية ، الفهلوة ،عدم إتقان العمل والإتكالية ناهيك عن انتشار سلوكيات غاية فى الإبتذال والإنحطاط إنعكست إنعكاسا” خطيرا” على طبيعة الشخصية المصرية وأحدثت بها تغيرا” جذريا” إلى الأسوأ بالطبع ، فكل ماسبق من عيوب مرتبط إرتباطا” وثيقا” بتغيرات العصر ومرور الزمن وتغير الثقافة نتيجه للتطور الهائل الذى حدث منذ بدء الألفية الثالثة بفعل ثورة الإتصالات ، وأريد أن أتحدث هنا عن عيوب من نوع أخر أكل عليها الدهر وشرب ولازالت كما هى لم تتغير ، فعلى سبيل المثال هناك معتقد يجرى فى عقول المصريين مجرى الدم ألا وهو “الرجل لا يعيبه شىء” ، والمشكلة ليست فى المعتقد ذاته فحسب ، لكن المشكلة الحقيقية تكمن فى فكرة التمسك بهذه المعتقدات كواحد من أخطر عيوب الشخصية المصرية ، تماما” كمن يصنع الخرافات والأكاذيب ويستمر فى ترديدها وترويجها حتى تصبح حقيقة واقعة رغم أن من صنعها يعلم علم اليقين بعدم صدقها ، مما يستوجب معه القيام بعمل حقيقى يزلزل ويهز أركان هذه المعتقدات تحت أقدام صانعيها .
وليس هذا بالأمر السهل بطبيعة الحال فنحن أمام أفكار وثقافة ضاربة بجذورها فى العقول والقلوب منذ مئات بل آلاف السنين ، لكنه ورغم ذلك لابد أن ندرك أن اقتلاعها ليس مستحيلا” والفن هو أحد أهم الأسلحة الفتاكة التى لابد من استخدامها وتوظيفها توظيفا” جيدا” لمحاربة مثل هذه المعتقدات والقضاء عليها قضاء” مبرما” ، سواء كان دراما أو أغنية أو سينما أو مسرح أو فن تشكيلى … إلخ فهو الوسيلة الأسرع فى الوصول إلى عقل ووجدان المتلقى باعتبار أن الوظيفة الرئيسية للفنون بشكل عام هى تغيير الواقع وتشكيل الرأى العام وليس مجرد نقلة فقط كما يفعل الكثير من القائمين على هذا المجال حاليا” بكل أسف الذين حولوا الفن من رسالة إلى تجارة ومهنة من لا مهنة له .
لذلك فمن المحتم أن يعود الفن لدوره الأساسى عندما كانت أغنية واحدة تساوى مجهود وزارة كاملة فى 3 سنوات كما قال الزعيم الراحل “جمال عبد الناصر” ، فهو كما قلت الوسيلة الأكثر تأثيرا” فى نسف أفكار ومعتقدات وثقافات عفا عليها الزمن ولم تعد تصلح لهذا العصر ،لإحلال أفكار وثقافات أخرى جديده تتناسب مع ما نعيشه اليوم من تطور فى جميع مجالات الحياة ، ولكن الحديث عن الوضع المتردى الذى آل إليه الفن المصرى حاليا” رغم بعض المحاولات الجادة مثل فيلم “الممر” ومسلسل “الإختيار” لكنها تبقى محاولات قليلة وسط طوفان من الفن الهابط هو حديث ذو شجون كما يقال و قضيه أخرى سوف أتحدث عنها لاحقا”.